أنوشه عاشوري.. محنة استمرت 5 أعوام بسجن إيفين بإيران
على شاشة حاسوب، أشار أنوشه عاشوري إلى موقع ملجأ مؤقت في ساحة سجن إيفين سيئ السمعة في طهران.
وقال عاشوري لقناة "سي إن إن" الأمريكية: "اعتدت الجلوس هنا خلال الشتاء وحتى عندما كان يتساقط الثلج".
في هذا المكان، عمل عاشوري بجد، ليهيئ ما يشبه الحياة الطبيعية خلال تجربة ليست طبيعية.
وقضى رجل الأعمال البريطاني من أصل إيراني (68 عاما) حوالي خمسة أعوام في إيفين بتهمة التجسس.
وأدين عاشوري بالتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي، وحكم عليه بالسجن 12 عاما، لكنه أصر على أنه أدين بدون وجه حق.
وبعد شهر على إطلاق سراحه وموظفة الإغاثة البريطانية الإيرانية نازانين زغاري راتكليف، يتحدث عاشوري عن مأساة ترك سجناء مزدوجي الجنسية في السجون الإيرانية.
ولدى عودته إلى المملكة المتحدة، قال عاشوري إنه تلقى دعوة للقاء رئيس الوزراء بوريس جونسون، لكنه ينتقد الحكومة البريطانية بسبب "المهمة غير المكتملة"، إذ يقول إنه سيفكر في لقاء رئيس الوزراء عند إطلاق سراح السجناء الآخرين فقط.
وقال موجها حديثه لجونسون: "دفعت 400 مليون جنيه (522 مليون دولار) مقابل شخصين. ماذا عن البقية؟".
والمبلغ الذي يتحدث عنه عاشوري هو دين عمره 40 عاما على المملكة المتحدة لإيران. ويعتقد عاشوري وعائلته أنه إذا دفعت الحكومة البريطانية هذه الأموال في وقت أقرب، لم يكن ليعيشوا سنوات من الحزن.
وبالرغم أن منتقدي إيران يصفونها بـ"الفدية"، نفت طهران أي صلة بين مدفوعات الدين البريطاني وإطلاق سراح السجينين.
وتسجن طهران الإيرانيين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية كورقة ضغط في نزاعها مع الغرب.
وفي أغسطس/آب عام 2017، غادر عاشوري منزله في جنوب لندن لمساعدة والدته في إيران حيث كانت تتعافى من عملية بالركبة.
وبينما كان يسير على تلة في شمال طهران باتجاه السوق المحلي، خرج أربعة رجال من سيارة أمامه، وتحققوا من هويته، وأخذوه معهم بالسيارة وانطلقوا، لتبدأ محنته ذات الخمسة أعوام.
وفي صباح اليوم التالي، سمح لعاشوري بإجراء مكالمة هاتفية مدتها 30 ثانية مع والدته ليخبرها أنه في سجن إيفين. وتبع ذلك شهرين من الاختفاء، بحسب ما قالته زوجته شيري ازادي لـ"سي إن إن".
وأضافت: "لم تكن لدينا فكرة عما إذا كان على قيد الحياة. ماذا يحدث له. هل يتعرض للتعذيب؟ هل يجرى استجوابه؟".
"الانتحار؟"
ودفعت المحنة عاشوري للتفكير في الانتحار، حيث قال إنه حاول قطع شرايين رسغه، لكن عندما فشل ذلك، جرب تسميم نفسه، وعندما فشل، توقف عن تناول الطعام.
وتابع عاشوري "كان إضراب سري عن الطعام"، مضيفا "لأنه عندما تضرب عن الطعام فهذا احتجاج على شيء.. لكنني لم أرغب في ذلك".
وبينما كان يقبع في السجن، اختارت عائلة عاشوري عدم التحدث علانية، معتقدين أن الدبلوماسية ستكون فرصته لينال الحرية.
وبعد عامين من اعتقاله، أدين عاشوري في قضية تجسس، وحينها قررت عائلته بدء حملتهم للدفع لإطلاق سراحه.
وتندم زوجته على عدم بدء الحملة في وقت أقرب، قائلة: "كان يجب أن أبدأ فورا بعد اعتقاله. أحث جميع العائلات على فعل الأمر نفسه لأنه من السهل جدا أن تذهب طي النسيان".
وبعد محاولات الانتحار، نقل عاشوري إلى زنزانة مختلفة مع سجناء آخرين الذين بدؤوا التواصل معه.
"جامعة إيفين"
وتضمنت تلك المجموعات، التي تشكلت من سجناء سياسيين آخرين فيما يمزح عاشوري بوصفه "جامعة إيفين"، مناقشات وورش عمل في الفيزياء، والاقتصاد، والشعر، والإسبانية.
وكانت تلك الأنشطة إحدى السبل التي ساعدته في الحفاظ على سلامته العقلية، حيث تمكن أحيانا من أن ينسى أنه موجود بالسجن "لأنك منهمك للغاية في فعل تلك الأشياء".
وبالوقت الراهن، يحاول عاشوري المضي بحياته وفي نفس الوقت يناضل من أجل إطلاق سراح السجناء الآخرين، قائلًا: "عندما ترى آخرين يغادرون وأنت لا تزال باقيا، إنها عذاب آخر".
aXA6IDE4LjIyMS4xNzUuNDgg جزيرة ام اند امز