في "ظلال الناتو".. النمسا تنقب عن الأمن في عالم متغير
خطوات متسارعة تتخذها النمسا "المحايدة" لرسم "خط دفاع وطني" في عالم متغير وتحولات جيوسياسية عصفت بكثير من خطوط الحياد.
ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية في 24 فبراير/شباط الماضي، تغيرت منظومة الأمن الأوروبية بشكل غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة، وتخلت دول مثل فنلندا والسويد عن حياد دام عقود، من أجل الاحتماء في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
في المقابل، تمسكت فيينا بالحياد المعلن في 1955، ولم تسلم كييف أسلحة أو ذخيرة رغم إدانة فيينا الهجوم الروسي على الأخيرة، لكنها تواجه معضلة تحقيق الأمن بشكل منفرد في ظروف متغيرة باستمرار.
وفي الأشهر الماضية، قررت السلطات النمساوية زيادة الإنفاق العسكري بشكل كبير، وتسليح الجيش بشكل جيد، لكنها كانت تواجه ضغوطا داخلية بالتخلي عن الحياد لصالح عضوية الأطلسي.
ضغوط رفضها الرئيس ألكسندر فان دير بلين، والمستشار كارل نيهامر أكثر من مرة، بل تظهر استطلاعات الرأي رفضا شعبيا واسعا يتخطى الـ70% للتخلي عن الحياد والانخراط في الأحلاف العسكرية.
لذلك، ألقت السلطات النمساوية بأكثر من حجر في مياه الأمن القومي، وقررت صياغة استراتيجية جديدة للأمن القومي في هذا العالم المتغير، فضلا عن إصدار وزارة الدفاع تقرير الدفاع الوطني أيضا.
ووفق المعلن، من المقرر أن تنتهي الحكومة النمساوية من صياغة الاستراتيجية الجديدة هذا العام، لتحل محل استراتيجية الأمن القومي القديمة السارية منذ 2013.
وكشفت مداولات الحكومة النمساوية عن خطوط عريضة للاستراتيجية الجديدة، تتضمن الحياد كركن سياسي لمنظومة الأمن في النمسا، وتقوية الجيش الوطني، وتنطلق من أن التهديدات أصبحت "أكثر تنوعا"
وعلى عكس طلبات المعارضة بإشراك البرلمان في الإعداد لهذه الاستراتيجية، قررت الحكومة إعداد الاستراتيجية بشكل منفرد أولا ثم طرحها على البرلمان بحلول نهاية العام.
وأكدت وزيرة الدفاع كلوديا تانر، منتصف الشهر الجاري، أن الأعمال التحضيرية لتطوير السياسة الدفاعية بدأت فور اندلاع الحرب في أوكرانيا بالفعل، داعية إلى رؤية شاملة للأمن، وضربت مثالا بتأثيرات أزمة الطاقة والجائحة.
بينما قال المستشار النمساوي: "تحتاج الديمقراطية المحصنة إلى سياسة أمنية شاملة تلبي متطلبات العصر.. لذلك نعمل على تطوير الاستراتيجية الأمنية النمساوية من أجل الحفاظ على السلام والازدهار في النمسا".
بدوره، قال نائب المستشار فيرنر كوغلر، "من المهم تطوير مفهوم الحياد حتى تتمكن النمسا من تقديم مساهمة حقيقية في السياسة العالمية في ضوء المتغيرات الجديدة".
وتابع كوغلر: "يجب أن نضمّن مسألة أمن الطاقة ضمن الاستراتيجية الجديدة، في ضوء ما حدث مع روسيا بعد حرب أوكرانيا واستغلال الطاقة كسلاح".
وبالتزامن مع البدء في صياغة استراتيجية الأمن القومي الجديدة، أعلنت وزيرة الدفاع النمساوية، كلوديا تانر، اليوم الجمعة، انتهاء الوزارة من إعداد تقرير الدفاع الوطني الذي ينتظر أن يكون أحد أسس استراتيجية الأمن القومي الجديدة.
وتابعت أن حرب أوكرانيا، أثبتت أن التهديدات باتت متنوعة ومتشعبة، لافتة إلى ضرورة الاستمرار في عمليات تسليح الجيش وتقويته لضمان الأمن في إطار الحياد.