"زحام وعنف".. انتقادات لحظر التجوال "المفاجئ" بتركيا

الإعلان المفاجئ أدى لتفشي حالة من الذعر والفزع، وهرول الأتراك لشراء احتياجاتهم وتخزينها ما تسبب في زيادة حدة التوتر

ما زالت تركيا تشهد حالة من الجدل والانتقادات لقرار حظر التجوال "المفاجئ" الذي اتخذه الرئيس رجب طيب أردوغان في إطار مكافحة فيروس كورونا، قبل ساعتين فقط من سريانه، ما أدى إلى حالة كبيرة من الفوضى وحوادث عنف.

ومساء الجمعة الماضية، أعلنت وزارة الداخلية التركية فرض حظر تجوال كامل مفاجئ لمدة 48 ساعة، على 31 مدينة كبرى، من بداية منتصف ليل الجمعة، وذلك بعد تسارع معدلات تفشي وباء (كوفيد-19) في البلاد، حيث سُجل نحو 50 ألف إصابة السبت.

الإعلان المفاجئ عن القرار، أدى لتفشي حالة من الذعر والفزع، وهرول المواطنون لشراء احتياجاتهم وتخزينها من المحال التجارية والأفران؛ ما تسبب في زيادة حدة التوتر بين المواطنين.

• 7 ملايين عاطل في تركيا بعد كورونا.. والقادم مخيف
• تركيا تتلقى ضربة جديدة من أقصى الشرق.. التصنيف الائتماني ينحدر

كما شهدت البلاد شجارًا عنيفًا بين المواطنين أمام المحال التجارية والأفران، فكل منهم يريد أن يسبق الآخر للحصول على البضائع والسلع قبل بدء موعد الحظر، فتدخلت قوات الشرطة للفصل بينهم.

القرار تسبب في نشوب أزمة بين أعضاء اللجنة العلمية التركية لمكافحة الفيروس والتابعة لوزارة الصحة، حيث استقال عدد من أعضاء اللجنة، لكن وزير الصحة التركية فخر الدين قوجة تدخل وأقنعهم بالتراجع.

ووفقا للموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" المعارضة، الأحد، "قرار الحظر أدى إلى استقالة بعض الأسماء، إلا أن وزير الصحة تدخل وأقنع تلك الأسماء بالتراجع عن ذلك".

الصحيفة ذاتها ذكرت أن "قرار حظر التجوال المفاجئ، ودون اتخاذ أي استعدادات أزعج أيضا وزير الصحة".

ولفتت إلى أن أعضاء باللجنة أعربوا عن امتعاضهم من اتخاذ القرار بهذا الشكل، مشيرين إلى أن "ذلك أدى إلى تجمهر المواطنين بالأسواق، والمخابز، ومحطات البنزين، وتقويض ما تحقق من إنجاز في التصدي للفيروس.

وأكد البروفيسور، توفيق أوزلو، عضو اللجنة العلمية: "كنا نسير على نحو جيد، لكن بعد القرار الراهن سنعيش كارثة مفجعة بعد عدة أسابيع".

والسبت، قال عضو اللجنة آتش قارا: إن حالات الإصابة بالفيروس زادت بعد فرض النظام الحاكم حظر التجوال بشكل كامل في 31 ولاية تركية.

ودعا إلى "عزل كل من اضطر إلى النزول إلى الشارع، (الجمعة)، نفسه على الفور لمدة 14 يومًا"، مضيفا: "فالمخاطر كثيرة لكنها ازدادت".

 وفي سياق الانتقادات الموجهة للقرار، قال نائب ولاية قونيا البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، عبداللطيف شنر القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية الحاكم: إن "القرار كان مفاجئا للغاية"، معتبرا الخطوات التي اتخذتها الحكومة في الفترة الماضية "خاطئة للغاية".

وفي تصريحات صحفية أدلى بها المعارض التركي، وفق صحيفة "يني تشاغ"، الأحد، أكد أن "الصحة تأتي في المقدمة إلا أن كل شيء كان على عجلة، واتضح أنه لم تُتخذ استعدادات مسبقة، كما أن التصريح بهذا ليلًا في الساعة العاشرة تسبب في صدمة المواطنين".

بدوره، قال نائب الشعب الجمهوري عن مدينة إزمير، أتيلا سرتل، إن "التوقيت سيئ للغاية، حيث تسابق المواطنون الذين سمعوا بالخبر إلى الشوارع غير مبالين بالإجراءات الصحية".

وأضاف: "القرار صحيح لكن آليات تنفيذه خاطئة؛ إذ كان يتعين إبلاغ الشعب به قبل فترة كافية من سريانه، وليس قبل ساعتين فقط".

كما انتقد نائب إسطنبول عن الحزب نفسه، عاكف حمزة تشبي، القرار، مشددًا -كغيره من المنتقدين- على ضرورة اتخاذه قبل سريانه بفترة كافية.

أضرار اقتصادية

وعن الأضرار الاقتصادية لقرار حظر التجوال المفاجئ، قال أصحاب المتاجر الذين أجبروا على غلق أبوابها لمدة يومين: إن ذلك القرار سيتسبب في تلف الخضار، والفواكه، واللحوم ومنتجات الأسماك الباقية في الداخل.

وبحسب صحيفة "سوزجو" قال أحد التجار: إن "الإعلان قبل ساعتين عن قرار كهذا بدلًا من الإعلان عنه قبل يومين أو ثلاثة على الأقل أدى إلى إهدار الموارد الوطنية هباءً".

وبين تاجر آخر: "إذا أُعلن عن هذا القرار قبل ذلك بيومين أو ثلاثة على الأقل، كنا سنورد البضائع وفقًا لذلك، ونتخذ التدابير اللازمة، كما كان المواطنون سيلبون احتياجاتهم دون ذعر".

وشدد على أنهم سيعيشون أزمة مالية كبيرة لأنهم لا يستطيعون البيع في نهاية الأسبوع.

بدوره، علق وزير الداخلية التركي سليمان صويلو على الانتقادات التي وجهت إليه بسبب قراره الخاص بحظر التجوال بشكل مفاجئ.

وقال، في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني لصحيفة "مللييت" الحكومية: "من ناحية توقيت القرار الذي اتخذناه فهو قرار خاص بوزارتنا، أقولها مرة أخرى: لقد تلقيت الانتقادات وقبلتها وأتقبل أيضًا الإهانات".

وأضاف: "اتخذنا هذا القرار في عطلة نهاية الأسبوع لأننا اعتقدنا أن هذا القرار لن يضر بعجلة الإنتاج، وكان هذا القرار مهما للغاية. لقد حدثت فوضى في بعض المناطق قبل ساعتين ونصف من بدء الحظر".

وتابع: "لم أتوقع ذلك رغم خبرتي، ولكن لم أعتقد أن هذا سيكون مشكلة كبيرة. لقد درسنا أمثلة عديدة لدول أعلنت حظر التجوال قبلها بيومين وثلاثة، وكان هناك عبء كبير على الأسواق، ولم نرد أن يحدث هذا هنا أيضًا".

وأكد صويلو أن حظر التجوال سينتهي ليلة الأحد الساعة 12:00 صباحًا ولن يتم تمديده إلى أسبوع آخر.

القرار سبق وأن انتقده أحمد داود أوغلو، رئيس حزب "المستقبل" التركي المعارض، رئيس الوزراء الأسبق، واصفا إياه بـ"الخاطئ".

وقال داود أوغلو، مساء السبت، خلال مشاركته في أحد البرامج الحوارية على مواقع التواصل الاجتماعي:" هل علم وزير الصحة فخر الدين قوجة بهذا الحظر عندما أدلى ببيان الساعة السابعة الليلة الماضية؟ إذا كانت الإجابة نعم، فلماذا لم يرسل رسالة تحضيرية للمجتمع؟ إذا لم يكن كذلك، فكيف لا يعرف؟".

كما أشار إلى أن "هذا القرار المفاجئ تسبب في تدافع المواطنين على الأسواق والمخابز بزحام شديد".

وتعليقًا على حالة الفوضى التي شهدتها المدن التركية، عقب الإعلان عن قرار حظر التجوال المفاجئ، قال داود أوغلو: "تركيا تعيش تداعيات دخولها في أزمات بسبب إدارة عاجزة عن إدارة الأزمات".

كذلك انتقد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو القرار، وقال في تغريدة نشرها على حسابه بموقع "تويتر"، السبت: " لا ينبغي اتخاذ قرار حظر التجول فجأة".

وأضاف: "نحن في بلدية إسطنبول لا علم لنا بهذا القرار، ولا نعرف ما هي الخدمات التي سنقدمها في إسطنبول خلال الحظر".

وتابع: "كل قرار ليس لا يصدر بناء على تفكير وتعاون مشترك يخلق الذعر والارتباك".

والسبت، أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، السبت، ارتفاع عدد الوفيات جراء الفيروس إلى 1101 بعد تسجيل 95 وفاة خلال الـ24 ساعة المنقضية، فيما ارتفعت الإصابات إلى 52 ألفا و147 إصابة، بعد تسجيل 5138 حالة جديدة.

وتم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في تركيا يوم 10 مارس/آذار المنصرم.

وبشكل عام اتخذت السلطات التركية عدة تدابير؛ لمواجهة تفشي الفيروس، شملت حظر تجوال للمسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، ومن هم دون الـ20 عامًا، فضلا عن تقييد حركة التنقلات بين كافة الولايات برًا وجوًا.

ومنذ الإعلان عن أول إصابة بالفيروس في البلاد، وكل أحزاب المعارضة تشن هجوما على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، لقصور النظام الصحي في مواجهة انتشاره، ولعدم اتخاذ التدابير اللازمة، فضلا عن اتباع الحكومة سياسة التعتيم فيما يخص الإصابات والوفيات.