إن المشاركة في القضايا السياسية ليست من أولوياتي البحتة ولا أُحبّ الخوض في هذا البحر العميق، إلا أنني قررت الغوص في أعماقه والعودة سريعاً إلى الأرض التي اعتدت الوقوف عليها، فوجدت ما لم يكن في الحسبان من سبر أغوار الحقيقة التي بحثت عنها.
إن المشاركة في القضايا السياسية ليست من أولوياتي البحتة ولا أُحبّ الخوض في هذا البحر العميق، إلا أنني قررت الغوص في أعماقه والعودة سريعاً إلى الأرض التي اعتدت الوقوف عليها، فوجدت ما لم يكن في الحسبان من سبر أغوار الحقيقة التي بحثت عنها.
هل تظن قطر أننا ربما نتناسى تاريخها في نصب المكائد لزعزعة استقرار الوطن العربي والذي لا زالت تمارسه للأسف عبر إبواقها الإعلامية التي تُديرها؟
ولتعزيز موقفي وحقيقة ما توصّلت إليه فإني أتوّقع انهيار لهذه الدولة التي خططت لأن تسقط مكانة المملكة العربية السعودية والإمارات، فبعض الأحيان نحتاج للنصح والنقد الذي يُبقي من الحقيقة ولا يُعرّيها بالخداع والكذب، فالمتابع للشأن الخليجي يلحظ الجهود الخطرة التي سبّبت خلافات وهدفت إلى زعزعة ثقة بعضنا في الآخر، وربما لن تخُمد هذه الشُعلة من الفتن طالما أن المزيد والمزيد منها تُدار دائرته، ويُحاك لها في تحديثات سريعة لتشويه سُمعة بلد بأكمله، فمع أن العالم يُجمع على أن الإرهاب ومن يسيسون له من المنظمات الإرهابية خطر على الأمم إلا أن بعض الدول تنظر لهذه المنظمات على أنها الثقل الضروري في الإبادة والسيطرة على كيان الدول المُحاربة له.
إن التحليل النهائي الذي وصل إليه الغالبية في الخليج العربي لا يتّحيز إلى أننا لابد أن نُنهي الخلاف أو الجدل بفوز أحد الطرفين بقدر ما نكون مُنصفين في حمل مسؤولية الكلمة التي نتفّوه بها، والتمّكن من التعامل مع القضية التي تتداخل فيها جميع الأطراف المعنية بعدل وإنصاف.
إن الوضع المتّازّم والموقف الذي وضعت فيه قطر نفسها تماماً مثل الطفل الذي دمّر لُعبته وأراد إعادتها كما كانت، فهو خائف من التأنيب وفي نفس الوقت لا يعترف بفعلته!
فإزاء الأحداث الأخيرة التي شنتها قطر ضد الإمارات والمملكة العربية السعودية حاولت جاهدة تفسير أبعاده لأخرج بعذر من باب التمس لأخيك ألف عذر، فلم أجد للأسف مخرجا أو مُبررا، وتجسدت محاولات عديدة لتزييف الحقائق وقلبْ موازين العدالة لتقديم تفسير ولو بسيط لكنها كلها باءت بالفشل!
تعتبر قطر جزء من هذا الخليج العربي له كيان ودستور ورؤيته السياسية بلا تدّخل من جيرانه، وهذا حق كل بلد وكل حكومة مستقلة، لكن صُنع السياسة وما آلت إليه من أخطاء أدمت العيون قبل أن نرفع في وجهها العصا ونعاتب فعلها!
فسياسة أي دولة إن لم يرتكز دستورها على العقل فإنها ستتخّبط يمنة ويسرة بلا وعي، وهذا بالضبط ما لم تتبّعه سياسة قطر والتي خلقت الجو السياسي الخاطئ مما تسببّ في تدهور سياستها الغير مرنة، فالفكر السياسي السليم لا يخضع لاُطر المؤمرات التي تتصّدر قطر أجندتها في تعاملها مع الامارات والسعودية والدول العربية الأخرى، هناك مؤمرات وبعض التحليلات السياسية تفتقر للصحة والموضوعية لأن الحرب سهلة على المُتفرّج بينما الواقع في معمعتها هو الوحيد الذي يُعاني مُرّها، فدولة الإمارات مُذ عهد الوالد الشيخ زايد "رحمه الله" وهي دولة عطاء وخير وذات ثقل سياسي برزت مكانتها السياسية عالمياً، فمن المعيب والعار أن تُرسم خطط إرهابية ومؤمرات للنيّل من سمعتها والإطاحة برموزها ووجودها التاريخي والسياسي.
لا نستبعد أن تكون ردّة الفعل قاسية وبها الكثير من الشدّة فيما يتعلق الأمر بالمساس بدولة، وليس ثّمة شك أن ما تُمارسه قطر هو اختراق، اختراق لقوانين الأمم المتحدة وميثاقها، واختراق لمبادئ الأخوة وحُسن الجوار، فهي بعد سنوات من الآن لن تجد من يُبّرر لها موقفها إزاء ما فعلت وأحدثته من خرق للقوانين الدولية.
اسم قطر صار مادة غنية للصحافة والاعلام، وهذا الصراع الإعلامي غربل لنا كثيرا من الشخصيات وظهرت حقيقتها من خلال الردود أو الصمت والوقوف على الحياد، لكن هذه السيطرة الغامضة لسياسة قطر أحدثت أثراً سياسياً لضعف حكومتها كونها تتهم فيها دول جارة لها، وهذا بالضبط ما عابها كون القرارات التي تصدر وتلقى ردّة فعل سلبية تجد السرعة في حذفها أو إدعاء إختراق لأنظمتها وتُركّز على مُتغيرات تنبع من سوء في إدارة الحكم وتقلبات في الآراء، ومن الواضح أن الجميع أبدى رأيه وأدلى بدلوه في موضوع الساحة المثير للجدل وهنا لست بصدد الحديث عمّا حدث أكثر مما قيل وتأويل ما سيحدث لأنه في علم الغيب، لكن من باب الغيرة والحميّة لوطن أعطى كثيرا لأبنائه وأقسمنا بإخلاص لخدمته والوفاء في حمايته فلن نخذله أو نتنحّى جانباً وكأن الأمر لا يعنينا، فمن هي قطر حتى تُسيء لدولتنا ومن نكون حتى نسكت عن هذه الإساءة ونكون من بين المُتفرجين الذين ينتظرون النهاية!
ولنرجع بذاكرتنا إلى تاريخ قطر والمؤامرات التي شنتها ضد السعودية والإمارات، ففي العام 2004 تم إعلان الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين برئاسة القرضاوي وكان هدفه واضحاً في إنشاء كيان ذو صبغة إخونجية يتم من خلاله إصدار البيانات والفتاوي التي تمهد الطرق للجماعة الإرهابية من خلال استخدام الصبغة الدينية المتمثلة في القرضاوي وأعضاء جماعة الإخوان، أرادت إذلال الدول العربية والإسلامية وضرب قوتها في محاولات لتدميرها وقمع وجودها.
فقامت بالترويج للإشاعات التي تنال من اسم الإمارات وهذا منطق الضعيف عندما لا يستطيع أن يصل لمكانة القوي يدّس المكائد ويحاول تعتيم الحقائق وتضليلها، ولم تكتف بذلك بل دعمت انفصال حركة حماس عن الدولة الفلسطينية، وسددت ديون قناة المستقلة في لندن ودعمتها مادياً وتجنيد طاقة هذه القناة للهجوم على المملكة العربية السعودية، كذلك دعمت الجماعات الإرهابية في البحرين، ناهيك عن دعمها للحوثيين في اليمن عن طريق منظمات تعمل لصالحها، هذا وما خفي كان أعظم، هل تظن قطر أننا ربما نتناسى تاريخها في نصب المكائد لزعزعة استقرار الوطن العربي والذي لا زالت تمارسه للأسف عبر إبواقها الإعلامية التي تُديرها، وكيف لا يكون هذا حقيقة وهي تُعلن جهاراً عن كُرهها للملكة والإمارات! وتتمادى في تهميش دور القوة الخليجية وتهزأ بهذا التعاون وكل هذه الشواهد واقعية وليست فرضيات قابلة للاحتمال والجدل أو الخطأ، فهي التي بدأت في الهجوم وخلقت فُرص التآمر لكسب الشر لصفها، وتخندّق فكرها في إصرارها على عدم الثبات على رأي، وهنا ينطبق فعلها بما فعله أبناء يعقوب في يوسف، ورغم الكُره والأذى الذي سببّوه لأخيهم والمؤامرة التي اتفقوا عليها إلا أنهم (جاؤوا أباهم عِشاءً يبكون).
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة