نقابات الصحة في الجزائر تهدد بإضراب عام بسبب القانون الجديد
حالة من التوتر تضرب قطاع الصحة في الجزائر بسبب قانون جديد عرضه الدكتور مختار حسبلاوي وزير الصحة الجزائري، على البرلمان.
شهد قطاع الصحة في الجزائر حالة من التوتر بسبب القانون الجديد الذي عرضه الدكتور مختار حسبلاوي، وزير الصحة الجزائري، على أعضاء لجنة الصحة بالبرلمان.
نقابات وهيئات قطاع الصحة استقبلت القانون بالرفض، وقررت تشكيل "جبهة معارضة لتمرير مشروع قانون الصحة الجديد"، داعية إلى إشراكها في صياغة المشروع، ومؤكدة أن كثيراً من بنوده تعني خصخصة القطاع وإلغاء مجانية العلاج بشكل تدريجي، كما تفرق بين أطباء القطاعين العام والخاص، مع وجود مواد تصنف في خانة قانون العقوبات الذي يهدد الأطباء والممارسين "كما تصفه النقابات".
وزير الصحة الجزائري، دافع أمام اللجنة البرلمانية عن مشروع القانون المكون من 480 مادة و9 أبواب، واعتبر أن القانون القديم الذي صدر عام 1985 "قد تجاوزه الزمن ولم يعد يتجاوب مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع ومع التطورات التي طرأت على القطاع في السنوات الأخيرة".
ونفى حسبلاوي إلغاء مجانية العلاج، مؤكداً "المبادئ الأساسية التي يتمحور حولها القانون وفي مقدمتها مجانية العلاج التي تعد مكسباً لا يمكن التخلي عنها، مع تولي الدولة ضمان توفير كل الوسائل اللازمة لذلك".
وعن مسألة القطاعين العام والخاص، شدد الوزير الجزائري على أن الأمر يتعلق "بتقليص الفوارق الإقليمية في مجال الحصول على الخدمات، من خلال إحداث التكامل بين القطاعين العمومي والخاص".
الملفت أن مشروع قانون الصحة المثير للجدل في الجزائر، ما هو إلا قانون "قديم" سبق وأن طرحه وزير الصحة السابق عبدالمالك بوضياف على البرلمان العام الماضي في عهد رئيس الوزراء السابق عبدالمالك سلال، ليتم تجميده بعد الضغوط التي مارستها نقابات الصحة، ودخولها في إضراب وطني مفتوح، والذي تقرر تجميده بعد عرضه على مجلس الوزراء.
لكن الجديد في القانون هذه المرة، بحسب رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني محمد بو عبدالله، أن عرضه على البرلمان يعتبر "غير قانوني"، مؤكداً أن "عرض مشروع القانون على لجنة البرلمان يتطلب تمريره على مجلسي الحكومة والوزراء للمصادقة عليه قبل أن يصل إلى البرلمان، وهو ما لم يحدث".
نقابات الصحة الجزائرية طالبت بضرورة تدخل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، لوقف تمريره، وهو القانون الذي يضم أكثر من 40 مادة تفرض عقوبات بالسجن على الأطباء والممارسين "في حال وقوع أخطاء طبية"، مؤكدة أيضاً أن القانون "غامض وضبابي في تحديد المسؤولية الطبية".
وأشارت النقابات الجزائرية إلى أنه لم يتم إشراكها في إعداده، مطالبة بضرورة إجراء قراءة ثانية له لإجراء تعديلات عليه، ومن بين التعديلات التي تصر عليها ما يتعلق بالقطاعين العام والخاص، إذ تعتبر النقابات أن القانون الجديد يضمن "تفرقة بين الأطباء العامين والخواص في التسجيل بجدول العمادة"، إضافة إلى "تمويل القطاع الخاص على حساب العمومي"، واعتبرته مساهماً في "تدهور ظروف التكفل الصحي بالمريض ويزيد من تعقيد مهام الأطقم الطبية المعقدة أصلاً".
وفي الوقت الذي تبرأت فيه النقابات من القانون الجديد، قررت تشكيل جبهة لمعارضة تمرير والمصادقة على القانون في البرلمان الجزائري، مع التهديد بشل المستشفيات وإعلان اضراب وطني مفتوح والخروج في وقفات احتجاجية.
وفي حديثه مع بوابة "العين" الإخبارية، قال إلياس مرابط، رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية "إن المشروع عند صياغته لم يعرض على الشركاء الاجتماعيين الذين يعرفون كل النقائص الموجودة في القطاع، وعن مجانية العلاج هي فعلاً مهددة، لأن القانون يتحدث عن العلاجات القاعدية عن طريق الدفع، والتي تضمن الإلغاء التدريجي لمجانية العلاج".
وأشار إلى أن "العقوبات التي تضمنها مشروع القانون الخاصة بالأخطاء المهنية فإنها قانون جديد للعقوبات، والتي ستفتح المجال أمام تجريم الأطباء، وهو ما سيولد تخوفاً من المسؤولية، والأكيد أن هذا القانون سيزيد من استنزاف إطارات القطاع وهجرتها إلى خارج البلاد".
لم يقتصر الجدل حول القانون الجديد على نقابات الصحة، بل امتد إلى نواب البرلمان الجزائري، لا سيما مع تركيزهم على مسألة الإجهاض التي تضمنها القانون.
ونصت المادة 81 من القانون أنه: "عندما يثبت بصفة أكيدة عن طريق التشخيص ما قبل الولادة، أن المضغة أو الجنين يعاني مرضاً خطراً أو تشوهاً لا يسمح له بالنمو العادي، يجب على الطبيب المتخصص والأطباء المتخصصين في هذا المجال، وبالاتفاق مع الطبيب المعالج إعلام الزوجين بذلك، واتخاذ قرار طبي عاجل، بما تسمح به الظروف، غير أنه إذا كانت حياة الأم في خطر، يقرر إسقاط الطفل".
ورغم أن وزير الصحة الجزائري أكد إعداد هذه المدة سبقه "التقيد بموقف الشرع ونال موافقة القطاعات الأخرى المعنية، منها وزارة الشؤون الدينية"، إلا أن نواب المعارضة في البرلمان الجزائري أصروا على ضرورة أن يكون نص المادة مطابقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وإشراك رجال الفتوى والأخذ برأيهم حتى يكون النص مطابقاً للشريعة.