الإمارات والجزائر.. علاقات متينة أفشلت مخطط قطر والإخوان
كشفت مصادر جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية" عن الجهات المشبوهة التي تقف وراء الترويج لوثيقة مزورة زعمت بأن دولة الإمارات العربية المتحدة علقت بموجبها تأشيرات الدخول للجزائريين.
والخميس، نفت الجزائر، رسمياً، الشائعات التي تحدثت عن منع الإمارات الجزائريين من دخول أراضيها وتعليق منح التأشيرات لهم، ووصفتها بـ"الأخبار العارية عن الصحة والزائفة".
وأصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، كذبت من خلاله ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية من صدور قرار بتعليق منح الجزائريين تأشيرات الدخول إلى الأراضي الإماراتية، وشددت على أن الوثيقة المروجة تقف وراءها جهات مشبوهة.
وجاء في البيان: "بعض وسائل الإعلام الأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي لأخبار تزعم فيها إدراج اسم الجزائر في وثيقة صادرة عن هيئة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة تحظر على الجزائريين الحصول على تأشيرة الدخول إلى الأراضي الإماراتية إلى جانب مواطني دول أخرى".
وشدد على أن وزارة الخارجية الجزائرية "تفيد بأن هذه الأخبار زائفة ولا تمت للحقيقة بصلة وأن السلطات العليا الإماراتية أكدت نفيها جملة وتفصيلا لوجود قرار يشمل المواطنين الجزائريين بإجراء المنع من الدخول إلى أراضيها وأن الوثيقة المروجة التي أدرج فيها اسم الجزائر مزورة وتقف وراءها جهات مشبوهة".
مخطط إخواني
المصادر الجزائرية أكدت لـ"العين الإخبارية" أن تلك الوثيقة المزورة كانت "بداية لمخطط إخواني مشبوه لتوتير العلاقات الإماراتية الجزائرية، بعد أن حاولت استغلال التطورات الأخيرة في منطقة المغرب العربي، وكذا إعلان البلدين رغبتهما في رفع حجم التبادل التجاري والاستثمارات المباشرة".
وذكرت أن "المعلومات المؤكدة تشير إلى تورط حركة رشاد الإخوانية" الجزائرية المتطرفة الذي تتخذ من سويسرا مقرا لها، ولها ناشطون في إسطنبول ولندن وباريس.
وأوضحت أن المخطط جاء بتنسيق بين الحركة الإرهابية المنبثقة عن "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية المحظورة في الجزائر واليمين المتطرف في فرنسا بهدف "ضرب العلاقات بين الجزائر والإمارات".
وأشارت إلى أن تلك الجهات "حاولت النفخ في التطورات الأخيرة بمنطقة المغرب العربي وتأزيم العلاقات بين أبوظبي والجزائر"، إلا أن إعلان الجزائر والإمارات الأسبوع الماضي عن اعتزامها الدفع بعلاقاتهما الاقتصادية "خلط المخطط الإخواني اليميني المتطرف، ليتقرر الترويج لوثيقة مزيفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تسارع بعدها وسائل الإعلام القطرية والإخوانية للتركيز عليها لضرب العلاقات بين البلدين".
وحركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية تحصل على تمويل قطري كامل وفق ما أكدته مصادر أمنية جزائرية في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" وما فضحته وثائق مسربة منذ نحو شهرين عن الثروة الهائلة التي يمتلكها عناصرها، بينهم الإخواني المتطرف المدعو "محمد العربي زيتوت" عميل المخابرات القطرية، و"الرأس المدبر للوثيقة المزورة مع أعضاء في اليمين المتطرف" وفق ما أكدته المصادر الجزائرية المطلعة لـ"العين الإخبارية".
الإعلام القطري "ينفخ"
وكان واضحاً بعد تداول تلك الوثيقة المزعومة والمزورة سرعة وسائل الإعلام القطرية لتناولها في نشراتها الإخبارية ومواقعها الإخبارية في توقيت واحد، بينها قناة "الجزيرة" "وتلفزيون العربي" وموقع "العربي الجديد".
واللافت أيضا أن من تداول الوثيقة في الجزائر وسائل الإعلام المحسوبة على التيار الإخواني أو الداعم له دون التأكد من المصادر الرسمية أو من سفارة الإمارات بالجزائر، وهو ما دفع مراقبين لطرح تساؤلات عن سر تركيز الإعلام الإخواني على وثيقة رسمية دون التأكد من صدقيتها.
الخبير الأمني الجزائري أحمد كروش قال في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن تنظيم الإخوان "لا يسعى فقط لتأزيم العلاقات بين الجزائر والإمارات بل لقطعها، وإدخال العلاقات الجزائرية مع كل الدول العربية التي لا تخضع لأجندات الدوحة وأنقرة في توتر دائم".
"كروش" قال "إنه بعد الاطلاع على الوثيقة قبل البيان الجزائري كان واضحاً أي لمسة فيها، وهم جماعة الإخوان الذين كان هدفهم الدائم وضع العلاقات الجزائرية الإماراتية، والجزائرية العربية في تأزم دائم، وهي الجهة الوحيدة التي لها مصلحة في ذلك".
وشدد على أن جماعة الإخوان الإرهابية معروفة "بسوابقها في الترويج للأخبار الكاذبة والمضللة ولديهم قدرة في الترويج للشائعات بشكل أفقي وعمودي".
وعن تركيز الإعلام القطري والإخواني الجزائري على الترويج للوثيقة على أنها رسمية من دولة الإمارات، أشار الخبير الأمني الجزائري لـ"العين الإخبارية" أن "السلطات الجزائرية فضحت هذا الإعلام وزادت عليه بالتأكيد على نفي السلطات العليا بدولة الإمارات".
مضيفاً أن خبث جماعة الإخوان "استغل أيضا التطورات الأمنية الأخيرة بالمغرب العربي لضرب العلاقات بين الإمارات والجزائر، وكذا على اتفاق البلدين على تعزيز تعاونهما التجاري، والهدف الأكبر للإخوان هو ضرب العلاقات بين البلدين لأسباب سياسية واقتصادية، والسعي لجر الجزائر إلى المحور التركي القطري، وإدخالها في نظام المحاور".
كما نوه إلى ما أن كشفه التحرك الإخواني الأخير "لا يهدف فقط لضرب العلاقات بين أبو ظبي والجزائر، بل لقطع العلاقات بينهما، وهي أمنية إخوانية قديمة متجددة، خدمة للمخططين التركي والقطري عبر أذرعهم في الدول العربية بما فيها الجزائر".
"السر" في دفع العلاقات الاقتصادية
المصادر الجزائرية المطلعة أكدت لـ"العين الإخبارية" أن توقيت طرح تلك الوثيقة المزورة لم يكن صدفة، بل مدروساً من جماعة الإخوان الإرهابية واليمين المتطرف الفرنسي لمنع أي تقارب جزائري إماراتي اقتصادي، رغم أن دولة الإمارات تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة بالجزائر.
ووفق المصادر ذاتها، ومن خلال تتبع توقيت طرح الوثيقة المزعومة، فقد تم الترويج لها يوماً واحدا فقط بعد اللقاء الذي أجراه وزير التجارة الجزائري كمال رزيق مع السفير الإماراتي بالجزائر يوسف سيف خميس سباع آل علي، الأحد الماضي، بحثا خلاله سبل تعزيز وترقية التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
فيما روج إخوان الجزائر بالخارج للوثيقة المزورة منذ الإثنين الماضي، وتم تداولها على نطاق واسع عبر منصات التواصل، ووسائل الإعلام الإخوانية الجزائرية والقطرية.
ودعا وزير التجارة الجزائري الجانب الإماراتي إلى ضرورة تفعيل مجلس أعمال جزائري-إماراتي لتعزيز التعاون الثنائي واستقطاب المزيد من الاستثمارات.
وذكر بيان عن وزارة التجارة الجزائرية، أن "وزير التجارة كمال رزيق أجرى محادثات عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، مع سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بالجزائر يوسف سيف خميس سباع آل علي، حيث تطرق الطرفان إلى سبل ترقية التعاون التجاري بين البلدين "كما شكل اللقاء فرصة لتقييم حجم المبادلات التجارية بين الجانبين".
وعبر "رزيق" عن ارتياحه "للتطور الإيجابي المسجل في مجال التعاون الثنائي"، وأكد ضرورة تفعيل مجلس أعمال جزائري إماراتي في أقرب الآجال لاستقطاب مزيد من الاستثمارات.
كما دعا الوزير الجزائري المتعاملين الاقتصاديين الإماراتيين للدخول إلى السوق الجزائرية، وشدد على وجود امتيازات عديدة لفائدة المستثمرين الأجانب في الجزائر وذلك بناء على الإصلاحات الاقتصادية والتجارية التي أقرتها الحكومة الرامية إلى تنويع الصادرات خارج المحروقات.
كما أكد السفير الإماراتي بالجزائر "التزام بلاده بالرفع من مستوى التبادل التجاري مع الجزائر" في شتى المجالات، وبحث كل السبل التي من شأنها أن تساهم في تطوير وتنمية اقتصاد البلدين" وفق ما جاء في البيان.
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم وأكبر الدول المستثمرة في السوق الجزائرية بحجم استثمارات وصل إلى 10 مليارات دولار، مع توقعات بأن تصل إلى 20 مليار دولار في الأعوام الخمسة المقبلة.
وتشمل الاستثمارات الإماراتية بالجزائر مجالات عدة، أبرزها الصناعة العسكرية مع الشريك الألماني، الصيدلة، النقل، الطاقة، المناجم، الصناعة الميكانيكية، صناعة الألومنيوم، الفلاحة، تمثلها نحو 200 شركة استثمارية، بينما يبلغ عدد الشركات الجزائرية المستثمرة في الإمارات 15 شركة.
ومن بين أكبر المشاريع الاستثمارية الإماراتية بالجزائر، يوجد مشروع مصفاة الألومنيوم بمنقطة بني صاف (غرب الجزائر) بقيمة 5 مليارات دولار، ومشروع إنشاء محطة توليد الكهرباء (1200 ميقاواط) بقيمة مليار دولار، ومشروع إنتاج الحليب في محافظة تيارت (غرب الجزائر).
بالإضافة إلى شراكة بين البلدين وألمانيا لإنتاج مركبات الوزن الثقيل (مرسيداس بنز) بمحافظة غليزان، ومصنع جزائري – إماراتي لإنتاج الحديد والصلب بمحافظة غليزان (غرب الجزائر) بقيمة 300 مليون دولار.
aXA6IDMuMTI5LjQyLjE5OCA= جزيرة ام اند امز