في ذكرى قصف هيروشيما.. هل يجدد فيلم "أوبنهايمر" الآلام التاريخية؟

تمر، الأحد، الذكرى الـ78 لإسقاط الولايات المتحدة الأمريكية لأول قنبلة نووية في التاريخ.

هذه القنبلة أطلق عليها اسم "الولد الصغير"، فوق مدينة هيروشيما، مما تسبب في مقتل حوالي 140,000 شخص.

وبعد 3 أيام لاحقة، تم إلقاء القنبلة النووية الثانية التي أطلق عليها اسم "الرجل البدين" على مدينة ناغازاكي اليابانية، وأدت إلى وفاة 75,000 شخص.

هذه الأحداث أدت في النهاية إلى استسلام اليابان وانتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945.

ضرب هيروشيما وناغازاكي

تقع مدينة هيروشيما في جزيرة هونشو على خليج هيروشيما، واشتهرت عالميًا لأنها كانت أول مدينة تتعرض لهجوم بقنبلة ذرية، وتم تأسيس المدينة في عام 1594 وتتألف من 6 جزر في دلتا نهر أوتا، وتم إقامة قاعدة عسكرية في المدينة في عام 1868.

في السادس من أغسطس/ آب عام 1945، أقلعت طائرة القاذفة الأمريكية "إينولا غاي" بقيادة الكولونيل بول تيبيتسن، وكانت تحمل أول قنبلة نووية في التاريخ التي استهدفت مدينة "الولد الصغير"، وألقتها فوق هيروشيما. وتم تدمير 90% من مباني المدينة ومنشآتها، وقتل أكثر من 140,000 شخص وأصيب 90,000 آخرون، وترك العديد من الناس بدون مأوى.

بعد ثلاثة أيام من الهجوم الأول، ألقت الولايات المتحدة القنبلة النووية الثانية على مدينة ناغازاكي، وتسببت في مقتل 75,000 شخص. هذه القنابل النووية ساهمت في إعلان اليابان استسلامها وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

لم يكن هناك سبب مباشر يبرر استخدام الولايات المتحدة للقنابل النووية، والتي أدت إلى مأساة اليابان.

يعتقد بعض المحللين أن السبب الوحيد الذي يمكن تقديمه هو تسريع نهاية الحرب العالمية الثانية التي استمرت منذ عام 1939. ويُعتقد أيضًا أن أمريكا كانت ترغب في إظهار تفوقها العسكري والقوة النووية للعالم.

ومع ذلك، فإن استخدام القنابل النووية أثار العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونية، وأدى إلى تطوير جهود دولية للحد من انتشار الأسلحة النووية والتشجيع على نزع السلاح النووي.

الذكرى المأساوية

بعد الحرب العالمية الثانية، قامت اليابان بإعادة بناء هيروشيما وناغازاكي، وأصبحت المدينتان رمزًا للسلام والتطلع إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية. وتم تجديد العديد من المباني وإقامة نصب تذكارية لضحايا القنابل النووية، وتعزيز الجهود الدولية لمنع استخدام الأسلحة النووية.

تذكر اليابان سنويًا ضحايا القنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي، وتعمل على تعزيز السلام ونزع السلاح النووي في جميع أنحاء العالم. كما تقدم اليابان دعمًا للأبحاث العلمية والتقنية لتطوير مصادر الطاقة البديلة والمستدامة، بهدف تقليل الاعتماد على الطاقة النووية.

فيلم أوبنهايمر

تزامنًا مع الذكرى الـ78 لقصف المدينتين، تم إنتاج فيلم "أوبنهايمر" كفيلم سيرة ذاتية ودراما أمريكي، من إخراج وكتابة كريستوفر نولان.

يستند الفيلم إلى كتاب سيرة ذاتية حاز على جائزة بوليتزر بروميثيوس الأمريكي، والذي تم كتابته بواسطة كاي بيرد ومارتن ج. شيروين.

 يروي الفيلم قصة حياة عالم الفيزياء النظرية روبرت أوبنهايمر، ويركز بشكل أساسي على دراساته المبكرة وقيادته لمشروع مانهاتن أثناء الحرب العالمية الثانية، ومعاناته بعد جلسة الاستماع الأمنية في عام 1954.

يتناول الفيلم أيضًا العلاقة المعقدة بين أوبنهايمر ولويس ستراوس، عضو هيئة الطاقة الذرية الأمريكية الذي اعتبر أوبنهايمر خصمًا له. يقوم ببطولة الفيلم كيليان مورفي في دور أوبنهايمر وروبرت داوني جونيور في دور ستراوس، بالإضافة إلى طاقم التمثيل المميز الذي يضم إيميلي بلنت ومات ديمون وفلورنس بيو وجوش هارتنت وكيسي أفليك ورامي مالك وكينيث براناه.

تم عرض "أوبنهايمر" لأول مرة في باريس في 11 يوليو/ تموز 2023، وتم إصداره في الولايات المتحدة في 21 يوليو/ تموز، وقد حقق الفيلم أكثر من 430 مليون دولار في شباك التذاكر عالميًا، مع ميزانية إنتاج تبلغ 100 مليون دولار، وحظي بإشادة كبيرة من النقاد، الذين أشادوا بأداء فريق التمثيل والسيناريو وجودة المرئيات.

أزمة في اليابان

تعرض فيلم "أوبنهايمر" في اليابان قبل عرضه، لمواجهة مع حملة على الإنترنت اكتسبت زخمًا، تطالب شركتي إنتاج الأفلام في هوليوود بإلغاء حملة التسويق الشعبية التي ألقت الضوء على المحرقة النووية.

تم جمع أكثر من 16 ألف توقيع على عريضة "تشينج دوت أورج" خلال يومين فقط، تطالب شركتي Warner Bros و Universal Pictures، المنتجتين لفيلم السيرة الذاتية "أوبنهايمر"، بإيقاف استخدام وسم "باربنهايمر".

في البداية، استفادت شركة Warner Bros من النكات (الميمز) التي تم تداولها من قبل المعجبين، والتي تضمنت صورًا للممثلة روبي والممثل كيليان ميرفي بجانب صور لانفجارات نووية.

لكن هذا لم يحظَ بترحاب من مجموعة المعجبين في اليابان، حيث تحيي اليابان ذكرى قصف هيروشيما وناغاساكي.

وانتشر وسم "#لا_لأوبنهايمر" على الإنترنت وتمت إعادة نشره أكثر من 100 ألف مرة، مما دفع فرع Warner Bros في اليابان إلى إصدار انتقاد نادر لشركته الأم، تلاه بعد أسبوع اعتذار.