خبراء لـ"العين الإخبارية": مصير نتنياهو في قبضة الناخبين العرب
مراقبون قالوا لـ"العين الإخبارية" إن كثافة التصويت العربي من شأنه أن يضمن سقوط نتنياهو وأحزاب اليمين الإسرائيلي الصغيرة
في محاولة منه لحث اليمينيين الإسرائيليين على التوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الانتخابات الإسرائيلية العامة عام 2015 إن "العرب يتدفقون بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع".
محاولات نتنياهو لإثارة فزع اليمين، التي اعتبرت حينها تحريضية، لم تكن صحيحة، ولكن في حال تحققت في الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل، فإنه سيكون من شأنها تحديد مستقبل نتنياهو ومعه الكثير من الأحزاب اليمينية الإسرائيلية الصغيرة.
ويشكل المواطنون العرب نحو 20% من عدد السكان البالغ 8.6 مليون نسمة وتشكل قوتهم الانتخابية نحو 17% ممن لهم حق الاقتراع ما يجعلهم قادرين، في حال استخدموا حقهم التصويتي بالكامل، على الحصول على 20 مقعدا في الكنيست المكون من 120 مقعدا.
ولكن نسبة تصويت المواطنين العرب عادة ما تكون أقل من النسبة العامة، ففي عام 2015 بلغت نسبة المصوتين العرب 63% مقارنة مع نسبة عامة بلغت 72%.
وحصل المواطنون العرب على 13 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي ما يشكل 11% من عدد مقاعد الكنيست.
في انتخابات 2015 خاضت 4 أحزاب إسرائيلية الانتخابات ضمن قائمة واحدة أطلقوا عليها "القائمة المشتركة" وشكلت نموذجا لقوة العرب في حال اتحدوا.
ولكن "القائمة المشتركة" لم تدم طويلا إذ تخوض الأحزاب الأربعة الانتخابات ضمن قائمتين ترجح استطلاعات الرأي العام في إسرائيل حصولهما معا على ما بين 11-12 مقعدا.
ولاعتبارات عديدة يتوقع مراقبون أن تتراوح نسبة المواطنين العرب المشاركين في الانتخابات القادمة بين 54 إلى 55% من أصحاب حق الاقتراع.
وقال وديع أبونصار، الخبير المختص بالشأن الإسرائيلي لـ"العين الإخبارية"، إن "الحديث يدور عن نسبة تصويت قد لا تزيد عن 55% في حين أنه لو وصلت النسبة إلى 70% فإن احتمالات إسقاط نتنياهو تبدو مؤكدة، أما بنسبة تصويت 55% فإنه نتنياهو لن يبقى فقط ولكنه سيفتح المجال لتشكيل حكومة يمينية أكثر تشددا من الحكومة الحالية، والعرب هم من سيدفعون الثمن وكذلك الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ولفت أبونصار في هذا الصدد إلى أنه "في عام 1996 جرت أول انتخابات مباشرة لرئيس الحكومة وتنافس نتنياهو مع شمعون بيريس وكان الفرق بينهما 30 ألف صوت وذلك نتج عن مقاطعة العرب للانتخابات بسبب دور بيريس في عملية عناقيد الغضب ضد لبنان ومجزرة قانا، وكانت النتيجة فوز نتنياهو، لو صوت العرب (حينها) لصالح بيريس لما كان نتنياهو يحلم بالوصول إلى رئاسة الحكومة".
وأوضح:" الآن يراهن نتنياهو وأحزاب اليمين على أن تكون نسبة المصوتين العرب منخفضة وهو ما سيسمح لأحزاب اليمين الصغيرة باجتياز نسبة الحسم وربما يهدد فرص أحزاب عربية بالفوز في الانتخابات".
ورأى أبو نصار أنه "على المواطنين العرب أن يلعبوا اللعبة السياسية كما ينبغي وذلك من خلال كثافة التصويت من أجل إحداث التغيير الذي يأملوه".
ولكن المؤشرات على إمكانية رفع نسبة المصوتين العرب في الانتخابات تبدو ضعيفة للغاية.
وقال محمد السيد، الخبير المختص بالشأن الإسرائيلي لـ"العين الإخبارية" إن "هناك يأسا متزايدا في صفوف المواطنين العرب يخشى بأن يعكس نفسه على أعداد المشاركين في الانتخابات".
وأضاف "نلمس من خلال جولاتنا في المدن والقرى العربية أن هناك عزوفا غير مسبوق عن الرغبة في المشاركة في الانتخابات وذلك نتيجة عدم مبالاة بسبب فقدان الأمل في إمكانية التغيير وأيضا عقابا للأحزاب العربية التي قررت خوض الانتخابات منفصلة بعد أن كانت توحدت في الانتخابات الماضية".
وتخوض أحزاب عربية عدة أبرزها القائمة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي والجبهة الديمقراطية للسلام اللذان يخوضان الانتخابات في قائمة واحدة وأيضا القائمة العربية الموحدة والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان يخوضان الانتخابات ضمن قائمة أخرى.
وتتنبأ استطلاعات الرأي العام بحصول القائمتين مجتمعتين على 11 مقعدا في الكنيست.
ومن جهته، قال عضو الكنيست من القائمة المشتركة مسعود غنايم "للأسف فإن هناك العديد من العوامل التي تدفع للاعتقاد بأن نسبة التصويت ستكون منخفضة هذا العام".
وأشار في هذا الصدد لـ"العين الإخبارية" إلى "عدم استمرار وحدة الأحزاب العربية ووجود شعور بأن التمثيل العربي في الكنيست لا يساعد في تغيير الوضع القائم، نحاول التشجيع على الإدلاء بالأصوات ولكن من المؤشرات ليست كما نتمنى".
ورأى غنائم أنه" إذا ارتفعت نسبة مشاركة المواطنين العرب إلى ما هو أكثر من 65% من أصحاب حق الاقتراع فإن نتنياهو لن يتمكن من تشكيل الحكومة القادمة إذ إن العديد من أحزاب اليمين لن تتمكن من اجتياز نسبة الحسم وهي 3.25%".
وتنشط الأحزاب العربية في عقد لقاءات انتخابية في المدن والقرى العربية في محاولة لإقناع المزيد من الناخبين العرب المشاركة في الاقتراع.
وفي لقاء انتخابي في كفر مندا، قال النائب السابق عصام مخول إن زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان "رفع نسبة الحسم ليمحو تمثيل العرب الفلسطينيين في الكنيست؛ ولكن، إذا رفعنا نسبة مشاركتنا في الانتخابات بنسبة 7% مثلًا، عندها سنمحو ليبرمان وإرهابيي كهانا و(زعيم حزب "هوية" موشيه) فيغلين و(زعيم حزب "كلنا" موشيه) كحلون من الكنيست القادمة، ونفتح الطريق على مصراعيه لإسقاط حكم نتنياهو زعيم الفاشية في إسرائيل، هكذا يتصرف شعب مسؤول".
وأضاف مخول، رئيس معهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية: أن "أمامنا فرصة حقيقية وعملية لإسقاط خيارات القوى العنصرية والفاشية بزعامة نتنياهو المتربعة على الحكم في إسرائيل".
وتابع: "إن من يقرأ بدقة التوجهات الأساسية في استطلاعات الرأي عشية الانتخابات، يعرف أننا نتحدث عن فرصة حقيقية حاضرة بشكل قوي، لم تكن متوفرة من قبل ولم تكن متوفرة حتى في الانتخابات الماضية برغم وجود القائمة المشتركة، وبمقدور هذه الفرصة إذا أحسنَّا استعمالها أن تعصف بالعديد من القوائم التي يعتمد عليها نتنياهو لبناء تحالفه القادم".
ورأى مخول أن "رفع نسبة التصويت بين الشباب ومجمل الناخبين العرب وحلفائهم من التقدميين اليهود من شأنه أن يقلب الخارطة السياسية على رأس نتنياهو وحلفائه الفاشيين".
وفي حال ارتفاع نسبة المشاركين العرب في الانتخابات، فإنه سيكون من الصعب على أحزاب يمينية إسرائيلية صغيرة اجتياز نسبة الحسم بسبب حاجتها إلى عدد أكبر من المصوتين.
وكانت أعلى نسبة تصويت للمواطنين العرب في عام 1999 حيث بلغت 75% انخفضت إلى 18% في عام 2001 ثم ارتفعت إلى 62% في عام 2003 وانخفضت إلى 56% في عام 2006 ثم انخفضت 53% في عام 2009 وارتفعت إلى 54% في عام 2013 ثم إلى 63% في عام 2015.
ويصوت المواطنون العرب بنسبة أكثر من 80% للأحزاب العربية أما النسب المتبقية فتصوت لأحزاب يسارية مثل "ميرتس" أو وسطية مثل "العمل" في حين يصوت الكثير من الدروز للأحزاب اليمينية مثل " الليكود" وحتى لحزب "إسرائيل بيتنا".
ويمكن لتحالف ما بين أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل مع الأحزاب العربية أن يفشل محاولات نتنياهو تشكيل حكومة يمينية ولكن عدم اقتراب أحزاب اليسار من مبادئ الأحزاب العربية يجعل هكذا تحالفا صعبا.
فالأحزاب العربية تريد من أحزاب الوسط تأييد قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 1967 ورفع الحصار عن غزة وإنهاء الاحتلال ووقف سياسة التمييز ضد المواطنين العرب في إسرائيل وهو ما لا يقبله أي حزب وسطي.
ولكن نتنياهو يستغل تفوق الأحزاب اليمينية من أجل التحريض على العرب بقوله "إما حكومة يمينية برئاسة بيبي (نتنياهو) أو حكومة يسار بين غانتس وطيبي" في إشارة إلى النائب العربي في الكنيست أحمد طيبي.
وستكشف الانتخابات يوم الثلاثاء أي منحى سيتجه فيه المواطنون العرب.