ختام القمة الأمريكية الأفريقية.. هل تحققت الأهداف؟
مغازلة أمريكية تهدف إلى إعادة تعيين التزام واشنطن تجاه منطقة تعمل فيها دول أخرى على توسيع نفوذهما، وحصلت منها أفريقيا على مكاسب.
بتلك الكلمات لخص خبراء في تصريحات لـ"العين الإخبارية" استراتيجية أمريكا الجديدة، والتي كانت القمة "الأمريكية الأفريقية" التي استضافت خلالها واشنطن العديد من قادة القارة السمراء، فرصة لتفعيلها.
واعتبر الخبراء نتائج القمة جاءت بعد تغير الولايات المتحدة نظرتها إلى القارة السمراء التي عانت من أزمات كثيرة خلال الفترة الأخيرة، مشيرين إلى أن الرئيس الأمريكي سعى خلال القمة لاستمالة الدول الأفريقية، وتعزيز التعاون، وذلك بدعم العديد من الملفات، وأهمها إسقاط الديون والغذاء.
القمة التي شارك فيها حوالي خمسين من القادة والرؤساء الأفارقة، واختتمت أعمالها اليوم الجمعة، سعى الرئيس بايدن خلالها لترسيخ أنواع جديدة من الشراكات وليس تعزيز التبعية.
مذكرة تاريخية
أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم السياسة والاقتصاد كلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، الدكتورة سالي فريد، قالت إن نتائج القمة على قدر كبير من الأهمية، بحيث تغير الولايات المتحدة استراتيجياتها داخل القارة السمراء لتؤكد على الفرص المشتركة وتعزيز الاستثمارات وتدفع بالمصالح الاقتصادية وتعلن أنها أساس علاقتها بالجانب الأفريقي.
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أن القمة الأمريكية – الأفريقية ناقشت عددا من القضايا التي تتعلق بأزمات عانت منها القارة السمراء، وكان أبرزها "الفقر ونقص الغذاء وأزمة الطاقة والأوبئة والمياه"، وأخرى تتعلق بالجانب الاقتصادي.
وتابعت، أن الرئيس الأمريكي تعهد بالاعتراف بأفريقيا لاعباً جيوسياسياً رئيسياً في الساحة الدولية، معلناً مساندة الولايات المتحدة للاتحاد الأفريقي المكون من 55 دولة للانضمام إلى مجموعة الدول العشرين كعضو دائم، وتعد هذه مكاسب قوية.
ولفتت أستاذة الاقتصاد ورئيس قسم السياسة والاقتصاد كلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، إلى أنه من أبرز النتائج أيضا التوقيع على مذكرة تفاهم تاريخية لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية، وستكون واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، بإجمالي 3.4 تريليون دولار، وتفتح المجال لفرص جديدة في التجارة والاستثمار، والتقريب بين الولايات المتحدة وأفريقيا أكثر من أي وقت مضى.
مقعد دائم
ومن جانبها، قالت أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الأفريقية، الدكتورة هبة البشبيشي، إن نتائج تلك القمة مختلفة عن سابقاتها من حيث إعطاء بعض الحوافز للقارة السمراء.
وتكمل البشبيشي أن الولايات المتحدة تحاول الوصول بالعلاقات مع أفريقيا لأعلى مستوى، مشيرة إلى أنه من أفضل المكاسب دعم أفريقيا للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، وكذلك قمة العشرين.
وحول الاستجابة لأزمة المناخ، أكدت أن أفريقيا ما زالت قارة بكرا لم تتأثر بالصورة الصناعية، ومحافظة على كافة خيراتها ومواردها الطبيعية، وتعد رئة العالم خاصة في المنطقة المدارية، موضحة أن أفريقيا رغم ذلك أنها أكثر تأثراً بالتغيير المناخي ويجب دعمها بكثافة.
وعن تعزيز السلام، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الأفريقية، أشارت إلى أنه يجب على الولايات المتحدة دعم بناء السلم التابع للاتحاد الأفريقي لبسط الأمن بالقارة، مشيرة إلى أن أفريقيا أصبحت سلة سلاح وتورد لها جميع الدول لتأجيج الصراعات لاستخدام تلك المنتجات.
استمالة أفريقيا
واتفقت أيضا معهم، مديرة وحدة الدراسات الأفريقية بمركز المستقبل الإقليمي بالدراسات الاستراتيجية، إيمان الشعراوي، التي أكدت أن القمة الأمريكية الأفريقية شهدت في ختامها اهتماماً كبيراً من واشنطن بتعزيز شراكاتها الاقتصادية مع أفريقيا وضخ استثمارات جديدة، وإقامة مشروعات تنموية من شأنها تحسين العلاقات الأمريكية الأفريقية بعد سنوات من الإهمال الأمريكي.
وأوضحت أنه رغم عدم تركيز الولايات المتحدة على ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية، والتطرق إليها في إطار عام، إلا أنه كانت هناك 5 دول أفريقية مهمة لم تتم دعوتها لحضور القمة، وهي السودان وبوركينا فاسو وغينيا ومالي، وذلك بسبب تعليق عضويتها من قبل الاتحاد الأفريقي، فضلًا عن إريتريا التي ليست لديها علاقات دبلوماسية مع واشنطن.
وأشارت الشعراوي إلى أن الرئيس الأمريكي سعى خلال القمة لاستمالة الدول الأفريقية وتعزيز التعاون، إلا أن ما قدمته أمريكا في القمة سواء ما يتعلق بالدعم الاقتصادي والشراكة في منطقة التجارة الحرة الأفريقية، والتعهد بإسقاط جزء كبير من الديون على الدول الأفريقية، ليس كافيًا لإعادة أمريكا بقوة للقارة الأفريقية، في النفوذ الصيني والتغلغل الاقتصادي في معظم الدول الأفريقية.
وعما أسفر عنه البيان الختامي للقمة من أهمية معالجة أزمات الأمن الغذائي والمناخ وتعزيز النظم الصحية وبناء اقتصاد عالمي قوي وشامل، أكدت الشعراوي أن هذه التوصيات صعبة التطبيق خاصة في ظل عدم وجود خطة عمل بين الطرفين لتنفيذها.
وأوضحت أن عشرات الملايين داخل القارة الأفريقية يعانون بسبب أزمة الأمن الغذائي، فضلًا عن تداعيات التغير المناخي التي تتقاعس الولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى بالوفاء في التزاماتها تجاه الدول النامية وعلى رأسها أفريقيا.