وزير جزائري يدعو لإعادة بعث قانون "تجريم الاستعمار الفرنسي"
وزير قدماء المحاربين الجزائري يدعو البرلمان إلى إعادة بعث مشروع "قانون تجريم الاستعمار" الذي جمده بوتفليقة في 2010
دعا وزير المجاهدين الجزائري الطيب زيتوني (قدماء المحاربين)، الأحد، البرلمان إلى إعادة بعث مشروع "تجريم الاستعمار الفرنسي" الذي تم تجميده سنة 2010 من قبل الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة.
- الجزائر تهدد بمراجعة علاقاتها مع كافة مؤسسات الاتحاد الأوروبي
- محللون عن فتح فرنسا ملف تعذيب ثوار الجزائر: مناورة وخطوة متأخرة
وفي تصريح لوسائل إعلام جزائرية، كشف الوزير أن عدد الشهداء الذين قتلهم الاستعمار الفرنسي طوال فترة احتلاله الجزائر (132 سنة) فاقت 8 ملايين شهيد، مشيراً في السياق إلى استمرار الجزائر في إحصاء "الجرائم البشعة التي ارتكبتها فرنسا ولم ننتهِ بعد".
وعاد لملف الأرشيف "الجزائري المنهوب من قبل فرنسا"، حيث ذكر أن بلاده تسلمت 2% منها فقط، رغم وعود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإعادته.
ولم يكشف "زيتوني" تفاصيل أخرى عن توقيت إعادة طرح مشروع القانون أمام البرلمان الجزائري.
جاء ذلك بعد أيام فقط من إبلاغ السلطات الجزائرية رسمياً عبر وزير التربية (التعليم) عبدالحكيم بلعابد السفير الفرنسي كزافييه دريونكور عن قرار "إعادة النظر في العلاقات التعليمية بين البلدين" في خطوة مفاجأة وغير مسبوقة.
وأعلنت الوزارة الجزائرية في بيان لها، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، أن الطرفين "تناول جوانب التعاون الثنائي في مجال التربية، وأكد الوزير وجوب إعادة النظر في مجالات ومحاور وكيفيات التعاون الثنائي".
وسبق لنقابات تعليمية ونشطاء أن اتهموا وزيرة التعليم السابقة نورية رمعون بن غبريط بـ"تدمير المدرسة الجزائرية"، بعد تسرب معلومات عن مشاركة خبراء فرنسيين في إعداد ما سمي بـ"الإصلاح التربوي".
ويأتي تلويح الجزائر بورقة تجريم الاستعمار وإعادة النظر في الاتفاقيات التعليمية، في سياق أزمة دبلوماسية صامتة وصفها المراقبون بـ"الأكثر حدة في تاريخ البلدين"، على خلفية اتهام السلطات الجزائرية باريس عدة مرات بـ"محاولة خلط أوراق الأزمة السياسية عبر عملائها في الداخل من جناحي الدولة العميقة باختراق الحراك الشعبي والتخطيط للانقلاب على قيادة الجيش شهر مارس/آذار الماضي".
كما اتهمت السلطات الجزائرية نواباً فرنسيين بالوقوف وراء لائحة الإدانة الأخيرة التي أصدرها البرلمان الأوروبي يوم الخميس الماضي، في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، وعلى ما اعتبرها "اعتقالات تعسفية وغير قانونية للمتظاهرين"، وطالبت الجزائر بإطلاق سراحهم "فورا"، و"تغيير القوانين التي تحد من حرية المعتقد والصحافة" كما ورد في اللائحة.
"صراع الذاكرة" المتجدد
وسبق لمحللين وباحثين جزائريين أن أكدوا، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "النفوذ الفرنسي عاد بقوة في العشريتين الأخيرتين، بشكل بات له مشروع خاص بفرنسا سياسي واقتصادي وثقافي"، وأصبح مع بدء الحراك الشعبي "ذاكرة سيئة جديدة لفرنسا بالجزائر"، كما أطلق عليه مؤرخون جزائريون.
وسبق لمنظمة المجاهدين (قدماء المحاربين) أن طالبت في شهر يوليو الماضي بإعادة فتح ملف تجريم الاستعمار، كرد على القانون الذي سنّه البرلمان الفرنسي عام 2005 "الممجد للاستعمار الفرنسي بالجزائر".
واتهمت المنظمة، المعروفة بنفوذها في دواليب الحكم بالجزائر، باريس بـ"تزكية رؤساء سابقين للجزائر"، وبأنه كان لها "اليد الطولى في صناعة الرؤساء".
ومع نهاية عام 2009 وقّع 154 نائباً في البرلمان الجزائري على مقترح قانون لـ"تجريم الاستعمار"، في سابقة هي الأولى من نوعها، ويهدف إلى "تجريم ما اقترفته فرنسا من جرائم في حق الجزائريين طوال 132 سنة، ومطالبتها بالاعتذار وتقديم تعويضات مادية ومعنوية للضحايا، وتأسيس محكمة جنائية خاصة بتلك الانتهاكات، وربط مستقبل العلاقات بين البلدين بمدى اعتراف باريس بجرائمها".
ورفضت حينها حكومة أحمد أويحيى بطلب من الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة إحالة المشروع على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه، وفق تصريحات رئيس البرلمان آنذاك عبدالعزيز زياري لوسائل إعلام محلية.
وبرر المسؤولون الجزائريون تجميد طرح مشروع القانون لـ"دواعٍ دبلوماسية"، وأن الوقت غير مناسب لتمرير مقترح تجريم الاستعمار، والأمر مرتبط بالسياسة الخارجية" التي ينص الدستور الجزائري على أنها من "صميم صلاحيات رئيس الجمهورية".
بينما اتهم نواب في البرلمان الجزائري السلطات الفرنسية بالضغط على نظيرتها الجزائرية لتوقيف المقترح، مستدلين على ذلك بـ"الزيارات المكوكية لمسؤولين فرنسيين رفيعي المستوى كخطوة استباقية".
وتأكد ذلك، بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي الأسبق بيرنارد كوشنار إلى الجزائر سنة 2010، من خلال التصريح الذي أدلى به، وذكر فيه أنه "تلقى طمأنة من الجزائر بأن قانون تجريم الاستعمار لن يتم تمريره".
aXA6IDE4LjExOS4xNDIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز