أسبوع الجزائر.. إعصار الحراك يخرج ملفات الفساد للعلن وفشل ندوة التشاور
تعهد الجيش بضمان نزاهة القضاء وفتح المزيد من ملفات الفساد، وجلسة الحوار الوطني مثلت أبرز الأحداث التي طغت على أسبوع الجزائر.
انقضى الأسبوع الماضي في الجزائر بتطورات متسارعة، كانت فيها قضايا الفساد أبرز أحداث أيامه، بعد أن فتح القضاءان المدني والعسكري علبتها السوداء التي تضم أسماء وشخصيات كبيرة بملفات فساد ثقيلة في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
- أسبوع الجزائر.. سقوط "الباء الأولى" والجيش يتعهد بحماية الحراك المتواصل
- الجزائر بأسبوع.. تعيين رئيس مؤقت ورفض شعبي لـ"رموز بوتفليقة"
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في الجزائر، تدخل القضاء العسكري والمدني للكشف عن "خلايا الفساد النائمة وواجهاتها"، واستدعى الأمن والقضاء مسؤولين كبارا ورجال الأعمال، يمثلون "محيط بوتفليقة والدولة العميقة".
وحملت أحداث الأسبوع أحكاماً قضائية بإيداع كبار رجال الأعمال السجن الاحتياطي بتهم الفساد وتبديد المال العام، وهي الأموال المنهوبة التي وعد قائد أركان الجيش الجزائري باسترجاعها وتقديم ضمانات لمتابعة ملفات الفساد.
أما سياسياً، فقد كسرت ندوة التشاور الوطني والمؤتمر الاستثنائي للحزب الحاكم روتين الركود السياسي الذي طبع المشهد السياسي الجزائري في الأسبوعين الأخيرين، رغم المقاطعة الواسعة للندوة، وفشل "الأفالان" في انتخاب أمين عام جديد.
القضاء يضرب الفساد
انفردت "العين الإخبارية" خلال الأسبوع المنقضي، نقلاً عن مصادر جزائرية مطلعة، بالكشف عن "توسيع التحقيقات القضائية والأمنية مع شخصيات كبيرة ومسؤولين رفيعي المستوى سابقين وحاليين سيتم التعامل مع بعضهم باستدعاءات أمنية أو قضائية، ومنهم من سيتم القبض عليهم".
- توقيف أغنى رجلي أعمال بالجزائر واستدعاء أويحيى بتهم فساد
- مصادر جزائرية لـ"العين الإخبارية": التحقيق مع مسؤولين رفيعي المستوى بتهم فساد
وحصلت "العين الإخبارية" على "قائمة المتورطين والمشتبه بهم في قضايا فساد خلال عهد الرئيس المستقيل، والتي ضمت رؤساء وزراء سابقين، ووزراء سابقين وحاليين، ومسؤولين رفيعي المستوى، ومسؤولين في أحزاب سياسية وشركات حكومية ووسائل إعلام".
وبعد يومين من كشف "العين الإخبارية" عما قالت المصادر "إنه زلزال سياسي سيُحدثه فتح كثير من ملفات الفساد"، حتى توالت الأخبار عن إثارة الملفات "الجديدة القديمة" متبوعة بسلسلة إقالات.
آخرها، إقالة الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح، الأربعاء، لعبد الحميد ملزي المدير العام للمؤسسة الحكومة "الساحل" المعروفة باسم "إقامة الدولة" التي يقيم فيها كبار المسؤولين الجزائريين.
وجاءت إقالة ملزي بعد 25 عاما، وذكرت وسائل إعلام جزائرية أنها تندرج في إطار التحقيقات المتعلقة بقضايا فساد، إضافة إلى كونه من المقربين من رئيس جهاز المخابرات السابق محمد مدين.
كما أقال بن صالح المدير العام لشركة "سوناطراك" النفطية عبدالمؤمن ولد قدور، وعيّن رشيد حشيشي خلفاً له، وقدّم عادل خمان، المدير العام لاتصالات الجزائر، استقالته للحكومة بطلب منها بحسب وسائل إعلام محلية، وعين أنور عبدالواحد خلفاً له.
يأتي ذلك، بعد أن أمر قاضي التحقيق بمحكمة "سيدي محمد" في العاصمة الجزائرية بوضع أغنى رجلي أعمال في البلاد بالسجن الاحتياطي.
ويتعلق الأمر بـ"يسعد ربراب" المتهم بـ"التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال مِن وإلى خارج الجزائر، وتضخيم فواتير استيراد تجهيزات، واستيراد عتاد مستعمل وحصوله على امتيازات جمركية"، وهو رجل الأعمال المعروف بقربه من رئيس جهاز المخابرات الجزائري الأسبق محمد مدين، في وقت نفت باريس تدخلها لإطلاق سراحه.
إضافة إلى رضا كونيناف وأشقائه الثلاثة الذين جروا معهم إلى السجن ثلاثة مسؤولين بوزارة الصناعة الجزائرية، بتهم تتعلق بـ"الحصول على مشاريع وقطع أراضٍ بطرق غير قانونية وتبييض الأموال وتمويل أحزاب سياسية"، وهي العائلة الثرية المعروفة بقربها من عائلة الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
كما فتح الدرك والقضاء الجزائرييْن تحقيقاً مع رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى ووزير المالية الحالي بصفته محافظ بنك الجزائر السابق محمد لوكال، بتهم تتعلق بـ"تبديد المال العام والحصول على منح وامتيازات غير مشروعة".
من جانب آخر، أعلنت، الأربعاء، المحكمة العليا في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إحالة قضيتي فساد متعلقين بشركة "سوناطراك" النفطية في عهد وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، والتي تفجرتا سنة 2010.
وأوضح البيان أن التهم الموجهة للوزير الأسبق ومن معه تتعلق بـ"مخالفة القانون الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وإبرام صفقتين للشركة بطريقة مخالفة للقانون مع شركتين أجنبيتين".
ورد شكيب خليل على قرار إعادة فتح ملف القضيتين عبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بالقول إنه "على الجميع احترام العدالة والتزام الصمت".
كما أصدر القضاء العسكري الجزائري أمراً بسجن اللواء سعيد باي القائد السابق للناحية العسكرية الثانية واللواء حبيب شنتوف القائد السابق للناحية العسكرية الأولى، بتهم "تبديد أسلحة وذخيرة حربية لفائدة أشخاص غير مؤهلين لحيازتها والإخفاء ومخالفة التعليمات العامة العسكرية".
وبعد أن أثنى على سرعة العدالة الجزائرية في فتح ملفات الفساد، ونفيه وجود ضغوطات على الجيش والقضاء لمحاربة الفاسدين، أكد قائد الأركان أن "قيادة الجيش تقدم ضمانات كافية للقضاء لمتابعة ملفات الفساد".
وأصدرت، الأربعاء، وزارة الدفاع الجزائرية بياناً توضيحياً اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، انتقدت فيه ما سمته "المحاولات التضليلية المفضوحة من قبل بعض الصحف الوطنية بتقديم قراءات مغلوطة لكلمة قائد الأركان بخصوص الملفات المرتبطة بالفساد وتسيير المرحلة الانتقالية".
وفنّدت الوزارة الجزائرية أن يكون "قايد صالح من أمر بفتح ملفات الفساد"، مؤكدة أن "المؤسسة العسكرية مصرّة وعازمة على أداء مهامها بما يخوله الدستور".
فشل ندوة التشاور
وجه قائد أركان الجيش الجزائري كلمتين في أقل من 24 ساعة خلال الأسبوع المنتهي، وإضافة إلى تطرقه لقضايا الفساد، كشف قايد صالح عن معطيات جديدة بخصوص الأزمة السياسية الأخيرة في البلاد.
- قائد الأركان الجزائري: الجيش يكفل ضمانات للقضاء لمتابعة ملفات الفساد
- الجزائر: الاتفاق على تأجيل الانتخابات الرئاسية لعدة أسابيع
ومن أبرز ما كشف عنه المسؤول العسكري الجزائري "مخطط لضرب استقرار الجزائر بدأ منذ 2015 استناداً إلى معلومات مؤكدة"، ووصفه بـ"الخبيث" داعياً الجزائريين إلى "مزيد من الوعي وأخذ الحيطة والحذر"، وهي السنة ذاتها التي تزامنت مع إقالة رئيس جهاز المخابرات الأسبق الفريق المتقاعد محمد مدين.
كما دعا قايد صالح الجزائريين إلى تأطير حراكهم تفادياً لاختراقه "من قبل المتربصين بأمن الجزائر" كما قال.
وعن ندوة التشاور الوطني التي دعا إليها الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح وكان أبرز الغائبين عنها لأسباب مجهولة، والتي توقعت تأجيل رئاسيات 4 يوليو المقبل، فقد انتقد قايد صالح غياب الشخصيات والأحزاب عنها، واعتبر أنها "من الآليات الراقية التي يجب تثمينها، لا سيما في ظل الظروف الخاصة التي تمر بها بلادنا".
واتهم قائد أركان الجيش الجزائري الغائبين عنها بـ"الدفع" بالبلاد نحو فخ الفراغ الدستوري، وحذر من تداعيات استمرار الأزمة السياسية على اقتصاد البلاد.
ورأى مراقبون أن غياب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم (أكبر أحزاب الموالاة) لم يكن مفاجئاً، بالنظر إلى الأزمة الداخلية غير المسبوقة التي دخل فيها الحزب.
وبعد أن أعادت الداخلية الجزائرية الاعتراف بالأمين العام لـ"الأفالان" جمال ولد عباس، سحب أعضاء اللجنة المركزية للحزب الثقة عنه وجمدوا عضويته في المكتب.
وشهدت الجلسة الاستثنائية للحزب مناوشات بين قياديي الحزب بسبب طريقة التصويت واللجنة المكلفة بإعادة انتخاب الأمين العام الجديد، وهي الخلافات التي أدت إلى تأجيل الجلسة إلى تاريخ غير معلن، في وقت ترشح 12 قيادياً من الحزب لخلافة ولد عباس.
وانفردت "العين الإخبارية" خلال الأسبوع المنقضي، نقلاً عن مصادر في مجلس الأمة والحزب الحاكم، بخبر "رفع الحصانة عن ولد عباس ووزير التضامن الأسبق سعيد بركات"، تمهيدا للتحقيق معهما في قضايا فساد.
وطلبت، الخميس، وزارة العدل الجزائرية من اللجنة القانونية لمجلس الأمة (مجلس الشيوخ) الإسراع في تطبيق إجراءات رفع الحصانة عن وزيري التضامن الأسبقين.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4xNDQg
جزيرة ام اند امز