ملامح جديدة تتشكل لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان دفة الحكم...
باختياره رئيساً للدولة خلفاً للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "طيب الله ثراه"، حاملاً على كاهله والقيادة الإماراتية مهمة تنفيذ استراتيجية تركز على التنمية، والتطوير، والتحديث، والابتكار.
فمع قرب مرور عام على توليه المنصب، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان 5 قرارات ومراسيم لا نبالغ إذا وصفناها بالتاريخية، تضمنت تعيينات قيادية جديدة بالدولة وإمارة أبوظبي، والهدف منها تحقيق المزيد من التطور والاستقرار والنمو المستدام، في تطبيق عملي على الاستمرار في تنفيذ "مبادئ الخمسين" لحياة أفضل.
لكن يبقى السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا هذه التعيينات الجديدة والتي تضمنت استحداث مناصب جديدة أيضاً؟ الإجابة هنا تكمن في تحقيق جملة من الأهداف؛ أولها تعزيز نموذج دولة الإمارات المتفرد بمؤسساتها الدستورية تحت نظام قانوني يتوجه المجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء والمجالس التنفيذية للإمارات السبع، وهو ما يمثل العمود الفقري لبناء مؤسسي يلبي طموحات القيادة والشعب، ويسرع في تحقيق "مبادئ الخمسين".
وثانيها هو توزيع الجهود لتحقيق استراتيجية طويلة الأمد تنبع من وثيقة "مبادئ الخمسين"، والتي تمثل مرجعاً لمؤسسات دولة الإمارات خلال خمسين عاماً، حيث تنتقل الدولة إلى مرحلة جديدة من التطوير والتنمية، وهو ما يرسم المسار الاستراتيجي للدولة في المجالات الاقتصادية والتنموية، والسياسية، والداخلية والخارجية.
لذلك عكست التعيينات الجديدة الرؤية المستقبلية للقيادة الإماراتية والخطط المستقبلية لتعزيز التنمية والتحديث، وتعزيز دور الدولة في المنطقة والعالم، من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وهو ما يحقق المبدأ الأول من مبادئ الخمسين، الذي يجسد الأولوية الرئيسية الكبرى، وهي تقوية الاتحاد من مؤسسات وتشريعات وصلاحيات.
ومن هنا جاءت الأسماء على قدر المسؤولية؛ فالشيخ منصور بن زايد آل نهيان عين نائباً لرئيس الدولة بجانب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في خطوة تلبي تطلعات القيادة الإماراتية للعقود القادمة، لاسيما في الجانب الاقتصادي الذي يعد هو العصب والمحرك لباقي جسد أي دولة.
وجاء اختيار الشيخ منصور بن زايد آل نهيان ليكون يد العون للقيادة، حيث يعد شخصية استثنائية في التنمية الاقتصادية؛ إذ قام بدور كبير في تحقيق النجاحات، وعمل بجدية وتفانٍ في تطوير الاقتصاد المحلي، وقاد عدة مشاريع رئيسية تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية، وأسفرت جهوده عن نجاحات كبيرة في تعزيز الاقتصاد المحلي، وتحسين مستوى الحياة للمواطنين والمقيمين.
تقلد الشيخ منصور بن زايد العديد من المناصب في مجالات عدة، ليأتي تعيينه متسقاً مع المبدأ الثاني من "مبادئ الخمسين" الذي يركز بشكل كامل على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، وتحقيق التنمية الاقتصادية للدولة، وخلق أفضل بيئة اقتصادية عالمية، والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً السابقة.
أما الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان فجاء تعيينه في منصب نائب حاكم أبوظبي امتداداً للمهام التي يقوم بها في تحقيق الأهداف التنموية لإمارة أبوظبي منذ توليه منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في نهايات 2010، ليستكمل مسيرته في رئاسة مجلس إدارة هيئة الإمارات للهوية، ومستشاراً للأمن الوطني، وكان له دور مهم في تعزيز دور المجلس الأعلى للأمن الوطني، إضافة إلى بصماته الواضحة في مجال الرياضة من خلال الإنجازات التي حققتها الكرة الإماراتية؛ منها الفوز بلقب "خليجي 18"، ثم "خليجي 22"، والتأهل إلى أولمبياد لندن عام 2012.
ولم يكن تعيين الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائباً لحاكم أبوظبي بمعزل عن الهدف الأسمى وهو تحقيق استراتيجية الخمسين عاماً، فهو يملك من رصيد الإنجازات ما يؤهله لمنصبه الجديد؛ فماضيه وحاضره شاهدان على العديد من الإنجازات السياسية والأمنية والاقتصادية والرياضية، ما شكل معهما مسيرة أسهمت في نهضة وتنمية الدولة.
وتخطت جهود الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان الحدود، فلم تقف داخلياً عند الأمن والأمان والاستقرار، بل امتدت لخارج الدولة، حيث حمل على كتفه من خلال موقعه مستشاراً للأمن الوطني، تعزيز الاستقرار والازدهار والاشتباك في الملفات الخلافية بين دول المنطقة، وفي مقدمتها بالطبع ملفات قطر وتركيا وإيران.
وأدى الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان دوراً مهماً في نسج العلاقات الخارجية للدولة في الملفات ذات الطبيعة الخاصة، وهو ما يتماشى مع المبدأ الثالث من "مبادئ الخمسين" في توظيف السياسة الخارجية لدولة الإمارات لخدمة الأهداف الوطنية العليا؛ علاوة على المبدأ الخامس الذي يبني قاعدته على أن حسن الجوار هو أساس الاستقرار، فضلاً عن ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات.
فالدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هي جوهر سياسة دولة الإمارات، لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، وهنا برز اسم الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان الذي أطلق عليه البعض "مهندس تصفير الخلافات".
ويأتي تعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولياً لعهد إمارة أبوظبي، متسقاً مع أهداف التنمية والازدهار، فقد خلف والده في منصبه، ليكمل مسيرة التنمية والنماء والتطور التي تشهدها الإمارة؛ إذ تخرج في أكاديمية ساندهيرست العسكرية في المملكة المتحدة، وخدم بجهاز أمن الدولة لسنوات، حتى أصبح رئيساً للجهاز بدرجة وزير، ليعين بعدها نائباً لمستشار الأمن الوطني بدرجة وزير.
شارك الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان بجهود كبيرة منذ تعيينه عضواً للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ومن ثم رئيساً لمكتب أبوظبي التنفيذي في يناير/كانون الثاني 2019، وقد أطلق من خلاله العديد من المبادرات الرائدة لتنمية الإمارة على أكثر من صعيد، ومثّل الإمارات في كثير من المحافل الدولية، وتولى العديد من المهام؛ منها رئاسة مجلس الإمارات للجينوم بغرض تقديم رعاية صحية متميزة للمواطنين، وكان عضواً في مجلس إدارة شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، وترأس العديد من الهيئات الحكومية والخاصة، ولعب دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ليسير على خطى والده، ويكون نعم العون له في تنفيذ رؤيته الشاملة لدولة الإمارات.
تعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان جاء متسقاً مع رؤية دولة الإمارات في دعم الشباب وتمكينهم من لعب أدوار قيادية، وتعزيز دورهم على المستويات الوطنية والدولية، ضمن استراتيجية رسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي دوماً ما أكد أن الشباب هم مستقبل قيادة الدولة؛ كونهم "ثروة قومية" لا بد من الاستثمار فيها.
وهو ما ظهر جلياً في السنوات الأخيرة، حيث قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في تمكين الشباب وصقل مهاراتهم، وإكسابهم الخبرات المختلفة عبر التعليم والتدريب والتطوير، فأطلقت عدة مبادرات لتعزيز دورهم في المجتمع وصنع المستقبل وتحقيق التطلعات، وعملت على تنمية قدراتهم واستغلال طاقاتهم الإيجابية؛ لتحقيق النهوض الشامل والتنمية المستدامة.
الإمارات برؤية سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تواصل تعزيز ريادتها العالمية وطموحاتها المستقبلية، برؤية شاملة وطويلة الأمد تمتد لخمسة عقود، في استشراف المستقبل، لتعزيز سمعة الدولة وقوتها الناعمة، من خلال "مئوية الإمارات 2071" بالاستثمار في شباب الدولة، وتجهيزهم بالمهارات والمعارف التي تستجيب مع التغيرات المتسارعة، والعمل كي تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في العام 2071.
باختصار، انتظروا الإمارات ففي جعبتها الكثير ما تخدم به ليس فقط مَن يعيشون على أرضها بل الإنسانية والعالم أجمع، على يد رجال ذوي بصيرة قادرة على اختصار المسافات وفتح نوافذ الأمل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة