صوامع العرب تسابق الحرب.. كم تكفي احتياطياتهم من القمح؟ (مسح شامل)
سارعت العديد من الدول العربية لطمأنة مواطنيها بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، بشأن احتياطياتها من القمح، لتجنب أزمة كبرى في حال طول أمد الحرب.
تعتبر روسيا أكبر مصدّر للقمح في العالم بمتوسط صادرات سنوية 44 مليون طن، بينما تأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة عالميا بمتوسط صادرات سنوية 17 مليون طن.
وأمام هذين الرقمين، تبرز أهمية القمح في الوقت الحالي للمجتمع العربي الذي يستهلك أكثر من 70 مليون طن من القمح سنويا، بصدارة مصر المصنفة بأكبر مستورد بمتوسط سنوي 13.8 مليون طن، وتستهلك 22 مليون طن.
وبينما لا تقدم دول عربية حجم احتياطاتها من القمح، إلا أن دولا أخرى سارعت وأعلنت عن احتياطات القمح لديها، في محاولة لتهدئة الشارع المحلي من احتمالية زيادة الشراء لغرض التخزين.
- سوق القمح العالمي.. دول جديدة تلتهم رغيف العيش
- مصر تضع قواعد استثنائية لتعظيم مشترياتها من القمح المحلي
من بين الدول التي تملك احتياطات كبيرة من القمح، جاءت الأردن، إذ أعلنت أنها تملك احتياطي من القمح يكفيها لمدة 15 شهرا، بإجمالي 1.5 مليون طن، بينما يبلغ استهلاكها السنوي 950 ألف طن.
بينما مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، فإنها تملك احتياطات تكفيها لمدة تزيد قليلا عن 4 شهور ونصف، وسط ترقب موسم الحصاد للعام الحالي والذي سيبدأ مطلع الشهر المقبل.
بينما دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد أكدت وزارة الاقتصاد فيها، أن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح والذرة، يغطي لفترة طويلة، كما يتم مراقبة المخزون الاستراتيجي من القمح والذرة، خلال الفترة الحالية.
وقال عبد الله بن أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد، إن روسيا وأوكرانيا، "من أهم الدول التي نستورد منها القمح والدقيق".
وأشار إلى أن الأزمة الحالية، يراقبها العالم كله، "ونحن نراقب الموقف، ونبحث البدائل في حال تعطل سلاسل الإمداد من الدولتين.. كما يتم مراقبة المخزون الاستراتيجي من القمح والذرة، خلال الفترة الحالية، مع تطور الأحداث في أوروبا".
حظر التصدير
وتتنامى المخاوف من نقص الغذاء بعدما تعددت قرارات حظر تصدير القمح، حيث فرضت الحكومة الأوكرانية قيودًا على تصدير بعض المنتجات الزراعية في العام 2022 في ظل الحرب الروسية، وفقا لوكالة "انترفاكس-أوكرانيا" للأنباء.
وبحسب مرسوم، أصبح من الضروري الآن الحصول على ترخيص من السلطات لتصدير القمح ولحوم الدواجن والبيض وزيت دوار الشمس، وفُرضت أيضًا قيود على تصدير الماشية ولحومها والملح والسكر والشوفان والحنطة السوداء.
فيما فرضت روسيا، التي تنتج روسيا أكثر من 11% من القمح في العالم، قيود على صادرات القمح والشعير والشوفان وحبوب أخرى.
اليمن يغلق أسواقه
في اليمن شهدت أسعار الفواكة والخضراوات في اليمن استقرارا نسبيًا في أعقاب قرار حكومي بوقف الصادرات الزراعية والحيوانية للخارج في شهر رمضان.
وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة المعترف بها دوليا، منع تصدير الخضراوات والفاكهة واللحوم خلال شهر رمضان إلى الخارج، وذلك بعد ارتفاع أسعارها لمستويات قياسية في الأسواق المحلية.
وأصدر وزير الصناعة والتجارة اليمني محمد الأشول قرارًا وزاريًا، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، يقضي بمنع تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية خلال شهر رمضان دون مزيد من التفاصيل.
ومع اقتراب شهر رمضان ارتفعت أسعار الخضراوات والفواكة والمواشي في الأسواق اليمنية جنوبي وشرقي البلاد تزامنًا مع موجة غلاء ضربت معظم السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية في البلاد بسبب حرب مليشيات الحوثي وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.
ويعد حجم الصادرات الزراعية في اليمن متواضعًا؛ إذ يتراوح بنسبة 3 إلى 5% وغالبيتهم تذهب إلى دول الخليج العربي ودول القرن الأفريقي، وتستفيد البلد من العملات الصعبة في شراء جزء من احتياجاتها من المواد الغذائية الأخرى، والأسمدة والمبيدات الحشرية.
وتشمل المنتجات المصدرة من الفواكه، المانجو، العنب، الموز البطيخ، والحمضيات مثل البرتقال والليمون، حيث تنتج اليمن كميات كبيرة من الخضراوات والأسماك، بما يحقق اكتفائها الذاتي، إذ تعتمد الأسواق اليمنية على 70% منها، فيما تصدر الكميات الأخرى إلى الخارج.
مخاوف من كساد
وأثار القرار الوزاري مخاوف لدى مزارعين وتجار من حدوث كساد بالمنتجات الزراعية، ويخشى البعض أن تواجه الفواكة والخضراوات، نقصا في الطلب المحلي وزيادة حجم المعروض إثر ضعف القيمة الشرائية لدى السكان بسبب نهب مليشيات الحوثي للمرتبات.
ويرى رجل الأعمال اليمني محمد الغنامي، أن القرار المتخذ له بالطبع عواقب محتملة على القطاع الزراعي في اليمن حتى وإن كان لشهر واحد ما قد يعرض المنتجات المحلية لانخفاض أسعارها بشكل لا يتناسب مع التكاليف.
ويشير الغنامي الذي يرأس إتحاد تجار المخا اليمنية، وهو إتلاف يضم رجال الأعمال، إلى إحتمال حدوث كساد في المنتجات الزراعية، لا سيما وأن كميات التصدير تمثل الفائض من تلك المنتجات، وليست على حساب الأسواق المحلية.
وقال رجل الأعمال اليمني لـ"العين الإخبارية"، إن قطاع الزراعة ينتظر بالطبع عواقب محتملة للقرار الذي اتخذ إثر ارتفاع الأسعار كونه ناجم عن كميات التصدير، وهو اعتقاد يتنافى مع العوامل الحقيقية.
وأرجع الغنامي، ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وأجور مواصلات النقل، فضلا عن أجور العاملين، وإرتفاع تكلفة شراء الأسمدة والمبيدات الحشرية وليس ناجما عن قلة المعروض من تلك المنتجات في الأسواق.
العراق.. الحرب تأتي على مائدة الصائمين
في العراق يعيش المواطن العراقي وطأة ارتفاع في أسعار المواد الغذائية للسلع الاستهلاكية والتي باتت في تصاعد كلما اقتربنا من الدخول في شهر رمضان،
وسجل العراق منذ أكثر من عام ونصف ارتفاعاً في أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية والبضائع عقب رفع قيمة صرف الدولار أمام الدينار العراقي من قبل السطات المالية ببغداد، على وقع الأزمة المالية التي عاشتها البلاد في صيف 2020.
ومع الوقت، بدت الأسعار بالثبات والتوقف عند الصعود المسجل ما بعد قرار خفض الدينار العراقي، إلا أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية دفعت الأسواق العراقية إلى موجة غلاء ثانية انعكست على الواقع المعاشي للفرد العراقي البسيط.
أزمة قمح وأرز وزيوت
وظهرت بوادر الأزمة الجديدة في ارتفاع أسعار القمح والرز وزيت الطعام بعد أن سجلت قفزة تجاوز ضعف قيمتها ما قبل تلك الأحداث.
ولاقى ارتفاع الأسعار موجة غضب عارمة لدى الأوساط الشعبية والعامة رافقها مظاهرات في مناطق مختلفة من العراق، احتجاجاً على احتدام تلك الأزمة.
وعلى أثر ذلك تحركت الحكومة في إجراءات عاجلة وسريعة، بينها تشكيل خلية أزمة لمتابعة الأسعار وتسيير فرق ميدانية بملاحقة المضاربين وتجار الاحتكار للبضائع والسلع الاستهلاكية.
ورغم ذلك ما تزال الأسعار عند سقفها المرتفع دون أن تسهم تلك الإجراءات والمعالجات في تحريكها إلى الخلف، بما يطمئن الفرد العراقي ويؤمن احتياجه من المواد الغذائية وفق ما يتناسب مع قدرته المعيشية.
ويعزو مراقبون للشأن الاقتصادي العراقي أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية من الطحين وزيت الطعام إلى اقتراب شهر رمضان الذي عادة ما يشهد حركة تبضع كبيرة من قبل المواطنين في تخزين الأطعمة من المواد الغذائية، مما يدفع بارتفاع الطلب وقلة المعروض.
الخبير الاقتصادي ناصر الكناني يؤكد لـ"العين الإخبارية" أن "موجة الغلاء التي يعيشها العراق تأتي بفعل أسباب عديدة متراكبة وممتدة منذ عامين مما خلف وضعاً هشاً لانتشاء تلك الأزمة".
ويشدد الكناني على ضرورة أن تتحرك وزارة التجارة باستيراد كافة المواد الغذائية بشكل مباشر وتوجيهها نحو الوكلاء ليتم توزيعها فيما بعد عبر مفردات البطاقة التموينية للمواطن العراقي".
وكان نائب رئيس هيئة البرلمان حاكم الزاملي كشف في متابعات لأزمة غلاء الأسعار، خلال الأيام الماضية، عن وجود تحركات لبعض التجار باحتكار وتخزين المواد الغذائية من الطحين والسمن النباتي بغرض سحبها من السوق ومن ثم بيعها بأسعار مضاعفة.
وحتى وقت قريب وتماشياً مع الأسعار المرتفعة وبغية السيطرة عليها، أطلقت وزارة التجارة منظومة "قوت" الإلكترونية الخاص بإدارة الصوامع في شركة الحبوب التابعة لوزارة التجارة.
وأكدت الوزارة في بيان أن "نتاج التحول الإلكتروني بتنفيذ العمل على منظومة قوت الإلكترونية الشبكية المتكاملة وبشكل كبير سيسهم في تسهيل إدارة عمليات استلام الحبوب المستوردة والمسوقة محليا ومناقلتها بين الصوامع وتجهيزها للمطاحن والإسراع في تجهيز مادة الطحين" .
استعدادت خاصة في فلسطين
في فلسطين سعت الحكومة الفلسطينية الى الحد من تأثيرات الأزمة العلمية من خلال منع رفع أسعار الخبز وذلك بإعفاء مبيعات الطحين والمخابز من ضريبة القيمة المضافة.
وقررت الحكومة، إعفاء جميع مبيعات الطحين المغلفة بأكياس 25 كيلو فما فوق من ضريبة القيمة المضافة البالغة 16% حيث سيتم إخضاعها الى ضريبة قيمة مضافة بنسبة 0% عن أشهر مارس/آذار وإبريل/ نيسان ومايو/أيار، وإعفاء جميع المخابز من ضريبة القيمة المضافة لذات الأشهر.
كما قررت إبقاء أسعار الخبز على ما هي عليه وذلك بتحديد سعر كيلو الخبز بحده اعلاه 4 شواقل (1.2 دولار أمريكي).
وقال رجل الأعمال بسام الولويل، رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، ل"العين الإخبارية": نتيجة الأزمة العالمية ارتفعت أسعار القمح، ولكن بالنسبة لنا في فلسطين، فقد عقدت اجتماعات متواصلة خلال الأسبوعين الماضيين بمشاركة القطاع الخاص ووزارتي المالية والاقتصاد وتم اتخاذ إجراءات مناسبة ومهمة وذلك بإلغاء ضريبة القيمة المضافة عن القمح والطحين والمخابز وهذا إجراء مهم جدا لكبح جماح الأسعار وبالتالي تم الحفاظ على سعر الخبز بدون تغيير".
وأضاف: "القطاع الخاص اخذ على عاتقه جزء والحكومة اخذت على عاتقها الجزء الأخر من خلال الاعفاء من الضرائب وبالتالي الأمور أصبحت مستقرة بالنسبة لموضوع الخبز".
وعن ما سيجري بانتهاء الفترة المحددة للإعفاء من الضرائب، قال الولويل: "هي إجراءات مستمرة حتى الأول من يونيو/حزيران على أمل ان تنتهي هذه الحرب قريبا، وبعدها لكل حادث حديث".
وأضاف: "الأمر الأكثر أهمية كان الخبر الذي يمس كل بيت فلسطيني وكان القرار، كقطاع خاص وحكومة، أننا لا نريد ان نصل الى مرحلة لا يقدر فيها المواطن على عدم شراء الخبز".
وأشار الولويل الى انه " لا توجد مخازن استراتيجية للقمح في فلسطين، فعندنا تجاز يخزنون الطحين ومطاحن تخزن وبالتالي لا يمكن الحديث عن مخزون استراتيجي من القمح، ولكن حتى اللحظة الطحين موجود فهناك تجار يجلبون الطحين يوميا من دول عديدة في العالم".
وقال: "الطحين موجود وهناك مخزون مناسب من القمح في المطاحن المختلفة واعتقد انه تم تجاوز المشكلة والوضع طبيعي".
وذكر الولويل إن السوق الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة يستهلك شهريا 35-40 ألف طن من الطحين.
ومن جهته فقد أشار جهاز الإحصاء الفلسطيني الى ارتفاع أسعار المحروقات السائلة المستخدمة كوقود للسيارات "الديزل" بنسبة 3.40%، و"البنزين" بنسبة 2.71% خلال شهر فبراير/شباط.
وقال: "سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك في فلسطين ارتفاعاً نسبته 0.61% خلال شهر فبراير/شباط 2022 مقارنة مع شهر يناير/كانون ثاني 2022".
وأضاف الإحصاء الفلسطيني في تقرير وصل "العين الإخبارية": "يعود السبب الرئيسي لارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر فبراير/شباط 2022 في فلسطين بشكل أساسي لارتفاع أسعار الدجاج الطازج بنسبة 6.77%، وأسعار الخضروات المجففة بنسبة 6.41%، وأسعار المحروقات السائلة المستخدمة كوقود للسيارات "الديزل" بنسبة 3.40%، و"البنزين" بنسبة 2.71%، وأسعار الخضروات الطازجة بنسبة 2.39%، وأسعار البيض بنسبة 2.05%، وأسعار المشروبات غير الكحولية "المرطبة" بنسبة 1.79%".
قمح وفير في المغرب
من المغرب قال عبد القادر العلوي، رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب، إن مخزون القمح في المغرب يكفي لتغطية احتياجات تصل مدتها إلى 5 أشهر.
أضاف العلوي في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن المشتريات المغربية من القمح ما زالت مستمرة، حيث وصل المخزون الوطني المغربي الآن إلى نحو 18 مليون طن.
ووصل معدل ثمن القنطار الذي يصل إلى المغرب حاليا، إلى 480 درهما مغربيا.
وأبرز المتحدث ذاته، انه من المرتقب أن تصل اليوم مجموعة من البواخر للمغرب، وكذلك خلال شهري أبريل / نيسان، وماي/ أيار.
وأشار رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب، إلى أنه يتم شراء القمح الآن من أجل إبقاء على مستوى المخزون الوطني لمدة 5 أشهر مستمرا والاحتفاظ به.
من جهة أخرى، أوضح العلوي، أن التساقطات المطيرة الأخيرة بمجموعة كبيرة من المناطق المغربية، أعطت أملا كبيرا للفلاحين وكذا باقي المستفيدين من وجود مردود مهم خلال هذه السنة رغم الجفاف الذي بدأ في المغرب.
وأبرز المتحدث ذاته، أن هذه الأمطار ستساهم في إنعاش الفلاحة خاصة منها القطنيات وعباد الشمس والحبوب الطري التي تم زراعتها في وقت متأخر.
محصول القمح الجديد
وأوضح العلوي أنه من المرتقب أن يتم تحصيل ما بين 25 و30 مليون قنطار من الحبوب بسبب هذه الأمطار الأخيرة التي سقطت على مختلف المناطق المغربية.
وفيما يتعلق بثمن القمح، فقد أشار المتحدث عينه، إلى أن هناك استقرار فيها، حيث تؤدي الدولة الفرق ما بين ثمن السوق العالمية وبين الثمن الذي يتم به البيع لدى المطاحن الكبرى والذي يبلغ 270 درهم مغربي.
وأوضح رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب، أن المستهلك المغربي لن يشعر بأي زيادة في الثمن، لأن خزينة الدولة قامت بتحمل الفرق في السعر.
وأضاف العلوي، بأن المغرب استورد قبل الأحداث الأخيرة، ما يفوق 90 في المائة مما اعتادت المملكة على شرائه من القمح اللين من أوكرانيا.
وقد بدأت عملية الشراء منذ شهر نونبر / تشرين الثاني، من العام الماضي، واستمرت بوتيرة عادية، حيث ولج المغرب السوق بشكل مبكر وأحذ الاحتياطيات الأساسية رغم عدم معرفة وجود الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأضاف المتحدث نفسه إلى أن الطلب اليوم الداخلي بالمغرب يسر بشكل عادي، رغم قرب شهر رمضان الكريم، مبرزا عدم الشعور بأي ضغط من خلال الاستمرار عمليات الشراء والبيع بشكل عادي وطبيعي جدا.
وأشار إلى أنه بحلول فصل الصيف ستعرف الأسواق العالمية عملية من تخفيف الضغط بالنظر لبداية عملية الحصاد على مستوى مختلف دول العالم ومنها أوروبا والولايات المتحدة.
يشار إلى أن فاتورة المشتريات المغربية من القمح من الخارج، انتقلت من 901 مليون درهم في يناير/ كانون الثاني 2021 إلى 2,6 مليار درهم، حسب آخر بيانات مكتب الصرف.
فاتورة استيراد القمح
وتعزى فاتورة القمح المستورد، إلى زيادة الأسعار بنسبة 21,3 في المائة، كي تستقر في حدود 3238 درهما للطن، كما تأثرت بالكميات المستوردة التي انتقلت من 338 ألف طن إلى 805 ألف طن.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أعلنت الحكومة المغربية تحمل فرق أسعار القمح داخل البلاد، بعد ارتفاعها عالميا جراء تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
من جانبه، أشار نبيل عادل، مدير مجموعة الدراسات الجيوسياسية والاقتصادية بالمدرسة العليا للتجارة والأعمال بالدار البيضاء، هناك عوامل عميقة وذات عوامل بعيدة، واليت من بينها السياسيات النقدية التي اتبعتها البنوك المركزية، منذ أزمة 2008، والتي تمثلت في ضخ كميات كبيرة من السيولة في الاقتصاد مما جعل الطلب يرتفع مقابل إنتاج وعرض مستقر.
وأضاف عادل في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن هذا ما يمكن أن يفسر جزاء مهما من موجة الغلاء التي نعيشها الآن، وهو ما يعني أن موجة الغلاء لم تظهر في العشرية في بداية هذا القرن وهو ما يدل على ارتفاع صاروخي في أسعار المحروقات.
وقد قفزت أسعار المحروقات من 29 دولارا للبرميل عام 2000 إلى أكثر من 100 دولار في 2011، ومع ذلك لم تكن هناك موجة كبيرة من التضخم، يضف المتحدث عينه.
لبنان بين نارين
من لبنان قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام إن المواد الغذائية لا زالت متوافرة في الأسواق داعياً المواطنين والتجار الى الابتعاد عن التخزين.
وعقد رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي سلسلة اجتماعات وزارية في السراي الحكومي أمس تناولت القضايا والاجتماعية والمالية.
واجتمع مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام الذي قال إثر اللقاء": سجل الأسبوع الماضي بعض الاضطرابات في الأمن الغذائي، مع خوف من شح القمح التي نستعملها لصناعة الخبز في لبنان".
مخزون القمح في لبنان
وشرح سلام " أنه بالنسبة للقمح لدينا مخزون يكفي لمدة شهر أو شهر ونصف الشهر، ونحن حريصون كل الحرص على توافرها ونتواصل مع عدة دول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى أبدت الاستعداد لمساعدتنا في حال أضطررنا لاستيراد كميات كبيرة منها".
وتابع: "وافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على منح مديرية الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد موافقة لشراء ٥٠ ألف طن قمح من الخارج لتأمين احتياط لمدة شهر إضافي عن الاحتياط الذي لدينا".
وأردف: "نحن مقبلون على شهر رمضان المبارك حيث سيصار إلى استهلاك أكبر للمواد الغذائية، وسمعنا عن تخوف من حصول نقص في بعض المواد الغذائية، من زيوت وسكر وغيرها، ولقد عقدت بالأمس اجتماعا موسعا في الوزارة مع كافة الجهات المعنية من القطاع الخاص وتحديدا المستوردين، وأصحاب السوبرماركت والمطاحن والأفران وتجار المواشي والدواجن والألبان والأجبان، وتوصلنا إلى اتفاق بأنهم سيستمرون بتزويدنا بالكميات الموجودة لديهم، وسنستمر بالتعاون معهم لكي لا يحدث انقطاع في الاسواق".
رسالة إلى اللبنانيين
وتوجه إلى المواطنين قائلا: أتمنى ألا تحدث حالات هلع ، فلقد سجل إقبال كبير جدا على السوبرماركت لشراء كميات كبيرة من المواد الاستهلاكية للتخزين. ومن يشتري أكثر من حاجته يأخذ هذه المواد من أمام غيره"، مؤكداً أن "الكميات التي نستهلكها في لبنان ليست بكبيرة مقارنة بدول الجوار، فالمساعدة موجودة والدعم الدولي موجود والعمل من خلال الحكومة ووزارة الاقتصاد قائم."
وأعلن: "اجتماعنا اليوم كان جيدا ونأمل أن تصبح لدينا بعد عشرة أيام صورة واضحة عن الدول التي سنستورد منها الكميات التي أخذنا موافقة لتخزينها حتى لا يحصل انقطاع في القمح. في هذه المرحلة، وفي ظل هذه الأزمة الدولية المتمثلة بالصراع الروسي الأوكراني وبتدعياته السلبية".
وطالب سلام التجار وأصحاب المصالح بأن يكونوا حذرين في هذه الفترة لأنه لن يكون هناك تساهل أبدا في موضوع رفع الأسعار، واي مخالفات قد تحصل، وستكون الملاحقة أكبر لموضوع الاحتكار.
وأشار إلى أنه " بدأت تصلنا معلومات بأن بعض التجار بدأ باحتكار مواد الزيت والطحين والسكر، وسنعتبر هذا الموضوع بمثابة جرم جنائي. لأن قطع الطعام عن الناس هو جريمة، ووزارة الاقتصاد ستكون بالمرصاد لهذا الأمر".
ويعاني لبنان مشكلة تخزين القمح، نظراً لتهدم صوامع مرفأ والتي كانت تتسع لمخزون يكفي البلد الصغير الى نحو 7 أشهر، ويعتمد منذ سنتين على مخازن المطاحن التي لا تتسع سوى لكمية قليلة.
وكان نقيب مستوردي القمح أعلن أن هناك بواخر وصلت إلى مرفأ بيروت تحمل مخزوناً يكفي حاجة السوق لشهر ونصف على أبعد حد، وطالب الدولة بالتحرك سريعاً لأن أي خط استيراد جديد يحتاج وقتاً كبيراً لفتحه ربما يتجاوز مدة شهر وبالتالي أصبح الخطر داهماً بالنسبة لتأمين الخبز.
حرب أوكرانيا تضع نصف السودانيين بخط الجوع .. أرقام مخيفة
تداعيات سالبة، خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد السوداني، وسط توقعات بأن تترك هذه الأزمة نصف سكان البلاد على خط الجوع.
وألقت الأزمة العالمية بظلالها على أسعار الخبز والمحروقات في السودان والتي قفزت خلال الأسبوعين الماضيين بنسبة 100%، وتتنامى المخاوف من تصاعد جديد الأيام القادمة.
وتزامن اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مع اضطراب سياسي حاد بالسودان وتراجع مضطرد في اقتصاد هذا البلاد حاولت الحكومة إصلاحه وتغطية العجز التجاري برفع الدعم كلياً عن البنزين والجازولين، والقمح وتعويم العملة الوطنية، تدابير أشعلت أسعار مجمل السلع الاستهلاكية والخدمات.
ويشير خبراء إلى أنه من الصعب تمكن السودان من مواجهة هذه الأزمة في ظل تآكل احتياطاته من النقد الأجنبي وتوقف المساعدات الخارجية وهو ما يجعل البلاد في وضع كارثي وخطر محتمل.
وبحسب علي الزين – صاحب مخبز بأم درمان، فإن أسعار الخبز ارتفعت هذا من 25 إلى 40 و50 جنيها سودانياً في نسب زيادة متفاوتة تتراوح بين (80 -100%).
بينما صعد جالون (4) لتر، البنزين من 1800 جنيه، إلى 3385 جنيها، وارتفع سعر جالون الجازولين من نحو 1700 جنيه الى 3336 خلال هذا الأسبوع، وفق ما أفاد أحد العاملين بمحطات الخدمة بالخرطوم.
ووفق وزارة الطاقة السودانية في تقرير رسمي، فإن البلاد تستهلك نحو 300 الف طن شهرياً من الجازولين، يغطي الإنتاج المحلي 135 الف طن، وتسد الفجوة البالغة 165 الف طن بالاستيراد من الخارج.
ويبلغ استهلاك السودان الشهري من البنزين 135 الف طن، يغطي الإنتاج المحلي 84 الف طن، وعجز 51 الف يتم استيرادها من الخارج، وحسب وزارة الطاقة.
وقال مسؤول في وزارة التجارة السودانية، لـ"العين الإخبارية" إن بلاده تستهلك نحو 2.2 مليون طن، يغطي الإنتاج المحلي نحو 500 الف طن، ويتم استيراد بقية الكمية والتي تأتي 35% منها من روسيا وأوكرانيا.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير إن الحرب الروسية الأوكرانية، جاءت في ظل مشهد اقتصادي سوداني معقد، حيث تراجع قيمة الجنيه وضخم مرتفع وتدني في الأجور، وغياب للقروض والمنح الخارجية، فزاده تعقيداً.
وأضاف الناير في حديثه لـ"العين الإخبارية" "لقد خلت ميزانية العام 2022 من القروض والمنح، وهناك فهم خاطي لمسألة الاعتماد على الذات والتي تتمثل في اللجوء للموارد الطبيعية الحقيقية، لكن ما يتم الآن أرهق كاهل المواطن".
وشدد الناير أن تأثر السودان بالأزمة الأوكرانية سيكون أقل من بلدان أخرى كونه يستورد في حدود 35 – 40% من إنتاجه من روسيا وأوكرانيا، لكن حتماً ستزيد هذه الحرب من التحديات الماثلة التي تجابه الاقتصاد السوداني.
ونبه إلى أن تحاشي الغرب فرض عقوبات على النفط الروسي لأنه سيكون المتضرر الأول حال فعل ذلك، أسهم في أن تستقر اسعار المحروقات مما خفف التأثير على السودان كغيره من البلدان.
واقترح الدكتور محمد الناير تشكيل فريق سوداني لإدارة الأزمة يتولى عملية حصر السلع الاستراتيجية ويشرف على حصاد القمح الذي بدأ هذه الأيام لتقليل الفاقد والذي يصل 25%.
قال "إذا أحسنت عمليات حصاد القمح المحلي يمكنه تغطية حاجة البلاد لأربعة أشهر قادمة، وعندها ستزول الأزمة الروسية الأوكرانية فهي لن تستمر لشهر آخر حسب تقديري، لأن ذلك سيلقي بتأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي تفوق ما أحدثته جائحة كورونا".
وتوقع برنامج الغذاء العالمي في تقرير صادر اليوم الخميس اطلعت عليه "العين الإخبارية" أن يتم تصنيف 20 مليون شخص في السودان تحت خط الجوع، وأنهم يعانون من مستويات "الطواري" أو "الأزمات" من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وذلك بسبب الأزمة السياسية بالبلاد وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت لارتفاع أسعار الحبوب والمحروقات.
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد خليل أن السودان يواجه خطراً حقيقياً جراء النقص الحاد في الحبوب "القمح" والمحروقات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية مما يستوجب على الحكومة المسارعة بخطط إسعافية لتدارك المجاعة المحتملة.
وقال خليل في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن السودان كان يمكن أن يكون بديل الدول العربية لسد حاجتها من القمح نسبة لما يتمتع به من موارد، لكن سوء الإدارة من الأنظمة المتعاقبة جعله الأكثر تضرراً من الحرب بين روسيا وأوكرانيا".
وشدد أنه وفق تقارير موثوقة فإن مخزون السودان من القمح والمحروقات أوشك على النفاد وأن الدولة ستواجه صعوبات في الاستيراد نظراً لشح النقد الأجنبي.
شارك في إعداد المسح والتقرير
- رام الله - محمد فرحات
- العراق – ليث الكاتب
- القدس – داوود عودة
- المغرب - حمزة المعطي
- بيروت – كارولين صباغ
- تونس – محسن امين
- الجزائر - يونس بورنان
- السودان - مرتضى كوكو
- اليمن – عدن
aXA6IDMuMTMzLjEyOC4yMjcg
جزيرة ام اند امز