محنة القمح العالمية تجدد حلم إثيوبيا.. الطريق نحو الاكتفاء
مع احتدام أزمة نقص الحبوب وارتفاع أسعارها وخاصة القمح في السوق العالمية، تتجه إثيوبيا لتحويل المنحة إلى فرصة لتحقيق حلم قديم.. ما هو؟
ألقت الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت أسبوعها الثالث، بظلالها على الأوضاع الاقتصادية بصورة عامة، وارتفاع أسعار القمح على وجه الخصوص، باعتبار أن الدولتين من اللاعبين الرئيسيين في سوق الحبوب.
وأدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا بالفعل إلى ارتفاع أسعار القمح العالمية، حيث ارتفعت بنسبة 7% في بورصة شيكاغو التجارية خلال الأسابيع الأخيرة، فيما ارتفعت في أوروبا، العقود الآجلة للقمح بنسبة 6% تقريباً.
- إثيوبيا تتوسع في زراعة محصول استراتيجي
- قهوة إثيوبيا تأسر "الأمة المحبة للشاي".. بيع 1100 كيلو في الثانية بالصين
ومن الطبيعي جدا أن يكون للحرب الروسية الأوكرانية تأثيرات مباشرة على إنتاج وصادرات القمح، حيث تبلغ صادراتهما نحو 28% من إجمالي صادرات القمح عالمياً في عام 2021 وفقاً لإحصاءات وزارة الزراعة الأمريكية الصادرة في فبراير/شباط 2022.
جهود حثيثة لزيادة إنتاج القمح
وفي ظل هذه الفجوة والتحديات التي تزداد يوما بعد يوم في أسواق القمح، تسعى العديد من الدول خاصة الأفريقية للبحث بصورة جادة عن تأمين إمداداتها من هذا المحصول الغذائي الهام، فيما تفكر دول آخرى للاستفادة من إمكاناتها بتكثيف جهودها للحصول على إنتاجية أكبر من هذه المحصول.
وإثيوبيا الدولة التي تتمتع بموقع هام في شرق القارة الأفريقية، وتعتمد على الزراعة بصورة أساسية، تسعى للاستفادة من إمكاناتها في زيادة محصول القمح، وتجعل من الأزمة الأخيرة فرصة لتكثيف جهودها في زراعة القمح والذي بدأت فيه مؤخرا.
آبي أحمد .. الحرب تزيد من أهمية القمح
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد "أصبح تكثيف جهودنا أكثر أهمية الآن حيث أصبح الإمداد العالمي للقمح متوترًا"، مشددا على ضرورة أن يكون ذلك مشجعا للإنتاج والإنتاجية من القمح.
وأضاف نحن بحاجة إلى تكثيف جهودنا في زراعة وإنتاج القم ، خاصة وأن النقص العالمي في القمح أصبح مصدر قلق كبير.
وأوضح آبي أحمد: "منذ أن شرعنا في إنتاجية القمح الصيفي المروي من خلال تعزيز أساليب الزراعة العنقودية، حصد مزارعونا محاصيل أكبر وسنستمر في الحصول على الدعم من خلال الجهود المختلفة"، مؤكدا على أن استبدال الاستيراد لا يزال هدفا في المستقبل.
وتأتي تصريحات، آبي أحمد، حول أهمية زيادة إنتاجية القمح، في الوقت الذي تشهد فيه السوق العالمية انخفاضا في المعروض نتيجة لظروف الطقس السيئ التي أثرت على إنتاجية المحاصيل للعديد من المنتجين وعلى رأسهم دول أمريكا الشمالية وأوروبا.
وأوضح آبي أحمد ، خلال كلمة له بالمؤتمر العام الأول لحزبه "الازدهار "، أن بلاده ستصبح في العام 2035، ضمن أفضل 5 دول إفريقية في إنتاج القمح، وأرجع ذلك إلى خطة إثيوبيا للزراعة والاستراتيجيات التي تتبعها بجانب توفر القوة البشرية الشابة.
وتابع: "نلتقي المؤتمر العام القادم للحزب وإثيوبيا قد أوقفت استيراد القمح من الخارج وهو ما سيتحقق بالفعل"، مضيفا أنه خلال زياراته للمشروعات الزراعية أكد بأن إنتاج القمح والحبوب الأخرى في زيادة لافته بمئات القنطارات.
وأرجع آبي أحمد، الزيادة في إنتاجية القمح للاستخدام الأمثل للتكنلوجيا من المضخات والماكينات وجميع المعدات الزراعية الحديثة.
وقال إن المؤشرات الزراعية في الإنتاج الزراعي للقمح تشير إلى تصاعد الإنتاج، مؤكدا على خطة إدارة المياه بشكل جيد في كل الجوانب وتوفير مزيد من الآليات واستخدام تكنولوجيا إنزال الغيوم والسحب.
الاكتفاء الذاتي
وتتجه إثيوبيا إلى تحقيق إنجاز هام بالاستغناء عن نصف واردات القمح بفضل خطة مدروسة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلعة الغذائية الضرورية.
وتخطط الحكومة لتحسين الأداء الزراعي من أجل الإكتفاء الذاتي من حيث الغذاء، من خلال تكثيف جهودها في مجال إنشاءات مشاريع الري واسعة النطاق وتولي الاهتمام المطلوب لتطوير الري.
وأواخر العام المنصرم، كشفت الحكومة عن خطتها لزراعة 400 ألف هكتار من القمح بهدف الحصول على 16 مليون قنطار، بعد نجاحها في تنفيذ 64% من المستهدف، مشيرة إلى أنه تم زراعة 256 ألف هكتار بنسبة 64 بالمائة من الخطة التي وضعت لهذا الغرض.
وذلك ضمن خطة الحكومة للاكتفاء الذاتي من السلعة الغذائية الضرورية، وتوجهها لتحقيق إنجاز هام بالاستغناء عن نصف واردات القمح من خلال خطة مدروسة.
وكانت وزارة الزراعة الإثيوبية، ذكرت أن المساحات المزروعة بالري من القمح لهذا العام ستقلل من استيراد القمح بأكثر من النصف.
ووفق تصريحات مسؤولين حكومين سابقة، فإن الحكومة وضعت ميزانية قدرها 9.8 مليار بر لتنفيذ نحو 17 مشروعا زراعيا ذات حجم كبير ومتوسط ضمن خطتها للأمن الغذائي الذاتي، بينها 12 مشروعا يسير العمل فيها بشكل جيد.
وقال عمر حسين، وزير الزراعة الإثيوبي، إن الحصاد المتوقع من زراعة 300 ألف هكتار هذا العام يصل إلى 10 ملايين قنطار من القمح، مشيرا إلى أن بلاده تستورد 17 مليون قنطار من القمح سنويا.
وأكد الوزير، أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة لوقف استيراد القمح تمامًا في غضون 3 إلى 5 سنوات، قائلا: إن استبدال القمح المستورد من خلال الترويج للزراعة بالري يوفر العملة الأجنبية ويخلق حافزا كبيرا لدى المزارعين والرعاة.
وتأتي دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، لتكثيف زراعة القمح ببلاده، في وقت تتسارع فيه وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت الخميس 24 فبراير/شباط، ودخلت أسبوعها الثالث في وقت يشتد الخناق الغربي على موسكو مع فرض عقوبات اقتصادية موسعة.
ورغم إجراء جولات مباحثات بين الجانبين الروسي والأوكراني في بيلاروسيا خلال الأسبوع الماضي، إلا أن الأزمة تراوح مكانها دون أي تقدم يذكر، في ظل أوضاع إنسانية تزداد سوءا مع ارتفاع عدد اللاجئين الأوكرانيين إلى أكثر من مليونين.