في جلسات مليئة بالتحليلات والمعلومات الموثوقة والآراء العقلانية والعلمية، عقد المنتدى الاستراتيجي العربي دورته العشرين
في دبي يوم الثالث من يناير/كانون الثاني، حول موضوع مثير للاهتمام، وهو "حالة العالم العربي سياسياً واقتصادياً"، ناقش فيها المشاركون ما يريده العرب من العالم وما يريده العالم من العرب.
وقد حضر الجلسة الرئيسية والأخيرة من المنتدى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وعلق على المنتدى بتغريدة تلخص ما جاء في المنتدى كما توضح مواقف الإمارات الخارجية وعلى رأسها موقفها من أحداث غزة، فقد قال: "منطقتنا بحاجة لاحتواء أزماتها.. وتنسيق جهودها.. وبناء جسور تعاون بين مختلف أطرافها.. والتمسك بخياراتها المستقلة لحل أزماتها وبناء مستقبلها.. وستبقى القضية الفلسطينية في وجداننا ووجدان كل عربي ومسلم ووجدان كل إنسان يمتلك معايير أخلاقية حقيقية وستبقى الإمارات داعمة للقضية.. وساعية لإحلال السلام.. ومستمرة في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق".
ففي هذه التغريدة أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم موقف الإمارات، كما أكده في الجلسة الختامية الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، حين انتقد الهجوم اللاإنساني واللاأخلاقي على غزة، وبالتالي لا بد أن يكون تضامننا مع الشعب الفلسطيني وقضيته.
ولم يكن الأمير تركي الفيصل بعيداً عن هذا الطرح، حيث أكد وقوف المملكة العربية السعودية مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وأشار إلى أن التطبيع مع إسرائيل لن يكون على حساب القضية الفلسطينية، ففي البداية يجب أن تحل القضية الفلسطينية، ثم يتلو ذلك ما يمكن أن يسهم في إحلال السلام في المنطقة.
في مقابل الحديث عن الواقع الذي تعيشه المنطقة، كان الحديث عن المستقبل حاضراً بقوة، وبلا شك أن محاولة استشراف المستقبل لا تعد مهمة سهلة، كما أنها ممارسة لا يجيدها الجميع ولا يحبذها البعض، ولكن في الإمارات لا نزال نعد المستقبل جزءاً أساسياً من حاضرنا، وبدون الحديث والاستعداد له يكون الحاضر مرتبكاً والخطوات متراجعة والرؤية غير واضحة.
وفي المنتدى العربي الاستراتيجي كان الجهد منصباً على قراءة المستقبل علمياً وليس بأسلوب العرافين والعرافات! من خلال المتحدثين والمشاركين من الخبراء العرب والأجانب، الذين اتفقوا على أن هذه مهمة ليست بالسهلة ولكنهم حاولوا أن يستقرءوا المستقبل من خلال الواقع الذي نعيشه، وربما الحقيقة الأبرز كانت ما أشار إليها محمد القرقاوي رئيس المنتدى في كلمته الافتتاحية، عندما قال إن دول الخليج أصبحت رقماً مهماً في المعادلة الإقليمية السياسية والاقتصادية، كما أنها تسهم في تشكيل الخارطة السياسية والاقتصادية وصناعة التوازنات عبر انضمامها لتكتلات اقتصادية كبرى.. وهذا ما يعطي مؤشراً بأن المستقبل قادم وسيكون حاضراً بقوة في هذه البقعة من العالم.
كما ذهب المشاركون في المنتدى إلى رأي يؤكد عودة الولايات المتحدة إلى المنطقة -وإن كانت هذه العودة ليست برغبتها الكاملة- فالأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة أصبحت تجبر الولايات المتحدة على حضورٍ أكبر خلال الفترات المقبلة، وبالتالي فإن المشهد سيكون مغايراً عمّا كان عليه خلال العقد الماضي.
وكانت القضية الفلسطينية حاضرة بكل قوتها في جميع جلسات المنتدى بحكم عودتها إلى المشهد السياسي الإقليمي والعالمي بعد سنوات من التراجع، وبلا شك أن الأوضاع التي تشهدها غزة والاعتداءات الإسرائيلية على القطاع وعلى سكان غزة، ومحاولات المتطرفين تهجير الفلسطينيين ستكون لها تأثيراتها المستقبلية السلبية على المنطقة وعلى إسرائيل نفسها، وهذا ما يدفع الجميع إلى المطالبة بإيقاف الحرب الدموية المدمرة على القطاع وعلى الشعب الفلسطيني.
محمد الحمادي
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة