خيانات ودعم للإرهاب.. سجل أسود لأردوغان وأجداده بالجزائر
النظام التركي كلف الإخواني الجزائري الهارب رضا بوذراع الحسيني بمهمة قيادة عمليات المليشيات المسلحة من إسطنبول ضد الجزائر
لا يُلدغ المؤمن من الجحر مرتين".. هكذا قابل الجزائريون جميع محاولات ومخططات الأعوام الأخيرة لتكرار سيناريو "العشرية السوداء"، خاصة فيما يتعلق الأمر ببلد مثل تركيا يدعم نظامها الإرهاب.
"عشرية دامية" توافق معها المشروع التركي ومن ورائه القطري؛ حيث واصل نظام رجب طيب أردوغان، محاولاته لنقل الفوضى من سوريا وليبيا إلى الجزائر.
هذا المخطط رصد له أردوغان مليشيات وأسلحة وأبواقا إخوانية وعملاء، لكن سرعان ما أحبطته يقظة الجيش والأجهزة الأمنية ووعي الجزائريين في حراكهم العام الماضي.
ويرى باحثون ومختصون في التاريخ أن لتركيا "ماض أسود" في الجزائر، بات نقطة قاتمة في مخيلة شعبها المثقلة بخيانات لا يمكن أن تسقطها الذاكرة الجماعية لهم على مر العصور.
الخيانة الأولى
أولى الخيانات كانت عام 1830، حين سلمت الدولة العثمانية الجزائر لفرنسا، أما الثانية، فكانت عام 1962، عندما صوتت تركيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد استقلال الجزائر، ولايزال الجزائريون رغم مرور السنوات، ينشرون قصص الخيانة التركية لبلادهم، داعين إلى أخذ العبرة من دروس التعامل مع نظام أنقرة.
وفي عهد أردوغان، رصد الجزائريون 3 خيانات جديدة لأنقرة على بلادهم.
وكان أردوغان وجهازه المخابراتي على علم بأن عام 2019 سيكون مصيريا وحاسما في تاريخ الجزائر، لارتباطه باستحقاق رئاسي مختلف عن سابقيه، وقد يكون وفق تقديراته «عاما لتفجر الأوضاع الأمنية في البلد العربي".
ونهاية 2018 ومطلع العام اللاحق له، تفجرت فضيحة تهريب شحنات سلاح من تركيا إلى ليبيا بميناء "الخمس"، ضبطها الجيش الوطني الليبي، ثبت فيما بعد أن جزءاً كبيراً من تلك الأسلحة كان موجهاً لـ"مليشيات" في الجزائر مدعومة من أنقرة، كانت تنتظر ساعة الصفر وإشارة من نظام أردوغان لإعلان "ثورة مسلحة بجيش حر" وفق السيناريو السوري.
وكلف النظام التركي الإخواني الجزائري الهارب المدعو رضا بوذراع الحسيني بمهمة قيادة عمليات المليشيات المسلحة من إسطنبول التركية، بإيعاز وتخطيط وتمويل من مخابرات أردوغان.
وحينها، ردت الجزائر برفع حالة التأهب الأمني والعسكري على حدودها مع ليبيا إلى أقصى الدرجات، وفككت أجهزتها الأمنية تلك الشبكات.
الخيانة الثانية
وتوازياً مع الانتخابات الرئاسية بالجزائر عام 2019، وبعد أن حصلت من فرعها الإخواني في الجزائر على معلومات تؤكد ترشيح الرئيس المنتهية ولايته حينها عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، جهزت تركيا لخيانتها وأجندتها التخريبية الثانية، وإعادة بعث السيناريو نفسه في الجزائر بعد فشل خطة دعم المليشيات.
وكانت جميع المؤشرات حينها مهيأة لثورة شعبية في الجزائر ضد احتمال بقاء نظام بوتفليقة، فيما كان أردوغان في الأثناء يخطط لأن تكون "فرصته السانحة للانقضاض على الجزائر" وتحويلها إلى بؤرة توتر جديدة، قبل أن يتفاجأ بتحول ذلك الوضع إلى "فخ عسكري وشعبي".
مخطط اعتمد فيه النظام التركي على محاولة اختراق حراك الجزائر عبر أخطر وسائل تدمير الشعوب التي استعملها أردوغان، خاصة في سوريا.
فقد كشفت الأجهزة الأمنية الجزائرية منتصف 2019، عن وجود عناصر من "حركة الذئاب الرمادية" التابعة لجهاز المخابرات التركي، في المظاهرات الشعبية، ورصد جزائريون عبر منصات التواصل مشاهد لأحد أعضائها وهو ينقل فيديوهات وصورا من مظاهرات بمحافظة "الجلفة" جنوب العاصمة، قبل أن يختفي عن الأنظار.
وقبلها، سعت أنقرة لاختراق حراك الجزائر عبر أذرعها الإخوانية من تيارات وخلايا نائمة من نشطاء سياسيين وصحفيين، لكنها قوبلت بحملات رفض وطرد شعبية في العاصمة ومحافظات أخرى.
الخيانة الثالثة
بالأسابيع الأخيرة، فضحت تغريدة لإخواني جزائري هارب إلى تركيا يدعى رضا بوذراع الحسيني، حقيقة الدور التركي في ليبيا وما تحضره لجارتها الشرقية الجزائر بأن تكون ودول المنطقة المرحلة القادمة في مخطط النظام التركي التوسعي.
تغريدة زعم فيها عميل أنقرة بأن "معارك ليبيا هي الخطوط الأولى" لما أسماه "تحرير الجزائر ومن ورائها كامل شعوب المنطقة"، في محاولة لإعادة مشروعها الأول التخريبي الذي يعتمد على المليشيات المسلحة، تماماً كما فعل أردوغان في سوريا وليبيا.
وتلك، كانت آخر خيانة سجلها نظام أردوغان بعد أن أغرق ليبيا بالدواعش والمرتزقة، وفق ما ذكره خبراء أمنيون جزائريون لـ"العين الإخبارية».
العشرية السوداء
كانت أخطر وأدق مرحلة تشهدها الجزائر في تاريخها الحديث، ولايزال الجزائريون يتذكرونها بحسرة وريبة، واتفقت القاعدة الشعبية مع المؤسسة العسكرية طوال أشهر الأزمة التي مروا بها العام الماضي، على رفض تكرار ذلك السيناريو المرعب.
سيناريو نفذه آنذاك تنظيم الإخوان، عقب صعود "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" الإخوانية المحظورة إلى المشهد مع الانفتاح السياسي بداية تسعينيات القرن الماضي، مستغلة نقمة الجزائريين من حزب جبهة التحرير الحاكم حينها، ودغدغت مشاعره بخطابات دينية.
غير أنه سرعان ما ظهر أن ذلك الخطاب لم يكن إلا متاجرة بالدين، وطريقاً معبدة للاستيلاء على الحكم بخطاب متطرف يدعو صراحة إلى الإرهاب وحمل السلاح، بعد أن زورت الانتخابات التشريعية والمحلية عامي 1990 و1992.
وبقرار الجيش الجزائري إلغاء المسار الانتخابي، انتقم التنظيم الإخواني من الجزائريين وجيشهم، وأعلن العمل المسلح الإرهابي، وارتكب مجازر بشعة لم يسلم منها حتى الرضع، أسماها الجزائريون فيما بعد بـ«المأساة الوطنية».