نشر السلام العالمي ومواجهة التطرف.. ثنائية الأزهر في 2017
الأزهر الشريف، نجح خلال عام 2017، في جني ثمار وسطيته، برعاية إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وسط واقع مليء بالتحديات
وسط واقع مليء بالحروب والنزاعات ونشر الأفكار المغلوطة الداعية إلى التشدد والإقصاء، يخطو الأزهر الشريف برعاية إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بخطى ثابتة مسلحًا بإيمانه الراسخ ووسطية عقيدته وإنسانية رسالته، نحو دحر الإرهاب والرد على دعاوى الفتنة والكراهية ونبذ الآخر.
وبحسب ما رصدته "بوابة العين" الإخبارية، كان نشر السلام العالمي ومواجهة التطرف أبرز رسائل الأزهر الشريف طيلة العام الماضي، سواء في مؤتمراته العالمية أو اختيار وجهات الإمام الأكبر الخارجية وخطاباته التاريخية، فضلًا عن اتفاقه الأشهر مع بابا الفاتيكان البابا فرنسيس على استئناف الحوار بين المؤسستين بعد تجميده لمدة 7 سنوات.
الأزهر والفاتيكان
"استئناف حوار فعناق فوُدّ موصول". هذا ما يلخص تطور العلاقات بين المؤسستين الدينيتين الأكبر في العالم خلال عام 2017، فكان تبادل الموفدين عقب تولي البابا فرنسيس رئاسة الكنيسة الكاثوليكية، بمثابة الضوء الأخضر من جانب كل من الأزهر الشريف والفاتيكان لاستئناف الحوار المتوقف منذ عام 2011.
وفي لقاء أول من نوعه مايو/آيار العام الماضي، التقى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في العاصمة روما، بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، الذي منحه ميدالية "ملاك السلام"، والتي يمنحها البابا عادة لرؤساء الدول عند استقبالهم، بالإضافة إلى نسخة من رسالته العامة الثانية والتي تتناول جوانب من الحياة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، لكن الإمام الأكبر الذي حمل في ذلك اللقاء رسالة تسامح للعالم، اتفق مع بابا الفاتيكان على عقد مؤتمر عالمي للسلام، وهو ما جرى في أبريل/نيسان 2017، خلال زيارة البابا فرانسيس التاريخية إلى مصر.
وخلال وقائع المؤتمر بالعاصمة القاهرة، فاجأ قطبا الأزهر والفاتيكان العالم بعناق أخوي، تناقلته وكالات الأنباء العالمية، رسخا به قيمة الحوار بين الأديان والتعايش المشترك، ودحضا به كل دعاوى الفتنة والإرهاب التكفيري باسم الدين.
وعقب اللقاء التاريخي بأشهر قليلة، جاء اللقاء الثالث بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في العاصمة روما، حيث تناولا جهود المؤسستين في دعم السلام العالمي، في إشارة واضحة للود الذي أصبح موصولًا بين أكبر مرجعيتين في العالم الإسلامي والمسيحي.
مؤتمرات عالمية متعددة الرسائل
وشهد عام 2017، إطلاق الأزهر الشريف لمؤتمرين عالمين، حملا رسائل متعددة، أبرزها الحرية والمواطنة، ونشر السلام العالمي، وسط حضور طيف واسع من كبار العلماء والقيادات الدينية المسلمة والمسيحية، ورموز السياسة والفكر والثقافة من مختلف أرجاء العالم.
وفي فبراير/شباط الماضي، أطلق الأزهر مؤتمره العالمي "الحرية والمواطنة.. التنوع الكامل" بمشاركة أكثر من 50 دولة، متداولًا قضايا المواطنة والحريات والتنوع الاجتماعي والثقافي، ومبرزا إعلان الأزهر الذي تضمن تأكيد الحضور على مبدأ المواطنة، وإدانة جميع الممارسات التي تتعارض معه.
ونجح المؤتمر في أن يجمع المشاركين على التوافق حول تأسيس شراكةٍ متجددة بين كافة المواطنين مسلمين ومسيحيين وغيرهم من ذوي الانتماءات الأُخرى، يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادَل والمواطنة والحرية.
ولم تكف نجاحات الأزهر عند هذا الحد، لكنه سارع بتنظيم مؤتمره العالمي الثاني، بمشاركة بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، خلال زيارته التاريخية إلى مصر، ليتوج المؤتمر التوافق بين المؤسستين الدينيتين حول مفهوم السلام العالمي، أمام الملايين الذين تابعوا وقائع المؤتمر على الشاشات.
زيارات خارجية
وخلال عام 2017، ارتكزت زيارات الإمام الأكبر الخارجية على أهداف رئيسة، تمثلت في نشر السلام العالمي، ومواجهة التطرف، ونصرة القضايا الإنسانية العادلة، فكان من بينها زيارته إلى كل من ألمانيا وإيطاليا.
وخلال هذا العام، زار الإمام الأكبر ألمانيا مرتين، الأولى كانت لحضور احتفالية حركة الإصلاح الديني بمناسبة مرور 500 عام على تأسيسها مايو/آيار الماضي، والثانية كانت على هامش مشاركته في مؤتمر طرق السلام سبتمبر/أيلول، أجرى خلالها مباحثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشأن أوضاع مسلمي الروهينجا.
وفي إيطاليا، شارك شيخ الأزهر نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، في الملتقى العالمي الثالث للحوار بين الشرق والغرب، فيما زار المملكة العربية السعودية مشاركًا في الملتقى العالمي "مغردون"، مايو/آيار الماضي.
الروهينجا وقضية القدس
وفي عام 2017، لم تغِبْ نصرة القضايا الإنسانية العادلة، عن أولويات الأزهر الشريف، فكان دعمه لمسلمي الروهينجا بعد تصاعد موجات العنف بحقهم، فنظم المؤتمر الأول للحوار بين أبناء ميانمار بالعاصمة المصرية القاهرة، وهو ما تزامن مع حلحلة للأزمة عبر فتح الميانمار لتحقيق في التجاوزات بحق الروهينجا.
لكن مع توالي الشهور تجددت الأزمة بصورة أكثر وحشية، ما دفع الإمام الأكبر إلى الخروج في بيان متلفز وإعلان قيادته لتحركات إنسانية لوقف تلك المجازر المرتكبة لمسلمي الروهينجا.
وانتهت التحركات العالمية التي أعلنها شيخ الأزهر بشأن مأساة الروهينجا، بقراره الذهاب إلى مخيمات الروهينجا ببنجلاديش، غير أنه أرجأ زيارته لهجوم إرهابي ضخم استهدف بلاده في شمال سيناء، أسفر عن استشهاد أكثر من 300 شخص، فيما استمر إرسال القافلة الإغاثية للمخيمات.
ومن شرق آسيا إلى قلبها، حيث حازت القضية الفلسطينية اهتمام شيخ الأزهر، الذي رفض لقاءً كان معدًا سلفًا مع نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، بمشيخة الأزهر بعد قراري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى المدينة.
وليس بنس الشخصية الأولى من نوعها التي تخطب ود الأزهر، فقائمة الحريصين على توثيق علاقاتهم بالأزهر الشريف من كل صوب وحدب لا تعد ولا تحصى، فالجميع يتمنى زيارة كعبة الوسطية في العالم.
وخلال عام 2017، تعاقبت الوفود العربية والغربية على مشيخة الأزهر الشريف، مشيدين بجهود الإمام الأكبر في نشر قيم السلام والتسامح، وخطابه العالمي في تصحيح صورة الإسلام التي يروجها الإرهابيين باسم الدين.
ومن أبرز الشخصيات التي استقبلها الإمام الأكبر الرئيس اللبناني ميشال عون فبراير/شباط الماضي، ورئيس أوروجواي في يونيو/حزيران الماضي، ووزيرة خارجية إندونيسيا في ديسمبر/كانون أول الحالي.
ويعد الانفتاح على العالم، وتقديم رؤية تنويرية تتبنى ثقافة السلام، بمثابة دور رئيسي اضطلع به الأزهر الشريف خلال السنوات الماضية، وتوجه في عام 2017، دون أن يكف عن مواصلة جهوده وعطائه، في جميع الأزمات ذات البعد الإسلامي والإنساني.
aXA6IDE4LjExNy4yMzIuMjE1IA==
جزيرة ام اند امز