أسبوع الجزائر.. مصرع أطفال حرقا و"نهاية" رموز نظام بوتفليقة سجنا
وفاة أطفال حديثي الولادة و15 سنة سجنا لرموز النظام السابق وترشح أسماء ثقيلة لانتخابات الرئاسة أبرز أحداث أسبوع الجزائر.
تدافعت الأحداث خلال أيام أسبوع الجزائر المنتهي بشكل غير مسبوق، وتداخلت تفاصيلها بين مصير مفجع لأطفال حديثي الولادة، وآخر مثير للجدل لأكبر رموز نظام بوتفليقة بين السجن ورفع الحصانة والإبقاء عليها.
- أسبوع الجزائر.. عودة لمسار الانتخابات وقلق من العنف و"الهجرة السرية"
- أسبوع الجزائر.. استنفار تمهيدا للانتخابات وقبضة الحرس القديم تتزعزع
اهتزت الجزائر بكارثة وفاة 8 أطفال حديثي الولادة نتيجة حريق بمستشفى محافظة "وادي سوف"، تزامناً مع محاكمة تاريخية لأكبر رموز نظام بوتفليقة أفضت إلى النطق بعقوبات تصل إلى 15 عاماً لكل "شريك ومتورط" في "التآمر على سلطتي الدولة والجيش".
أحداث لم توقف عجلة الانتخابات الرئاسية المتقدمة بخطوات ثابتة نحو 12 ديسمبر/كانون الأول، بعد ترشح أسماء توصف بـ"الثقيلة" كان "عهد بوتفليقة" النقطة المشتركة بينها.
فيما انهمك نواب البرلمان في رفع الحصانة للمرة الأولى عن "زميل مثير للجدل"، و"أثاروا الجدل" بـ"فيتو" لمنع رفعها عن نائب آخر يقبع شقيقاه الوزير ورجل الأعمال في السجن بتهم فساد.
ووسط مشاعر الحزن والاستهجان التي أربكت الجزائريين، كان خبر حصد المدرب الجزائري جمال بلماضي المركز الرابع في قائمة أفضل مدربي العالم لعام 2019 "النقطة المضيئة الوحيدة" في أسبوع الجزائر الماضي.
الثلاثاء الأسود
سجل الأسبوع المنصرم يوماً أسود جديدا في تاريخ الجزائريين، بعد أن اهتزت بلادهم، فجر الثلاثاء الماضي، على فاجعة وفاة 8 أطفال حديثي الولادة بينهم 3 حرقاً و5 اختناقاً، عقب نشوب حريق في غرفتهم بمستشفى محافظة "وادي سوف" الواقعة في الجنوب الشرقي.
كارثة أجبرت الحكومة على اتخاذ قرارات عاجلة لامتصاص غضب الشارع بفتح تحقيق "إداري وقضائي وأمني"، وأصدر القضاء أوامر بإيداع بشير بن ناصر مدير المستشفى الحبس المؤقت، بالإضافة إلى 8 عاملين آخرين بينهم طبيبة كوبية.
وتداولت صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً وصوراً لأباء وأمهات "كانت فاجعتهم أكبر"، منهم من فقد توأمين بعد انتظار 7 سنوات، وأم خسرت توأمين أيضا في ليلة واحدة بعد معاناة دامت 15 سنة مع العقم والعمليات الجراحية.
ووسط ذلك، رفض الأطباء والممرضون الجزائريون العاملون في المستشفى "تحميلهم مسؤولية الكارثة"، واتهموا طاقماً طبياً من كوبا بالتسيب، وقرروا الدخول في إضراب مفتوح عن العمل.
غير أن ردود فعل الجزائريين التي امتزجت بين الصدمة والحزن والغضب والاستهجان لم تشفع لأي جهة، وأجمعت على وصف قطاع الصحة في بلادهم بـ"المريض".
وانتشرت هاشتاقات بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، تحولت في ظرف ساعات إلى "ترند" "نعت ضحايا الحريق وقطاع الصحة"، وكانت عناوين عريضة لمطالب شعبية بمحاسبة المتسببين في الحادثة وأخرى دعت إلى إحداث قطيعة مع النظام الصحي القديم.
محاكمة تاريخية..أحكام مثيرة للجدل
أما "فجر الأربعاء" الماضي، فقد شهد نطق القضاء العسكري بالأحكام النهائية في حق 4 من كبار رموز نظام بوتفليقة، وهم شقيقه ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة، ورئيسا جهاز المخابرات السابقين الفريق محمد مدين والجنرال بشير طرطاق ورئيسة حزب العمال الوزيرة حنون بتهمة "التآمر على الدولة وعلى قائد تشكيلة عسكرية".
وبعد يومين متواصلين و26 ساعة من التحقيق القضائي في محاكمة تاريخية لم يسبق أن عاشتها البلاد منذ استقلالها، عاقبت المحكمة العسكرية بمحافظة البليدة "غرب العاصمة" الرموز الأربعة بـ15 سنة حبساً حضورياً، وحكماً غيابياً بالسجن 20 عاماً ضد وزير الدفاع الأسبق خالد نزار ونجله ووكيل أعمالهما.
ولم تخل المحاكمة من المفاجآت، حيث كشف محامو المتهمين في تصريحات صحفية عن رفض رئيس المخابرات السابق الجنرال بشير طرطاق حضور جلسة المحاكمة، ورفض السعيد بوتفليقة الرد على أسئلة القاضي، قبل أن يدلي الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري السابق والمقرب منه بشهادة "زادت من توريطه".
وكشف المحامي بوجمعة غشير في تصريحات صحفية عن أن "بلعيز" ذكر للقاضي أن السعيد بوتفليقة "اتصل به وطلب منه إصدار فتوى دستورية تُذكر المؤسسة العسكرية بأن لا دخل لها في تطبيق المادة 102 من الدستور" التي تقر بحالة شغور منصب رئيس الجمهورية.
آراء الجزائريين ظهرت متباينة من الأحكام القضائية، ولم يخف كثير منهم فرحته حتى "تشفيه" فيمن ينعتونهم بـ"المصيبة التي حلت على البلاد".
فيما أعرب آخرون عن "خيبة أملهم" من عقوبة 15 سنة في السجن، معتبرين أنها "غير كافية بالمقارنة مع حجم القضايا المتابعين فيها"، وتساءل نشطاء سياسيون عن سبب "إسقاط تهمة الخيانة العظمى" بعدما كانت كل التوقعات تشير إلى أحكام بالمؤبد أو الإعدام.
حجر البرلمان.. يُسقط نائباً ويترك آخر
وشهد الأربعاء الماضي أيضا، جلسة "سحب الثقة عن النواب" للمرة الأولى في تاريخ البرلمان الجزائري منذ تأسيسه عام 1977، بعد أن صوت بالأغلبية على رفع الحصانة عن النائب المثير للجدل بهاء الدين طليبة، والمنتمي لحزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم، تمهيدا للتحقيق معه في قضايا فساد.
ومن بين شبهات الفساد التي تلاحق النائب "طليبة" الممثل لمحافظة عنابة (شرق) "إبرام صفقات مشبوهة، والابتزاز، والتمويل الخفي لحملة بوتفليقة الانتخابية وتمويل حزب سياسي بطرق غير قانونية"، في إشارة إلى فرض شخصيات على قوائم المرشحين في الانتخابات البرلمانية والمحلية التي جرت في 2017.
وفي الجلسة ذاتها، رفض 156 نائباً رفع الحصانة عن النائب إسماعيل بن حمادي مقابل موافقة 131 آخرين على رفعها، في خطوة فاجأت المتابعين، وصنعت الحدث أكثر من رفع الحصانة عن أكثر نواب البرلمان الجزائري المثيرين للجدل.
والنائب إسماعيل بن حمادي هو شقيق الوزير الأسبق لـ"البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال" موسى بن حمادي الذي أمر القضاء الجزائري الأسبوع الماضي بوضعه رهن الحبس المؤقت بتهم فساد.
بالإضافة إلى شقيقه الآخر عبدالرحمن بن حمادي رجل الأعمال المقرب من عائلة بوتفليقة ومدير مجمع "كوندور" للأجهزة الكهرومنزلية الذي أودع السجن أيضاً في 8 أغسطس/آب الماضي.
وذكر عدد من النواب في تصريحات صحفية أن بن حمادي استبق جلسة التصويت بمداخلة "استعطف فيها زملائه النواب"، قدم خلالها معطيات تشير إلى أن "التهم الموجهة مسيسة" من جهات لم يذكرها.
رئيسا وزراء وجهاً لوجه في الرئاسيات
وشكل أسبوع الجزائر المنتهي بداية العد التنازلي لانتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعد أن تقدم لها 61 مرشحاً محتملاً، بينهم علي بن فليس رئيس الوزراء الأسبق ورئيس "حزب طلائع الحريات" المعارض، وعبدالمجيد تبون رئيس الوزراء الأسبق.
اسمان يوصفان بـ"الثقيلين" في الساحة السياسية التي قد تفتح باب المنافسة الشرسة على من يخلف بوتفليقة في كرسي "المرادية" (قصر الجمهورية)، وإن لم يكن "كرسي بوتفليقة" الجامع بينهما فقط، بل رئاستهما لحكومته في ظروف مختلفة، ومصير متشابه وهو "الخلاف مع بوتفليقة أو محيطه".
وأشار محللون سياسيون لـ"العين الإخبارية" إلى أن بروز أسماء ثقيلة في الانتخابات القادمة مع العدد الأولي للمرشحين المحتملين، بالإضافة إلى الإجراءات السابقة التي اتخذتها السلطات الجزائرية، تعد مؤشراً قوياً على أن انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل لن تكون كسابقتيها الملغاة.
وفي انتظار مفاجآت قد تحدث في الأيام المقبلة بترشح أسماء أخرى قد "تخلط أوراق" "تبون وبن فليس"، انقسمت آراء وآمال الجزائريين والمراقبين إزاء الخطوات نحو الاستحقاق الرئاسي المقبل.
وأعرب كثيرون عن خشيتهم من وجود "مرشح للسلطة" قد يكون بحسبهم "أمراً واقعاً مفروضاً كما حدث عند مجيء عبدالعزيز بوتفليقة سنة 1999" بحسب تصريحاتهم لـ"العين الإخبارية"، وهو ما يغذي –وفق تصريحاتهم– رفض آلاف الجزائريين الذين يخرجون كل ثلاثاء وجمعة إجراء الانتخابات.
في حين، "استبشر" آخرون بالسلطة المستقلة للانتخابات، واعتبروا أن "الحراك الذي تمكن من إسقاط نظام حكمهم 20 سنة كاملة، بإمكانه فرض واقعه عبر صناديق الاقتراع".
الرياضة تحقق الإجماع في أوقات الانقسام
وبين كل تلك الأحداث المتسارعة، لم تختلف مشاعر الجزائريين بعد سماعهم خبر حصد مدرب منتخبهم الوطني المركز الرابع في قائمة أفضل مدربي العالم لعام 2019 المقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
مرتبة لم تكن إلا ثماراً لمجهوداته الكبيرة طوال الفترة الماضية، بعد أن قاد "محاربي الصحراء" للفوز ببطولة كأس الأمم الأفريقية 2019 بمصر، للمرة الثانية في تاريخه والأولى منذ 29 عاما، وتحديدا منذ الفوز بها في عام 1990.
وتمكن بلماضي من التفوق على أسماء كبيرة في عالم التدريب، بعد حصوله على رصيد 26 نقطة من مجموع الأصوات، من بينهم ديدييه ديشامب، مدرب منتخب فرنسا، وفرناندو سانتوس، مدرب منتخب البرتغال، وتيتي، مدرب منتخب البرازيل.
وكاد الخبر "السعيد الوحيد" في أسبوع الجزائريين يمر دون أن يجد له صدى بين زحمة الأخبار السيئة والمثيرة، وتداولوا عبر مواقع التواصل منشورات امتزجت بين الفخر بالإنجاز الثاني الذي حققه جمال بلماضي، وأخرى دعت إلى "التوقف يوماً للفرح" لاستكمال بقية الأيام وما تخفيه من مفاجآت.
aXA6IDMuMTQ1LjU4LjE1OCA=
جزيرة ام اند امز