مسجد آق سنقر.. "الجامع الأزرق" تحفة معمارية في مصر
"بلد الألف مئذنة"، عبارة تصف تنوع وبراعة العمارة الإسلامية في القاهرة، لكن الواقع الآن في العاصمة المصرية يشير إلى عدد أكبر بكثير.
وفي يونيو/ حزيران 2020، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية ارتفاع عدد المساجد في القاهرة إلى 2475 مسجدًا كبيرًا، و2485 زاوية "مسجدا صغيرا".
ومن الأزهر والحسين إلى السيدة زينب والسلطان حسن، تشتهر القاهرة بمساجدها التاريخية التي تبرهن على براعة عمارتها منذ فتحها على يد المسلمين عام 20 هجريا.
مسجد آق سنقر في مصر
يقع مسجد آق سنقر إبراهيم أغا في شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، ويعرف أيضًا باسم مسجد إبراهيم أغا والمسجد الأزرق، بناه الأمير شمس الدين آق سنقر، أحد مماليك السلطان قلاوون.
وجاء بناؤه على الطراز المملوكي عام 1347 ليكون منارة زرقاء تضيء سماء المنطقة، ويقال إنه بٌني فوق منطقة مقابر، فحين بدأ الحفر لبدء أعمال بنائه وجد البناؤون بعض الهياكل العظمية للموتى المدفونين.
ويقع مسجد آق سنقر ضمن فئة المساجد المتوسطة المساحة، إذ يبلغ طوله نحو 100 متر وعرضه نحو 80 مترًا، ويتوسطه صحن (فناء) مفتوح، ومحاط بـ4 أروقة قائمة على أعمدة، وأكبرها رواق القبلة.
ولهذا المسجد 3 أبواب موزعة على الوجهات الغربية والشرقية والشمالية، ويعد باب الجهة الغربية بابه الرئيسي، ويضم المسجد قبة ضريحية، فيما تغطي صدر الرواق الشرقي بلاطات من القيشان الأزرق.
يتوسط المدخل الرئيسي للمسجد باب يعلوه رخام أبيض وأخضر، وعلى يمينه مجموعة من النوافذ المصفوفة، وأعتابها مزينة بالرخام الأخضر والأبيض، وعلى اليسار يوجد صف آخر من النوافذ، وصينية كبيرة مقعرة.
ترميم المسجد
هناك واقعة تاريخية وراء إطلاق اسم الأمير إبراهيم أغا مستحفظان على المسجد الذي بناه الأمير شمس الدين آق سنقر، فبعد وفاة مؤسسه تعرض المسجد لإهمال شديد، حتى قرر الأمير إبراهيم أغا ترميمه بالكامل.
وتقول الرواية التاريخية إن إبراهيم أغا كان حريصًا على التصميم القديم للمسجد، وقيل إنه رأى في المنام النبي محمد صلى الله عليه وسلم يصلي في محراب هذا المسجد وينصحه بترميمه وإعادته لسابق عهده وبهائه.
ومن هنا، حرص الأمير العثماني على الدقة في ترميمه، وكان يشرف على أعمال البناء بنفسه، كما جلب له قيشاني أزرق اللون لتزيين جدار القبلة، ويقال إنه أحضره خصيصًا من منطقة تسمى إزنيق في تركيا.
رؤية وبشرى
وللمسجد محراب مزين بالرخام وأحجار القرميد، وتعلوه عبارة منقوشة تقول "بشّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المحراب المبارك وهو قائم يصلي عند هذا الجامع الشريف إبراهيم أغا مستحفظان سنة 1062هـ".
وظل المسجد متماسكًا منذ ترميمه على يد الأمير إبراهيم أغا حتى نهاية القرن العشرين، حين ضرب زلزال عنيف مصر عام 1992 وأتى على جدران المسجد، وظل مغلقًا أمام المصلين لمدة تصل إلى 21 عامًا.
وخضع مسجد آق سنقر لعملية ترميم كبرى استمرت نحو 4 سنوات وبلغت تكلفتها 2 مليون دولار، وافتتح عام 2013، ويضم الآن 3 أضرحة منها ضريح للسلطان علاء الدين كجك ابن السلطان الناصر بن قلاوون.