البنود السرية للاتفاق العسكري بين قطر وتركيا تكشف حكمة الرباعي العربي
اشتراط الرباعي العربي على قطر بضرورة غلق القاعدة العسكرية التركية بالدوحة كان لإدراكه مطامع وأهداف تركيا في المنطقة
أثبتت تفاصيل الاتفاق العسكري بين قطر وتركيا، والذي كشف بنوده السرية مؤخرا موقع "Nordic Monitor" السويدي، أن لدى الدول الداعية لمكافحة الإرهاب فطنة في المطلب المشروع بإغلاق القاعدة العسكرية في قطر، إدراكاً منها لخطورته على الأمن القومي الخليجي والعربي.
وحسب مراقبين، فإن الاتفاق العسكري بين الدوحة وأنقرة هو عقد "إذعان" بما يتضمنه من بنود تنتهك بشكل فاضح السيادة القطرية، وتهدر حقوق وكرامة القطريين.
وفي قراءة للظروف التي أحاطت بهذا الاتفاق بداية من توقيعه في ديسمبر/كانون الأول 2014، بعد أيام من أزمة قطر الأولى، ونهاية بتفعيله في 7 يونيو/حزيران 2017، عقب يومين من أزمة قطر الحالية، ندرك جيداً كيف استطاعت تركيا أن تستغل ضياع البوصلة القطرية لصالح أجندتها في التغلغل العسكري في منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج خصوصا، في إطار السعي لإحياء العثمانية الجديدة ذات المرتكز الفكري الإخواني.
وتوهمت تركيا أنها كما استغلت أزمات قطر لتجد لها موطئ قدم في الدوحة تستطيع أن تكرر الأمر نفسها في السعودية، فبادرت بفضح أهدافها وعرض إقامة قاعدة عسكرية في المملكة، وهو الأمر الذي رفضته الرياض بشكل قاطع في 17 يونيو/حزيران 2017، بعد أن فطنت للمطامع التركية في المنطقة.
هذا الاتفاق فطنت إليه الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، لذا كان إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر أحد شروطها الـ13 لإنهاء مقاطعة الدوحة، التي بدأت في 5 يونيو/حزيران 2017.
كما جاء موقف الرباعي العربي كمحاولة لإصلاح ما أفسده تنظيم الحمدين من جانب وإدراكهم مطامع وأهداف تركيا في المنطقة من جانب آخر، ولتلاقي أهداف قطر وتركيا في رعاية ودعم تنظيم الإخوان الإرهابي بما يحمله ذلك من مخاطر على المنطقة من جانب ثالث.
وفي هذا السياق، يمكن فهم لماذا كان مطلب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، مع أن قطر بها قاعدة أمريكية أخرى وهناك العديد من دول المنطقة بها قواعد عسكرية، لكنها تأتي في إطار تعاون حقيقي متبادل يستهدف تعزيز التعاون ومكافحة الإرهاب لا دعم الإرهاب، على عكس القاعدة التركية.
ويمكن إدراك هذا الأمر بشكل أكبر مع إطلالة بسيطة على البنود السرية التي كشفها موقع "نورديك مونيتور" السويدي قبل أيام، والتي بموجبها نشرت أنقرة آلاف الجنود الأتراك في قطر.
وحسب هذه البنود التي تمس السيادة القطرية على أراضيها، يمنع ملاحقة أي جندي تركي متواجد في قطر، ولا تجيز محاكمته في حال ارتكابه أي انتهاكات قانونية، وحسب الموقع السويدي فإن كافة الجنود الأتراك المتواجدين على الأراضي القطرية لا يمكن أن يخضعوا للقانون القطري ولا الجهاز القضائي القطري، وإنه في حال ارتكب أي منهم مخالفة أو جريمة فإن القضاء التركي هو الذي يختص بالنظر فيها، ومنعت السلطات القطرية من اعتقال أي جندي تركي ينتهك القوانين أو المعتقدات الدينية.
وحسب الموقع السويدي، فإن الاتفاقية العسكرية السرية بين تركيا وقطر "تنطوي على مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى تصعيد مشاركة تركيا في صراعات محتملة قد لا يكون لها علاقة بحماية المصالح القومية التركية، وهو ما يؤكد أن البنود الغامضة في الاتفاقية تم وضعها بشكل متعمد من أجل تمكين الرئيس أرودغان من الاستفادة منها وبشكل ممنهج".
ويعد الاتفاق بمثابة وثيقة عن تنازل الدوحة عن سيادتها بالسماح للقوات التركية التصرف بحرية دون استئذانها، ما يتنافى مع مفهوم "سيادة الدول" وهو أمر يعرض أمن المنطقة للخطر، وليس ببعيد عنا محاولات تركيا وقطر المشتركة للعبث بأمن ليبيا، ولكن الرباعي العربي وقف أمام تلك المحاولات بالمرصاد حفاظاً على الأمن العربي والخليجي.