3 «مخاطر» أمام انتشار أمريكا في الشرق الأوسط.. هل تصحح واشنطن بوصلتها؟
اندلاع حرب غزة، في أعقاب هجوم حركة حماس على إسرائيل، أسهم في ظهور ما يمكن اعتباره «التحدي الأشد خطورة» لاستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
هكذا قالت صحيفة «فورين أفيرز»، في تقرير لها، مشيرة إلى أن حرب غزة، أدت إلى انتشار مشاعر معاداة أمريكا على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة، ودفعت وكلاء إيران إلى شن هجمات على أفراد عسكريين أمريكيين في العراق وسوريا.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن الطريقة التي سيدير بها الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته تصرفات إسرائيل، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، بالإضافة إلى التداعيات الجيوسياسية الأوسع للحرب، سيكون لها عواقب بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي، وكذلك على قدرة واشنطن على مواجهة الخصوم وردعهم.
وبحسب «فورين أفيرز»، فإن ارتفاع المخاطر بدا واضحًا في التدفق السريع لقوات عسكرية أمريكية إضافية إلى المنطقة خلال الشهر الماضي، بما في ذلك حاملات الطائرات والطائرات المقاتلة وأكثر من 1000 جندي، ونشر أنظمة دفاع جوي إضافية في المنطقة، في رسالة تؤكد تصميم الولايات المتحدة على ردع إيران عن السعي إلى تصعيد الأزمة في إسرائيل باستخدام شبكتها من الوكلاء، مثل حزب الله، لشن هجمات على إسرائيل من لبنان وسوريا وأماكن أخرى، عبر توسيع وجودها العسكري في الشرق الأوسط.
إلا أن الصحيفة الأمريكية، قالت إن ضخ واشنطن للمعدات العسكرية والأفراد قد يؤدي إلى توريط الولايات المتحدة في التزامات أمنية مفتوحة تجاه منطقة كانت تحاول، حتى وقت قريب، تحرير نفسها منها، مشيرة إلى أنه مع تزايد وجود الولايات المتحدة مرة أخرى، فإن مشاركتها العسكرية العميقة في الشرق الأوسط يمكن أن تستمر إلى ما بعد نهاية الأزمة الحالية وتساهم في التوسع المفرط الذي من شأنه أن يخلق فجوات خطيرة في أماكن أخرى على المدى الطويل، وخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
عواقب
وشددت «فورين أفيرز»، على أن سياسة واشنطن في الشرق الأوسط في حاجة ماسة إلى تصحيح المسار، مشيرة إلى أنه رغم أن العواقب المترتبة على الحرب الإسرائيلية في غزة لا تزال غير مؤكدة، فإنه ليس من السابق لأوانه رسم الخطوط العريضة لسياسة أمريكية أكثر استدامة في الشرق الأوسط.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه بمجرد أن تبدأ الأزمة الحالية في الاستقرار، يجب على واشنطن أن تعمل على سحب القوات التي أعادتها بسرعة إلى الشرق الأوسط - وأن تذهب إلى أبعد من ذلك، من خلال تقليص حجم الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة وإعادة تنظيمه بشكل كبير.
وأكدت أنه على واشنطن الاستثمار في بناء قدرات ومرونة شركائها الإقليميين حتى يتمكنوا من العمل معًا بشكل أكثر فعالية للحفاظ على الاستقرار وإدارة التحديات الأمنية بدعم أقل من الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذا النهج المزدوج يمكنه دفع الولايات المتحدة نحو سياسة متوازنة في الشرق الأوسط تتجنب الإفراط في التوسع، وطمأنة الشركاء وتجنب الكوارث المستقبلية في آن.
ومع مضاعفة إدارة بايدن جهودها لزيادة الأسلحة والقوات الأمريكية الإضافية إلى الشرق الأوسط، فإنه ليس من الواضح ما إذا كان صناع السياسة الأمريكيون قد فكروا في التأثيرات من الدرجة الثانية والثالثة المترتبة على تضخيم الدور الأمني للولايات المتحدة في المنطقة، وكيف سينظر إليه الخصوم والحلفاء على حد سواء.
3 مخاطر
وتقول «فورين أفيرز»، إن هناك ثلاثة مخاطر يجب على إدارة بايدن الاعتراف بها ومعالجتها: التصعيد، ورد الفعل العنيف، والإرهاق.
وأشارت إلى أنه رغم أن البنتاغون قال إن عمليات نشر القوات الأمريكية في المنطقة تهدف إلى منع نشوب حرب أوسع نطاقاً، إلا أنه يبدو من المرجح بنفس القدر أن تؤدي زيادة القوات الأمريكية في نهاية المطاف إلى إثارة دوامة تصعيدية بدلاً من منعها؛ فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصاعدت هجمات وكلاء إيران على الأفراد العسكريين الأمريكيين المتمركزين في العراق وسوريا، حتى مع تعزيز الولايات المتحدة لوجودها الإقليمي.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه في الوضع الذي تكون فيه الخطوط الحمراء لكل جانب غير واضحة، فإن الوجود العسكري الأمريكي المتزايد في المنطقة يزيد من خطر سوء التقدير والاستفزاز، ويمنح المتشددين في طهران وبين الجماعات الوكيلة لها - الذين يرون واشنطن متآمرًا مشاركًا في الحملة العسكرية الإسرائيلية - مبررًا لمواصلة حشدهم العسكري والتهديد بالتصعيد.
التحدي الثاني
وتقول «فورين أفيرز»، إنه لا يمكن أن يؤدي هذا التدفق العسكري الأمريكي الجديد إلى تحديات غير متوقعة بين الخصوم فقط، فيمكن أن يؤدي أيضًا إلى تقويض العلاقات مع الحلفاء والشركاء الرئيسيين لأمريكا.
وأشارت إلى أن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، وموجات العداء لأمريكا التي تجتاح العالم العربي، والخلاف الحقيقي بين الحكومات العربية وواشنطن بشأن مساعدة إسرائيل في حربها على غزة، كلها عوامل تهدد بتآكل الأساس الذي يقوم عليه التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والدول العربية، لا سيما مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن الدول العربية سترغب في تنفيذ أي تعاون أمني مستقبلي بشكل أكثر تكتمًا، وقد تجد واشنطن حريتها في العمل مقيدة بشكل متزايد بسبب الحاجة إلى حماية القوات الأمريكية العاملة في البلدان الشريكة، مشيرة إلى أن بعض البلدان، قد تلجأ لتعليق بعض الأنشطة، مثل التدريبات المشتركة، أو إيقاف بعض المشتريات الدفاعية.
وعلى الرغم من أن المنافسة الأوسع بين القوى العظمى مع الصين وروسيا لا ينبغي أن تكون المحرك الرئيسي لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة، فمن المحتمل أن يلجأ الشركاء الإقليميون إلى بكين أو موسكو إذا وجدوا أن التعاون مع واشنطن مزعج للغاية، تقول الصحيفة الأمريكية.
التحدي الثالث:
بحسب «فورين أفيرز»، فإنه يمكن لهذا الموقف الأمريكي المتجدد في المنطقة أن يبشر بعودة الولايات المتحدة إلى «العادات السيئة»، وهو تجديد لاستراتيجيتها المعتادة المتمثلة في الاعتماد على عمليات نشر عسكرية أمريكية كبيرة وعمليات نقل أسلحة لضمان أمن المنطقة ضد التهديدات الخارجية، في نهج لم يجعل المنطقة أكثر أمانا.
وأشارت إلى أن عقودا من التدخل العسكري الأمريكي أدت إلى تفاقم المنافسات الإقليمية، وأذكت سباقات التسلح التي أدت إلى تفاقم الصراعات المحلية، ناهيك عن التداعيات الكارثية للغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، والذي شمل مئات الآلاف من القتلى المدنيين، وصعود تنظيم «داعش»، وتدهور سمعة الولايات المتحدة عالمياً.
هل تصحح واشنطن مسارها؟
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه كلما اضطرت واشنطن إلى نشر قوات ونقل الأسلحة والمعدات إلى الشرق الأوسط، زادت مخاطر الإرهاق بطرق تجعل الولايات المتحدة غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها وردع الخصوم في أماكن أخرى. وخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تواجه الولايات المتحدة الصين.
وحذرت من أن الأزمة الحالية توضح أنه طالما احتفظت واشنطن بعشرات الآلاف من الجنود في الشرق الأوسط، تظل هناك احتمالات كبيرة لإمكانية جر الولايات المتحدة إلى صراع إقليمي مطول ومكلف، حتى عندما تكون مصالحها قليلة على المحك.
ولتجنب هذه النتيجة، تحتاج الولايات المتحدة إلى تقليص وإعادة تنظيم وجودها العسكري في المنطقة، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه من دون هذا التقليص، فلن تكون هناك طريقة تستطيع الولايات المتحدة أن تتحرر بها من إرث نهجها المشؤوم الذي يعطي الأولوية للأمن.
وأشارت إلى أنه على الولايات المتحدة تخفيض وجودها العسكري في الشرق الأوسط تدريجياً، وإعادة انتشار القوات الإضافية التي تم إرسالها إلى المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسحب معظم أو كل القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
aXA6IDE4LjIxNy4yNTIuMTk0IA== جزيرة ام اند امز