قطر تعتقل 7 أشخاص انتقدوا "عنصرية الانتخابات".. ومغردون: أين الجزيرة؟
جدل وانقسام وغضب واسع تشهده قطر، في أعقاب التحقيق مع 7 أشخاص انتقدوا قوانين الانتخابات، متهمين إياها بإثارة العنصرية.
وأعلنت وزارة الداخلية القطرية في تغريدة عبر حسابها في موقع "توتير" إنها أحالت 7 أشخاص إلى النيابة العامة، متهمة إياهم "باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار غير صحيحة وإثارة النعرات العنصرية والقبلية".
وكان لافتا أن تكون الاتهامات الموجهة للمحالين إلى النيابة "إثارة النعرات العنصرية والقبلية"، هي نفسها التي اتهموا بها النظام على خلفية القوانين المنظمة لأول انتخابات برلمانية من المقرر أن تشهدها البلاد.
وفيما لم تكشف وزارة الداخلية القطرية عن أسماء الأشخاص السبعة، أكد مغردون قطريون أنهم ينتمون لإحدى القبائل، وإن ضبطهم جاء على خلفية تعبيرهم عن رأيهم الرافض للقانون الصادر بمنعهم من الترشح للانتخابات، كونهم من أصول غير قطرية.
حملة مقاطعة
تأتي الاعتقالات الأخيرة بعد أيام من حملة على موقع "تويتر" دعا خلالها مغردون قطريون إلى مقاطعة أول انتخابات برلمانية في البلاد، احتجاجا على القوانين المنظمة لها، التي وصفوها بأنها غير منصفة.
وأكد المغردون أن القوانين التي تنظم الانتخابات البرلمانية "غير منصفة وعنصرية"، وستؤدي إلى إنشاء مجلس صوري لا يعبر عن مختلف شرائح المجتمع.
وبعد 17 عاما من وعود متتالية بإجراء انتخابات برلمانية، أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، 29 يوليو/ تموز الماضي، سلسلة قوانين ومراسيم تنظم إجراء أول انتخابات برلمانية مقرر إجراؤها في البلاد أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقسّم القانون رقم (6) الخاص بنظام انتخاب مجلس الشورى المواطنين القطريين إلى 3 درجات، الأولى قطريين أصليين ويحق لهم الترشح والانتخاب، وقطريين مجنسين مولودين في قطر وجدهم قطري، وهؤلاء يحق لهم الانتخاب ولكن لا يحق لهم الترشح، وقطريين مجنسين وهؤلاء لا يحق لهم الترشح ولا الانتخاب.
وينص القانون على أنه يتمتع "بحق انتخاب أعضاء مجلس الشوري كل من كانت جنسيته الأصلية قطرية وأتم 18 سنة ميلادية، ويستثني من شرط الجنسية الأصلية... كل من اكتسب الجنسية القطرية، وبشرط أن يكون جده قطريا ومن مواليد دولة قطر".
أما يشترط فيمن يود ترشيح نفسه أن يكون "جنسيته الأصلية قطرية، ولا يقل عمره عند قفل باب الترشح عن 30 سنة ميلادية".
كما قضى القانون رقم (7) لسنة 2021 بشأن مجلس الشورى على أنه يتألف المجلس من 45 عضوا يتم انتخاب 30 منهم بالانتخاب ويعين الأمير الأعضاء الـ 15 الآخرين من الوزراء أو غيرهم.
كما أصدر أمير قطر المرسوم رقم (37) لسنة 2021 بتحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى ومناطق كل منها.
وقسّم المرسوم الدوائر الانتخابية في قطر إلى 30 دائرة انتخابية، ينتخب عضو واحد عن كل دائرة انتخابية.
وانتقد مغردون قطريون تلك القوانين، مشيرين إلى أنها تثير العنصرية داخل المجتمع، وتقيد الحريات، وبينوا أن توزيع الدوائر الانتخابية غير منصف وتم على أساس قبلي، الأمر الذي يقلل من حظوظ المرأة وفئات عديدة من المجتمع من الفوز بالمجلس.
الجدل حول تلك القوانين تزايدت حدته ووتيرته بعد إعلان وزارة الداخلية الجداول الأولية للناخبين أمس الأحد، وإرسال رسالة نصية لمن تم قبول قيده كناخب، وثم إعلان عدد من مغردي هذه القبيلة أنه تم إقصاؤهم من الانتخابات التي وصفوها بالعنصرية.
وعقب ذلك أعلنت الداخلية القطرية عن إحالة 7 للنيابة العامة على خلفية انتقاد قوانين الانتخابات.
وتزايدت حالة الرفض للانتخابات القطرية، وسط مطالب بتأجيل عقدها حتى يتم تعديل قوانين الانتخابات .
تبادل اتهامات
وتبادل المغردون الاتهامات مع النظام القطري، حول من السبب في إثارة العنصرية.
وردا على تغريدة الداخلية القطرية بشأن توقيف 7 أشخاص لإثارتهم العنصرية، قال راشد المري "الدولة هي من أسست مجلس قائم على العنصرية والقبلية وخالفت الدستور المصوت عليه في 2003، وهؤلاء مارسوا حقهم الطبيعي الذي يكفله لهم القانون".
بدوره، بث الشاعر سعيد الدحابيب مقطع فيديو يتضمن قصيدة تحمل اتهامات شديدة لقطر بإثارة النزاعات والانقسامات داخل المجتمع على خلفية قوانين الانتخابات، جاء فيها :"العنصرية في اتخاذ القرارات ..أخس وأردى نوع للعنصرية".
في السياق نفسه، قال محمد الكواري :"قمة العنصرية.. جهاز أمن الدولة القطري يعتقل 7 من أبناء القبيلة بعد تعبيرهم عن رفضهم للقانون التعسفي ضدهم بأن يتم منعهم من الترشح للانتخابات كون سادس جد لهم كان يعيش بالسعودية !!".
المغرد محمد المري انتقد ممارسات تثير كثيرا من علامات الاستفهام، قائلا :"الممارسة الديمقراطية تترك لك الحرية في التسجيل من عدمه وفي الترشح والترشيح وإلا فقدت أهم عناصرها وهو حرية اتخاذ القرار. الحاصل العكس، أحد ما سجل أصلا ووصلته رسالة.. وهذا خطأ، وأحد استشعر واجبه الوطني وتم إقصاؤه وفق مبررات كان يمكن تجاوزها لنبقى صفا واحدا".
تهكم على "الجزيرة"
من جهته، تهكم مبارك بن جابر على صمت قناة "الجزيرة" التي تنطلق من قطر على تلك الانتهاكات، قائلا :"أين قناه الجزيرة ولا مشغولة في دول الجوار وفي تونس وليبيا وسوريا فقط؟ أين الجزيرة والرأي والرأي الآخر؟؟؟؟".
كرة لهب
الأكاديمي نايف بن نهار أعرب عن أسفه عن التوتر الحاصل الآن في المجتمع القطري، قائلا: "كيف كان المجتمع يدًا واحدة وكيف وصل به الحال اليوم إلى نزاع وصراع".
وأردف: "قانون مجلس الشورى أوجد كرة لهب قد تكبر وتتدحرج بشكل لا يستطيع أحد ضبطه".
وبين أن "الحل المنطقي حاليًا هو تأجيل المجلس للعام القادم إلى أن يتم إعداد تشريعات أكثر عدالة وحفظا للمصالح العليا ووحدة المجتمع، ولا شك أن صدور القوانين جعل الرؤية أكثر وضوحا لآثارها الخطيرة، ولا عيب في التأجيل ولا حرج، فهذه أول تجربة في تاريخ قطر وحصول الخطأ في التقديرات أمر وارد".
وعود مؤجلة
وبعد 17 عاما من وعود متتالية بإجراء الانتخابات البرلمانية، صادق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، 29 يوليو/تموز الماضي، على قانون انتخابي لأول انتخابات تشريعية في البلاد من المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول.
ويترقب القطريون إجراء الانتخابات، منذ أن صدر الدستور الدائم لدولة قطر في أبريل/نيسان 2004، ونص على إجراء انتخابات برلمانية وإعداد قانون لهذا الغرض.
وتنص المادة 77 من دستور قطر على أنه "يتألف مجلس الشورى من خمسة وأربعين عضوا.. يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الخمسة عشرة الآخرين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم".
ونصت المادة 78 على أنه "يصدر نظام الانتخاب بقانون، تحدد فيه شروط وإجراءات الترشيح والانتخاب".. وفيما ينتظر القطريون تطبيق الدستور، وعد حمد بن جاسم النائب الأول لرئيس الوزراء القطري وزير الخارجية آنذاك في يونيو/حزيران 2005 بأن الانتخابات البرلمانية لاختيار مجلس الشورى ستجرى "عام 2006 أو 2007 كحد أقصى".
ومضت 2006 و2007 دون أي انتخابات.. وفي فبراير/شباط 2011، قال حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر آنذاك إن الدوحة تعمل على تنظيم انتخابات مجلس شورى "في المستقبل القريب".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، كان حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق أكثر تحديدا من رئيس وزرائه في الوعد الجديد؛ فأعلن في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في النصف الثاني من عام 2013.
وقال نصا "أعلن من على منصة هذا المجلس أننا قررنا أن تُجرى انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من عام 2013".. ومضى 2013، وتولى ابنه الشيخ تميم مقاليد الحكم، ولم تجر أي انتخابات، وبعد 4 سنوات، وتحديدا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلن الابن من نفس موقع أبيه من على منصة مجلس الشورى إجراء انتخابات برلمانية.
وتابع: "تقوم الحكومة حاليا بالإعداد لانتخابات مجلس الشورى، بما في ذلك إعداد مشروعات الأدوات التشريعية اللازمة على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، حيث نتجنب الحاجة إلى التعديل في كل فترة".