الجزائر تكبح الإضرابات وتنعش الأسواق بقرار "مهم" تأخر 20 عاما
تعتزم الجزائر إعادة النظر في أجور موظفي القطاع الحكومي للمرة الأولى منذ أزيد من عقدين لامتصاص تراجع القدرة الشرائية.
وكشف رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن اعتزام بلاده "مراجعة شبكة الأجور" الخاصة بالعاملين والموظفين في القطاع الحكومي، دون أن يحدد سقفاً زمنياً لهذه الخطوة المالية الأولى من نوعها بهذا الشكل.
- عملاق النفط الجزائري يكشف عن أرباحه منذ بداية 2021
- كورونا يقود الجزائر لـ"سنوات التقشف".. موازنة "صارمة"
وسبق للحكومات الجزائرية المتعاقبة في العقدين الأخيرين أن رفعت أجور موظفيها بأثر رجعي دون احتساب الزيادات في الأجر القاعدي، فيما تم رفع الأجر القاعدي لبعض المهن، وهي القرارات التي تتخذ ضمن إجراءات إعادة نظر في شبكة الأجور، والتي كانت تعرف بـ"سياسة شراء السلم الاجتماعي".
كما تحدث بن عبد الرحمن عن اقتراب حكومته من إعداد "سجل وطني موحد" مرتبط بسياسة الدعم الاجتماعي، والمرتبطة بـ"الاستهداف الأمثل" للدعم الموجه للفئات الفقيرة في قرار إعادة النظر في رواتب الموظفين الحكوميين، وهي الخطوة التي قال إنها تهدف أيضا إلى "ترشيد منظومة الدعم الاجتماعي".
ومن مقر مجلس الأمة (الغرفة الأولى للبرلمان)، أوضح رئيس الوزراء الجزائري بأن حكومته "أخذت مسألة تثمين الأجور بالجدية المطلوبة وسجلتها كمحور هام في برنامجها، وستعالجها وفق مقاربة تشاركية شاملة، ضمن عملية إصلاح واسعة لمنظومة الوظيف العمومي".
وتابع قائلا بهذا الخصوص: "ستعمل الحكومة على إنجاز تقييم دقيق لسياسات الأجور بناء على تحقيقات ودراسات تخص جميع قطاعات النشاطات بما فيها القطاعات الاقتصادية، ومن شأن هذه الدراسات أن توجه خيارات الحكومة في مجال سياسات الأجور والمداخيل المعمول بها وطنياً".
أيمن بن عبد الرحمن كشف كذلك عن الآليات التي ستعتمدها حكومة الجزائر في ضبط إعادة النظر في شبكة الأجور، وذلك اعتمادا على معايير وعوامل حصرها في "الإنتاجية الوطنية ومعدل التضخم والوضع الاقتصادي العام للبلاد".
وتزامن إعلان الجزائر عن خطوتها مع ما يعرف بـ"فترة إضرابات النقابات العمالية" التي تصاعدت في السنوات الأخيرة ما بداية ما يعرف أيضا بـ"الدخول الاجتماعي"، وهي الفترة التي تشهد عودة الموظفين إلى أعمالهم.
ويرى بعض المراقبين بأن حكومة أيمن بن عبد الرحمن تحاول أيضا من خلال محاولة إعادة النظر في أجور القطاع الحكومي إلى استباق "ورقة الإضرابات" التي تلوح بها النقابات العمالية، ويعد ملف الأجور أحد مطالبها.
الدعم الاجتماعي
وعن مسألة تراجع القدرة الشرائية اعترف رئيس الوزراء الجزائري بأنه "لا يمكن حلها بحلول ظرفية"، ولفت إلى منظور اقتصادي متوسط وبعيد المدى يسهم أيضا في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وأبرزها في "إنعاش الاقتصاد ودعم نموه وتحقيق الحركية الاقتصادية، بما يفضي إلى زيادة الثروة وخلق فرص العمل".
ويبدو من تصريحات رئيس الوزراء الجزائري الجديد بأن أولوية حكومته هي إيجاد حلول لم بات بعرف بـ"لغم القدرة الشرائية" التي يقول الخبراء الاقتصاديون إنها تراجعت بنحو 50 % منذ 2014، وتأثرت أيضا جراء جائحة كورونا.
ولفت بن عبد الرحمن أمام نواب الغرفة الأولى للبرلمان بأن مخطط عمل حكومته ركز على "ضرورة تعزيز التماسك الاجتماعي عن طريق رفع القدرة الشرائية للمواطنين وتدعيمها وتحسين التكفل بالفئات الهشة، خاصة منهم ذوو الهمم والمسنين والعائلات عديمة الدخل أو ذات الدخل الضعيف".
وبلغة الأرقام، أوضح رئيس حكومة الجزائر إلى أن قيمة التحويلات الاجتماعية تعادل 9.4 % من الناتج المحلي الإجمالي و23.78 % من ميزانية البلاد.
وأقرت الجزائر موازنة "صارمة" لعام 2021 هي الأكثر تقشفاً خلال الأعوام الـ4 الأخيرة ورصدت لها ما قيمته 62 مليار دولار، على أساس سعر مرجعي للنفط بـ40 دولارا للبرميل، نتيجة التأثيرات المالية الناجمة عن جائحة كورونا وتذبذب أسعار النفط بالأسواق العالمية.
وتواجه الجزائر في السنوات الـ6 الأخيرة متاعب مالية يعزوها الخبراء إلى عدة عوامل، أبرزها غياب استراتيجية اقتصادية واضحة من قبل الحكومات المتعاقبة، وبقاء الاقتصاد الجزائري رهينة لعائدات النفط.
بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الهائلة الناجمة عن قضايا الفساد ونهب المال العام التي تورط فيها كبار أركان النظام السابق، وازادت الضغوط المالية على الاقتصاد الجزائري عقب تفشي جائحة كورونا وتذبذب أسعار النفذ التي تسببت في خسائر بلغت نحو 10 مليارات دولار مع نهاية السنة الماضية.
وتوقع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تراجع احتياطات النفط الأجنبي لبلاده إلى نحو 44 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، مقابل 62 مليار دولار أواخر 2020.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjQuMTc2IA== جزيرة ام اند امز