"مافيا" حزب الله.. أخطبوط بأذرع دولية لتهريب الأموال والمخدرات
الحزب أسس على مدار عقود شبكة من الشيعة اللبنانيين في الشتات يتولون التجارة في السلع غير القانونية، ويجرون معاملات مالية مشبوهة
لم يعد "حزب الله" الإرهابي مجرد تنظيم شيعي ينفذ الإرادة الإيرانية في لبنان بمساعدة مليشيا عسكرية وترسانة صواريخ وفصيل برلماني وعدة مناصب وزارية، بل بات مافيا تملك أنشطة واسعة مرتبطة بالأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال والتهريب.
فالحزب أسس على مدار عقود شبكة من اللبنانيين في الشتات في أمريكا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، يتولون التجارة في السلع غير القانونية، ويجرون معاملات مالية مشبوهة.
المليشيا الإرهابية أصبحت تملك آلة قوية لغسيل الأموال، وباتت مزود خدمة لعصابات المخدرات الكولومبية، وتجار السيارات الأفارقة، وفق تقرير لمجلة دير شبيجل الألمانية ذائعة الصيت.
وقبل فترة ليست قصيرة، كانت سيدة معروفة بتقديم الدعم اللوجستي لحزب الله تتحدث في الهاتف مع شخص عن إجراءات التهريب في مطار بيروت، ووعدته بأنه في حال إرسال طائرة كبيرة من البضائع فإنها يمكن أن تهبط في المطار دون أن يلاحظ أحد، ثم تتلقى تخليصا جمركيا شاملا "إنهم محترفون هناك"، حسب قولها.
لكنها لم تكن تعلم أنها تتحدث أيضا إلى محترف، فعلى الجانب الآخر كان يتحدث وكيل وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية، وكانت المحادثة المسجلة جزءا من تحقيق واسع النطاق لإدارة مكافحة المخدرات حول كيفية استخدام حزب الله لأرباح تهريب المخدرات في أمريكا الجنوبية، لشراء سلع فاخرة وتهريبها مرة أخرى للبنان، ثم بيعها بمساعدة مسؤول في الجمارك، في عملية غسيل أموال واضحة.
وكانت هذه القضية واحدة فقط من عدة قضايا تخص التحركات الإجرامية لحزب الله، ظهرت يوم الأربعاء في تقرير حصلت عليه دير شبيجل بشكل حصري من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، ويتضمن ملفات المحكمة وتقارير التحقيق من وزارة الخزانة الأمريكية.
وفي قضايا غسيل أموال أخرى، وفق الوثائق الأمريكية، سار الأمر كالتالي: نظم حزب الله نقل وبيع المخدرات في الخارج لصالح عصابات الكوكايين، خاصة في كولومبيا، ما يدر عليه دخلا بلغ حوالي 200 مليون دولار شهريا.
ثم استغل هذه الأموال في تجارة السيارات المستعملة في غرب أفريقيا، حيث اشترى عملاء الحزب سيارات مستعملة من الولايات المتحدة وأوروبا، وبيعت في أفريقيا.
وذهبت بعض عائدات هذه التجارة مباشرة إلى بيروت، فيما استغل الحزب الجزء الآخر في شراء سلع استهلاكية من آسيا باستخدام شركات وهمية من أمريكا الجنوبية، ثم بيعها في فنزويلا وكولومبيا، وإعادة الأرباح لبيروت.
ولإخفاء تدفق الأموال، لجأ حزب الله لشركات الصرافة ونظام الحوالة، حيث يطلب فرع ما لشركة صرافة تسليم مبلغ من المال لشخص في فرع آخر، بدون أي إثبات لتحويل الأموال بشكل رسمي، وفق دير شبيجل.
لذلك فرضت وزارة الخزانة الأمريكية بشكل متكرر عقوبات على شركات الصرافة مثل "شركة شمس للصرافة" في ربيع 2019، بعد اتهامها بإخفاء دخل المخدرات من أستراليا وأوروبا وأمريكا الجنوبية.
الأكثر من ذلك، أن حزب الله يعمل كمزود خدمة دولي في مجال إخفاء المصادر غير القانونية للأموال الناتجة عن جميع التعاملات الإجرامية بما فيها تهريب المخدرات، مقابل عمولة "رسوم".
ووفق التقرير، فإن السلطات الأمريكية لديها معلومات أكثر إيلاما تتعلق بتورط بنوك لبنانية كبرى في أعمال حزب الله غير القانونية، وتتهم واشنطن العديد من هذه البنوك بالعمل مع شركات حزب الله في مجالات استيراد الأدوية والنفط وغيرها.
وفي حال قررت السلطات الأمريكية تحميل هذه البنوك المسؤولية عن أعمال عملائها "شركات حزب الله"، فيمكنها عزلها عن السوق المالية الدولية وضرب اقتصاد لبنان الذي يقف على شفا الانهيار.
وبصفة عامة، تحظر الولايات المتحدة و3 دول أوروبية حزب الله، هي هولندا وبريطانيا وألمانيا، فيما تدرس سويسرا اتخاذ خطوة مماثلة، وقررت ليتوانيا منع عناصر الميلشيا اللبنانية من دخول أراضيها.
أما الاتحاد الأوروبي فيفصل منذ يوليو/تموز 2013 بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، حيث يصنف الأخير إرهابيا ويحظره، لكن لا يصف الجناح الأول بنفس الوصف، بداعي الحفاظ على قنوات اتصال مع حكومة لبنان الذي يعد الحزب جزءا منها.