يمتد من 40 إلى 70 يومًا.. هكذا كان يصوم المصريون القدماء
المصريون القدماء عرفوا العبادات الروحانية والطقوس الدينية قبل نزول الأديان السماوية ومن بينها الصوم عن الطعام.. كيف كانوا يصومون؟
عرف المصريون القدماء الصيام كفريضة دينية يتقربون بها إلى أرواح الأموات، ويعتقدون أن صيام الأحياء يرضي الموتى لحرمانهم من طعام الدنيا، ويعتبرونه في الوقت نفسه تضامنًا معهم، وكانت فريضة الصيام تصاحبها بعض الطقوس التي يقررها الكهنة.
يعيد الأثريون والمتخصصون فى علم المصريات كلمة صوم إلى كلمة " صاو" الهيروغليفية التي تعني "امتنع"، أو "كبح"، أما حرف الميم فمعناه من أو عن، فتكون "صاوم" أو "صوم" معناهما امتنع عن طعام أو شراب أو كلام "قاموس دكتور بدوي وكيس".
وعرف المصريون القدماء نوعين من الصيام كما يقول عبدالحكيم الصادق، في كتابه "الأديان وفلسفة الصوم": "النوع الأول (صيام الكهنة)، وجمع بين كونه فرضًا أو استحبابًا، فكانت له مواعيده المحددة، كما يتطلب من الكاهن خدمة المعبد لمدة سبعة أيام متتالية من غير ماء قبل التحاقه بالمعبد، وقد تمتد فترة الصيام إلى 42 يومًا، ويبدأ صيامهم من طلوع الشمس إلى غروبها، إذ يمتنعون عن تناول الطعام ومعاشرة النساء، ويمر الكاهن في صيامه بمراحل، أولها صيام عشرة أيام عن أكل اللحم وشراب النبيذ، ثم يعقب ذلك تلقينه واجباته المتعلقة بالمسائل المقدسة بعد صيام عشرة أيام أخرى، وكان الكهنة يخلطون صيامهم بالأسرار المبهمة، معتقدين أنها تضفي القدسية عليهم".
النوع الثانى من الصيام فى مصر القديمة هو "صيام الشعب"، حيث كانوا يصومون 4 أيام من كل عام، تبدأ عندما يحل اليوم السابع عشر من الشهر الثالث من فصل الفيضان، وهناك نوع آخر من الصيام يحرّم فيه أكل كل شيء من الطعام، عدا الماء والخضر مدة سبعين يومًا، ويصومون كذلك في الأعياد مثل عيد وفاء النيل، وفي موسم الحصاد.
وما زالت بعض الكلمات التي يستعملها المصريون الآن وترتبط بالصيام، ويغنيها الأطفال المصريون في استقبال شهر رمضان مثل "وحوي يا وحوي إياحا أو إيوحا" هي كلمات مصرية قديمة.
كلمة "وحوي" مركبة من "واح + وي"، وفي اللغة المصرية القديمة تعني الظهور ومنها كلمة "لاح" أي ظهر، وكلمة "وي" تعني نداء أي أنه العبارة هي نداء للقمر بالظهور. التقويم المصري كان قمرياً قبل أن يكون شمسياً عام 4241 ق. م ولكنه ظل قمرياً في الاحتفالات والأعياد.
أما كلمة "إياحا" فهي الملكة إياححتب، أحد ألمع الملكات المصريات التي تزوجت الملك "سقنن رع"، ووقفت إلى جواره في حربه ضد الهكسوس التي انتهت بموته، ولعبت نفس الدور مع ابنها الكبير "كامس" في حربه ضدهم، حتى مات هو الآخر، فكانت بعده هي الوصية على الملك أحمس قاهر الهكسوس، الذي لم يتجاوز عمره وقتها 10 سنوات.
وقامت إياححتب بتصريف شؤون الدولة وإدارة الحكم سياسيًا وعسكريًا حتى تولى أحمس مقاليد الحكم، وقادت تلك الفترة شعلة النضال ضد الهكسوس، وجمعت شمل الجيش ووضعته تحت رعايتها.
وقبيل حرب التحرير، أعلنت إياححتب نفير الحرب، وأتى الرجال والشباب من كل بقاع مصر، وألقت خطابا حماسيا، قالت فيه لابنها أحمس: "لا تعود إلا بالنصر".. ومازال المصريون يتذكرون هذا النداء بالقول "وحوي إياحا".