برشلونة فريق أوروبا المريض فنيا وتكتيكيا
مصيبة إنريكي تتفاقم باختراعه العجيب الذي لم نسمع به من قبل وهو دخول المباراة بتشكيله العجيب ثم محاولة إصلاح العيوب في الشوط الثاني
برشلونة لم يعد ذلك الفريق الذي لا يقهر سواء في إسبانيا أو في القارة الأوروبية بشكل عام، وهي نتيجة لم تفرزها فقط الهزيمة المهينة في يوفنتوس أرينا بثلاثية بيضاء ومن قبلها الخسارة من باريس سان جيرمان ذهابا برباعية، وهي هزائم نوعية لم يكن الكتالونيين يعرفونها سوى في مرات نادرة في السنوات الأخيرة، ما يدفع للاعتقاد بأن برشلونة أصبح بالفعل فريق أوروبا المريض الذي ينتظر الموت أو التفتت مثلما حدث للدولة العثمانية في بداية القرن العشرين.
صحيح أن لويس إنريكي يرتكب كوارث في كل مباراة للبارسا تقريبا على مستوى التكتيك أو التشكيلة تكلف الفريق غالبا أهدافا مجانية وخسائر يمكن بسهولة تجنبها، وهو في هذا الأمر يعادل الحالة القياسية التي عاشها البلوجرانا مع الأرجنتيني تاتا مارتينو، لكن المشكلة في اعتقادي تتجاوز مصائب المدرب.
مشكلة برشلونة تتجاوز كل ما سبق تتلخص ببساطة في حالة التثاقل الواضحة التي يبدو عليها أغلب اللاعبين والتي ترتبط غالبا بحالة من اللامبالاة.
المشكلة تتلخص ببساطة في حالة التثاقل الواضحة التي يبدو عليها أغلب اللاعبين والتي ترتبط غالبا بحالة من اللامبالاة
إنريكي يطبق في برشلونة منذ بداية الموسم الحالي سياسة بالغة الغرابة تتمثل فيما يعرف بـ "التدوير" وهي تعني في جوهرها عدم الاعتماد على تشكيل ثابت لعدد متكرر من المباريات، وإنما تدوير المشاركة الأساسية في المباريات بين اللاعبين وهو منطق غريب بشكل عام لأن المثل العامي القديم يقول "الذي تكسب به العب به".
مصيبة إنريكي تتفاقم باختراعه العجيب الذي لم نسمع به من قبل وهو دخول المباراة بتشكيله العجيب ثم محاولة إصلاح العيوب في الشوط الثاني، وهو عكس ما يجب ان يقوم عليه أي تفكير منطقي، لسببين أولهما أن المدرب يجب عليه ضمان النتيجة أولا ثم التفكير في منح الفرصة للبدلاء، والثانية أن الأساسيين عندما يشاركون في المباراة بعد أن تتأزم يصعب عليهم إحداث التغيير المنشود لأن معطيات اللقاء تكون قد تغيرت بالفعل.
تزداد غرابة تفكير إنريكي لأنه لا شك يعرف مثلما نعرف نحن إن دكة بدلاء برشلونة ليس فيها من يمكنهم فنيا تعويض الأساسيين
تزداد غرابة تفكير إنريكي لأنه لا شك يعرف مثلما نعرف نحن إن دكة بدلاء برشلونة ليس فيها من يمكنهم فنيا تعويض الأساسيين، وبالتالي يكون تدوير التشكيلة نوعا من العبث غير المبرر وغير المفهوم، وهنا يمكن أن نتذكر أخر مثال عندما تخلى المدرب عن تشكيلته التي حققت فوزا رائعا على أشبيلية في الكامب نو وزج بلاعبين احتياطيين كلفوا الفريق خسارة غالية أمام مالاجا قد تكون حجر الزاوية في فقدانه لقب الليجا.
أزمة ضعف البدلاء يتحمل جزء من المسؤولية عنها المدير الرياضي السابق زوبيزاريتا الذي رحل قبل شهور إلى مارسيليا بعد أن ساهم بجهد كبير في إفساد برشلونة بسلسلة من الصفقات التي لا تناسب الفريق، وجلب لاعبين لا يستحقون ارتداء ليس فقط قميص برشلونة ولكن حتى قميص التسخين، من عينة ماتيو وجوميز.
اعتقادي أن مشكلة برشلونة تتجاوز كل ما سبق رغم أهميته، وهي مشكلة يمكن ملاحظتها لمن يراقب أداء الفريق في اغلب مباريات الموسم ما عدا مباريات قليلة مثل إياب باريس سان جيرمان وإياب أشبيلية.
المشكلة تتلخص ببساطة في حالة التثاقل الواضحة التي يبدو عليها أغلب اللاعبين والتي ترتبط غالبا بحالة من اللامبالاة تصيبهم، صحيح أن برشلونة لا يزال يحقق نسب استحواذ تفوق منافسيه لكنه استحواذ سلبي لا يشكل خطورة على مرمى المنافس، تنقل فيه الكرة للخلف أو على الجانبين وليس للإمام.
ولم يعد غريبا أن نرى لاعب برشلونة يمرر الكرة ويقف مكانه كأنه يرتاح من عبء ثقيل على صدره بدلا من أن يجري للتمركز في مكان يسمح له بتلقي الكرة من جديد، هذا المشهد تقريبا كان بطل أداء برشلونة في مباراة يوفنتوس حيث لم نر رغبة واضحة لدى أغلب لاعبي البارسا –ما عدا ميسي تقريبا- في تعديل النتيجة، مثلما لم نر انزعاجا واضحا عليهم والأهداف تنهمر مثل المطر على شباك تيرشتيجن وكأن الهزيمة لا تعنيهم في شيء.