إقليم متأزم وهجمات سيبرانية.. الجزائر تستنفر ضد "حروب الجيل الجديد"
كثّفت الجزائر في الأيام الأخيرة تحذيراتها وتحركاتها مما أسمته "تعرضها لحرب إلكترونية مهيكلة" تنطلق من 5 دول أجنبية لم تحددها.
والأربعاء، حذر قائد أركان الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة من "استراتيجيات التأثير على الإدراك الجماعي ومن حروب الجيل الجديد" التي قال إن بلاده من بين الدول التي تستهدفها.
- بالسلمية ويقظة الأمن.. الجزائر تُفشل إرهاب الإخوان بذكرى الحراك
- حراك الجزائر.. إحباط مخطط إخواني لاستهداف المتظاهرين
وربط هذا النوع من الحروب الحديثة بتأزم الوضع الإقليمي في بعض الدول المجاورة للجزائر، خصوصاً في ليبيا ومالي، وتحدث عن "تداعيات محتملة لتلك الأزمات على أمن واستقرار الجزائر".
جاء ذلك خلال إشراف الفريق شنقريحة على ملتقى بعنوان "حروب الجيل الجديد.. تحديات وأساليب جديدة" بمقر المدرسة العليا الحربية بمحافظة البليدة (وسط).
وتميز الملتقى بحضور رسمي كبير وغير مسبوق، إذ شارك فيه أيضا وزراء الخارجية والداخلية والعدل والإعلام، وكذا قادة القوات البرية والبحرية والجوية والدرك الوطني وقائد الناحية العسكرية الأولى، وضباط بوزارة الدفاع الجزائرية، وباحثون ومختصون في مجالي الإعلام والأمن السيبراني.
قائد الجيش الجزائري حذر في كلمته من حروب الجيل الجديد التي قال فيها إن "لها أسلوبها الخاص، فهي تستهدف المجتمعات، وتقوم على الدعاية والدعاية المضادة، من خلال تبني استراتيجية التأثير على الإدراك الجماعي بغرض التلاعب بالرأي العام لمواطني الدولة المستهدفة، وتوجيه سلوكياتهم ونمط تفكيرهم، دون أن تعلن عن نفسها، ودون أن يكون لها عنوان واضح أو تأثير مكشوف".
وأوضح بأن غايتها "إجهاد النظام القائم، وتفكيك الدولة الجزائرية من الداخل، باتباع خطوات طويلة الأمد، وباستعمال أدوات ووسائل مختلفة، معلوماتية، اقتصادية، اجتماعية وعسكرية".
مضيفاً أن "إفرازات العولمة ساهمت في توسيع أشكال وأساليب تجسيدها، بهدف تضليل وتغليط مختلف فئات المجتمع، وتزوير الحقائق والضغط على الحكومات".
وحدد المسؤول العسكري الجزائري أهداف الملتقى الاستثنائي في مضمونه في "إبراز الدور المتنامي لحروب الجيل الجديد"، ودعا في المقابل إلى "تضافر جهود كافة الفاعلين من مؤسسات الدولة ومجتمع مدني ومواطنين، في تعزيز مقومات الدفاع الوطني، والقدرة على التصدي للمخاطر التي تعددت وتوسعت أبعادها، لتشمل كافة مجالات النشاط في الدولة والمجتمع".
وحذر الفريق السعيد شنقريحة في ختام كلمته من خطورة تداعيات الوضع الإقليمي على أمن الجزائر، وأوضح أن "التداعيات المحتملة على أمن واستقرار بلادنا، جراء تدهور الأوضاع الأمنية في محيطنا الإقليمي، والمحاولات الخبيثة والمتكررة، لضرب الانسجام الاجتماعي، تفرض على الجميع تعزيز أواصر الوحدة الوطنية".
حربا سيبرانية
يأتي ذلك في خضم "حالة استنفار إلكترونية" غير مسبوقة تشهدها الجزائر في الآونة الأخيرة، بعد أن كشفت عن تعرضها لما أسمته "حرباً إلكترونية مهيكلة وقذرة"، وتعهدت بمواجهتها.
وفي تصريحات صحفية، كشف عمار بلحيمر وزير الاتصال (الإعلام) والمتحدث الرسمي باسم الحكومة الجزائرية، عن أن الحرب الإلكترونية التي تستهدف بلاده "تنطلق من 5 دول عبر 7 شبكات بحسابات وصفحات مزيفة"، مفندا في السياق أن تكون التحذيرات الرسمية "نسجاً من الخيال ولا اجترارا لما يعرف بالعدو الخارجي" وفق تعبيره.
وأشار إلى أن الحرب الإلكترونية الأخيرة على الجزائر "تستهدف تشويه سمعة الجزائر والمؤسسة العسكرية وتعمل على التحريض ضد أمن ووحدة واستقرار وطننا" كما قال.
الوزير الجزائري حصر أسباب الهجمات الإلكترونية التي تستهدف بلاده "ضمن مخططات عدائية تستهدف استقرارها وانطلاقتها الاقتصادية الواعدة وعودة دبلوماسيتها الفاعلة، ومدى نضج ووعي الجزائريين في رص الجبهة الداخلية وعدم الانقياد لمخططات الحاقدين والمتربصين بالبلاد".
وكشف أيضاً عن جانب من العمليات الإلكترونية السرية التي تعرضت لها الجزائر أو كما قال "تهدف الجهات التي تقف ورائها إلى تحقيقها"، وتحدث عن "التخريب والتدمير عن طريق الدعاية والمعلومات المغرضة، بقصد تقويض أسس السلطة من خلال مهاجمتها وتشويه سمعتها في مجال القيم وتجريدها من الشرعية".
كما ربط تزايد منسوب الشائعات عبر منصات التواصل في الجزائر بما وصفه "الحرب الإلكترونية القذرة التي تستهدف البلاد".
واعتبر وزير الإعلام الجزائري بأن حجب موقع "فيسبوك" عددا كبير من الصفحات المزيفة التي تهاجم عدة دول بينها الجزائر "دليل على خطر الحرب الإلكترونية التي تتعرض لها"
كما قدم بلحيمر إحصائية أجرتها شركة "كاسبريسكي"، والتي أشارت إلى أن الجزائر من بين أكثر دول العالم "المهددة سيبرانياً بنسبة هجمات طالت 44 % من المستخدمين"، ووضعتها على رأس قائمة الدول العربية والـ14 عالمياً من حيث أكثر دول العالم التي تعرضت لهجمات إلكترونية.