الجزائر ترفض إقامة مراكز للمهاجرين غير الشرعيين على أراضيها
رئيس الوزراء الجزائري يكشف عن موقف الجزائر بخصوص الطلب الأوروبي لإقامة مراكز للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا.
أعلنت الجزائر عن موقفها الرسمي، رداً على دعوة الاتحاد الأوروبي لإقامة مراكز للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من الصحراء الكبرى في دول شمال أفريقيا.
موقف الجزائر كشف عنه الوزير الأول الجزائري، أحمد أويحيى، من العاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث يمثل الجزائر في القمة الـ31 لقادة دول الاتحاد الأفريقي.
وأكد رئيس الوزراء الجزائري "رفض بلاده القاطع" للطلب الأوروبي، قائلا في تصريحات صحفية: "لن نقبل بإقامة مراكز للمهاجرين غير الشرعيين على أراضينا، وموقف الجزائر حول هذا الموضوع عبر عنه من قبل وزير الخارجية عبدالقادر مساهل". وأشار في السياق ذاته إلى أن "الأوروبيين بصدد البحث عن مكان لإقامة مراكزهم".
ويأتي الرفض الجزائري للطلب الأوروبي بعد أيام فقط من الرفض الرسمي الذي عبرت عنه الحكومة المغربية، إضافة إلى تحذير الجيش الليبي من إقامة قواعد عسكرية أجنبية على الأراضي الليبية، للحد من عمليات الهجرة غير الشرعية، كما يزعم الاتحاد الأوروبي.
المشكلة ذاتها
وكان وزير الخارجية الجزائري، عبدالقادر مساهل، قد استبعد قبول الجزائر فكرة إقامة مراكز للمهاجرين السريين على أراضيها، معتبراً أن الجزائر تواجه المشكلة ذاتها.
وأضاف مساهل، في تصريحات لإذاعة "فرنسا الدولية": "نستبعد أن تفتح الجزائر أي منطقة احتجاز، حيث تواجهنا المشكلات نفسها، كما أننا نقوم بعمليات ترحيل وفقاً للترتيبات المتفق عليها مع البلدان الأصلية وبلدان العبور، وعندما يتعلق الأمر بالهجرة غير الشرعية علينا استيعاب الأمور بشكل جيد".
وعن الإجراءات الأوروبية الأخيرة، رد رئيس الدبلوماسية الجزائرية بالقول: "لا يهمني بصفة مباشرة ما يمكن للأوروبيين القيام به، فهذا شأنهم، وأعتقد أن لديهم ما يكفي من القدرات والوسائل والتطور لتسيير هذا النوع من الحالات".
- أكثر من 700 مهاجر سري جزائري ماتوا في أوروبا منذ 1994
- غرق 15 مهاجرا أفريقيا وإنقاذ 19 قبالة سواحل الجزائر
كما وصف مساهل تقارير المنظمات الدولية عن المهاجرين غير الشرعيين في الجزائر بـ"غير البريئة"، وقال "إن هذه الحملة يحاول البعض القيام بها ضد الجزائر، ونحن هادئون لأن كل ما نفعله في إطار القوانين، ونقوم به في ظل احترام الكرامة الإنسانية وفي إطار التشاور مع بلدان العبور".
ونشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، الأسبوع الماضي، تحقيقاً مطولاً عن وضعية الأفارقة اللاجئين بالجزائر. واتهم التقرير الجزائر بـ"التخلي عن أكثر من 13 ألف أفريقي في الشهور الـ14 الأخيرة، وتركتهم يواجهون مصيراً مجهولاً في الصحراء القريبة مع النيجر ومالي".
تقرير وكالة الأنباء الأمريكية قوبل باستهجان رسمي جزائري، وبعد وصف وزير الخارجية الجزائري التقرير بـ"غير البريء"، اعتبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ما جاء في التحقيق "مغلوطاً ولا صلة له بالحقائق على أرض الواقع".
ورجحت الرابطة الجزائرية أن "تكون هذه التقارير للضغط على الجزائر وابتزازها لإقامة قواعد عسكرية بها، ولإبرام اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول اللاجئين غير الشرعيين"، كما جاء في بيان الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان.
الخارجية الأمريكية تكشف الحقائق
في سياق متصل، خرج التقرير السنوي الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة الاتجار بالبشر "مناقضاً" لتقارير المنظمات الدولية وغير الحكومية "الأمريكية" والأوروبية عن وضعية اللاجئين الأفارقة بالجزائر.
واتهم التقرير شبكات التهريب وعصابات إجرامية بإدخال الرعايا الأفارقة إلى الجزائر، وقال "إن المهاجرين الذين يتعذر عليهم الوصول إلى أوروبا يستقرون بالجزائر حتى يتمكنوا من مواصلة رحلتهم".
- الجزائر.. 13 إرهابياً يسلمون أنفسهم للجيش خلال أسبوع
- محللون لـ"العين الإخبارية": تصريح واحد وراء إقالة مدير الأمن الجزائري
وكشف تقرير الخارجية الأمريكية حقائق كثيرة، من بينها "أن المهاجرين الأفارقة أصبحوا مدينين للمهربين الذين يستغلونهم لاحقاً في العمل القسري والاتجار بالجنس لدى وصولهم إلى الجزائر"، مضيفاً أن "النساء يقعن عرضة للاستغلال الجنسي والأعمال المنزلية بولاية تمنراست الجزائرية من قبل تلك العصابات إلى غاية تسديد تلك الديون".
كما أشار التقرير إلى "سيطرة زعماء بعض الإثنيات الأفريقية الذين يقومون بدفع ديون المهاجرين للمهربين، وثم يجبرونهم على العمل القسري وممارسة الدعارة".
ومن بين الحقائق الصادمة كذلك التي كشف عنها تقرير الخارجية الأمريكية، قضية "التسول باستخدام الأطفال". واتهم التقرير عائلات من النيجر "بتأجير أطفالهم للتسول في الجزائر". وقال "إن أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 4 و8 سنوات تم جلبهم إلى الجزائر عن طريق شبكات الاتجار بالبشر بموافقة أهاليهم، ويجبرون على التسول لعدة أشهر بالجزائر، قبل أن يعودوا إلى عائلاتهم في النيجر".
تقرير الخارجية الأمريكية خلص إلى أن الجزائر "تعد بلد عبور ومقصدا في آن واحد لكثير من المهاجرين من عدة دول أفريقية"، الذين يصلون إلى الجزائر دون وثائق، خاصة القادمين من مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، والكاميرون، وغينيا، وليبيريا، ونيجيريا.
ودعا التقرير الأمريكي الحكومة الجزائرية إلى معاقبة المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر. وأشار إلى التحقيقات التي باشرها القضاء الجزائري في السنوات الأخيرة التي تستهدف وضع حد لنشاط المتورطين في تجارة البشر، لكنه وصفها بـ"غير الكافية"، إضافة إلى كشفه عن اعتزام الجزائر وضع آلية قانونية لتحديد الضحايا وحمايتهم، وهو القانون الموضوع على مكتب الحكومة الجزائرية في انتظار التوقيع عليه.