جيش الأسد المنهك ينتزع الطلاب من الحرم الجامعي قبل معركة إدلب
النظام السوري بحاجة ماسة إلى مجندين جدد ولهذا قام بتغيير قواعد الامتحانات سرا وعرض العفو عن المتهربين من أداء الخدمة العسكرية.
مع بدء العد التنازلي للمعركة الحاسمة في إدلب، يبدو أن جيش النظام السوري المنهك بحاجة ماسة إلى تعزيز صفوفه بمجندين جدد، وهو ما دفع السلطات إلى انتزاع الطلاب من الحرم الجامعي، وعرض العفو عن المتهربين من أداء الخدمة العسكرية.
وفي تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، قالت إنه بعد سبع سنوات طوال من الحرب الوحشية، يستعد جيش رئيس النظام بشار الأسد لحسم المعركة الأخيرة في إدلب، المحافظة الوحيدة التي لا تزال خارج قبضته.
ولكن مع ابتعاد حلفائه الروس والإيرانيين عن المراحل الأخيرة من الحرب، فإنهم يُخلّفون وراءهم جيشاً سورياً ضعيفاً للغاية لإنهاء المهمة بمفرده.
وفي مواجهة احتمال حدوث معركة هامة دون مساعدة القوات الجوية الروسية، والمليشيات المدعومة من إيران -وكلاهما يبدو متردداً في خوض المعركة النهائية- فإن المخاطر أكبر بالنسبة للجيش السوري المستنزف والضعيف معنوياً، مما كانت عليه منذ سنوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخسائر في الأرواح، والفرار، والتهرّب من أداء الخدمة العسكرية أضرت جيش الأسد بشدة، وخلافا للعشرات من اتفاقات وقف إطلاق النار التي انتهكتها قواته في الماضي، يبدو أن الأسد يريد نجاح هذا الاتفاق، على الأقل حتى يتمكن من تعزيز قواته المستنفدة.
وأوضحت أن النظام بحاجة ماسة إلى المجندين الجدد، مع اقتراب المعركة النهائية لإدلب، ولهذا غيرت الدولة قواعد اجتياز امتحانات الجامعة دون أن تخبر الطلاب أولاً، في محاولة لجر الطلاب الذكور إلى القوات المسلحة.
في السياق، كشفت طالبة في دمشق أن 70٪ من دفعتها بالكلية هذا العام التي تضم 300 طالب، رسبوا في امتحاناتهم هذا الصيف، وأغلبهم عن قصد، لتأجيل الخدمة العسكرية، غير أن فترة العفو المعتادة لإعادة أداء امتحان السنة الدراسية قد ألغيت دون سابق إنذار، وبات أصدقاؤها الذكور معرضين لخطر التجنيد.
وأحد هؤلاء الطلاب، الذين التقتهم الصحيفة، إيلي (23 عاما)، الذي غادر دمشق متوجها إلى بيروت عبر الحدود اللبنانية بعد رسوبه في عامه الثاني بالجامعة، واستدعائه الشهر الماضي لأداء الخدمة العسكرية التي يمكنه أن يتجنبها بدفع 8 آلاف دولار، لكن مثل معظم السوريين في هذه المرحلة، فإن عائلته لا تملك المال.
وقال إيلي: "الأمور ليست أسهل بكثير (هنا)، لكنها أفضل من إضاعة سنوات من حياتي غارقة في الدم والقتل".
وأضاف: "ابن عمي كان يؤدي الخدمة العسكرية على مدى السنوات الخمس الماضية، لا نهاية في الأفق، أصيب بجروح بالغة ثلاث مرات وخسر أكثر من 50 صديقاً، لا أستطيع تحمل ما يستطيع فعله، لذا لا يمكنني العودة".
بدروه قال هادي (25 عاما)، وهو طالب هندسة جاء إلى بيروت من اللاذقية خريف هذا العام، إنه لا يعتقد أن الأمر يستحق ذلك.
وتابع: "إذا بقيت هناك، كنت سأؤدي الخدمة العسكرية الآن، دون أدنى شك، الأمر كله فوضى، لا شهادات عليا، لا وظائف، مجرد التجنيد والموت".
ورجحت الصحيفة أنه حتى مع تدفق الطلاب الذين تم انتزاعهم من حرم الجامعات، فإن الفرصة بعيدة في أن يصبح جيش رعاع الأسد قادراً على استعادة إدلب بسرعة دون مساعدة طهران وموسكو.
وذكرت أنه طيلة سنوات، كانت وسائل الإعلام الحكومية والمؤسسات السياسية والدينية في سوريا تشوه صورة مئات الآلاف من الرجال السوريين الذين غادروا البلاد لتجنب التجنيد باعتبارهم "خونة" أكثر من مسلحي المعارضة.
لكن في إعلان مفاجئ هذا الأسبوع، قالت الحكومة إن جميع الفارين والمتهربين من أداء الخدمة العسكرية الذين عادوا إلى سوريا خلال الأشهر الستة المقبلة سيمنحون العفو.
ويبدو أن هذا القرار يهدف لإغراء الأسر التي لديها أموال لدفع غرامات للعودة إلى ديارهم، حتى إذا ظل التجنيد أمرا محتملا، وفقا للصحيفة، التي رجحت أنه مع اقتراب الحرب من نهايتها، ربما يرغب العديد من السوريين الذين يشعرون بالحنين إلى الوطن في استغلال هذه الفرصة.
ونوّهت بأن القدرات العسكرية للطلاب السابقين، والمجندين من العناصر السابقة في قوات المعارضة غير مختبرة، كما أن الجنود الأكثر خبرة قد استنفدوا، والبعض التحقوا بالخدمة العسكرية عندما بدأت الحرب في عام 2011، ويقاتلون دون توقف منذ ذلك الحين.
ولفتت إلى أنه مع استعادة النظام سيطرته على سوريا تدريجيا، أصبحت قواته منتشرة الآن في كل الأراضي السابقة للمعارضة و"داعش"، ويقدر أن ما بين 20 إلى 25 ألف جندي فقط سيشكلون أي قوة تهاجم إدلب، فيما يتواجد ما لا يقل عن 70 ألف من مسلحي المعارضة.
وفي تعليق على المعركة الوشيكة، قال دبلوماسي أوروبي: "سوف تكون إدلب معركة قاسية للنظام. من المحتمل أن يتكبدوا خسائر فادحة لأنهم لن يضعوا قوات النخبة في هذا الخط الأمامي، إيران أيضا غير ملتزمة بخوض القتال على الأرض".