يربط كثيرون برشلونة بمركز الإعداد "لاماسيّا" وبأسلوب التمريرات القصيرة.. لكن بعضهم فاته أن النادي نأى منذ سنوات عن هذا الأسلوب
مباراة كأس السوبر الإسبانية التي خاضها برشلونة وإشبيلية أخيراً لم تكن حدثاً في حدّ ذاتها، بل إن ما سبقها من أحداث سوريالية أثار صخباً في إسبانيا وتساؤلات كثيرة لا تزال تنتظر أجوبة.
قبل 24 ساعة من المباراة، أعلن الاتحاد الإسباني لكرة القدم أن المباراة "ليست احترافية"، وهو ما يمكّن الناديَين من خوضها من دون قيود على اللاعبين الأجانب.
يتساءل المرء بعد ضمّ مالكوم عن مصير الجناح الفرنسي ديمبيلي الذي تعاقد معه برشلونة الصيف الماضي مقابل نحو 150 مليون يورو.. كما أن ضمّ التشيلي فيدال يطرح تساؤلات عن مدى مواءمته لأسلوب اللعب الذي يتباهى به النادي
كان واضحاً أن القرار يصبّ في مصلحة النادي الكتالوني؛ إذ يضمّ أكثر من اللاعبين الأجانب الثلاثة الذين يفرضهم القانون. لكنه يأتي في إطار تدابير اتخذها الاتحاد قبل المباراة، تشي بمحاباة برشلونة، وأغضبت إشبيلية.
فالاتحاد استجاب لرغبة النادي الكتالوني في خوض كأس السوبر من مباراة واحدة تُنظَّم خارج إسبانيا، لا من مباراتين على ملعبَي الفريقين، رغماً عن إرادة النادي الأندلسي، لكي يتمكّن برشلونة من لعب مباراة ودية.
أتت هذه المعمعة بعد سجال أخلاقي أثاره ما فعله برشلونة بنادي روما، حين "سرق" منه الجناح البرازيلي مالكوم، إثر إعلان النادي الإيطالي وبوردو الفرنسي استكمال صفقة انتقاله.
ويتساءل المرء بعد ضمّ مالكوم عن مصير الجناح الفرنسي عثمان ديمبيلي الذي تعاقد معه برشلونة الصيف الماضي مقابل نحو 150 مليون يورو. كما أن ضمّ جناح الدفاع التشيلي أرتورو فيدال يطرح تساؤلات عن مدى مواءمته لأسلوب اللعب الذي يتباهى به النادي.
يربط كثيرون برشلونة بمركز الإعداد (لا ماسيّا) وبأسلوب التمريرات القصيرة. لكن بعضهم فاته أن النادي نأى منذ سنوات عن هذا الأسلوب، وأنه تخلّى عن "أيديولوجية" اللعب المسماة "تيكي تاكا"، لمصلحة أسلوب أكثر براجماتية.
انعكس ذلك تهميشا لـ"لاماسيا" التي تعاني من أسوأ حقبة في تاريخها الحديث، على رغم أن المبالغات في شأنها كثيرة. وتكرّست معاناتها بهبوط الفريق الرديف لبرشلونة، من الدرجة الثانية إلى الثالثة الموسم الماضي، على رغم أن موازنته هي الأعلى (47 مليون يورو) وتتجاوز موازنة نواد في الدرجة الأولى، مثل ليجانيس وإيبار وجيرونا.
وشكّل إنهاء خدمات جوان فيلا أخيراً، ضربة لمركز الإعداد الذي يعتبره برشلونة "درّة التاج" لديه، ويستخدمه رافعة دعائية للترويج لشعاره "أكثر من نادٍ". وكان فيلا مدير "المنهجية" في المركز، وشخصية محورية طيلة 4 عقود، وأشرف على تخريج لاعبين بارزين، مثل كارليس بويول وشافي هرنانديز.
بات برشلونة النادي الذي يضمّ أكبر عدد من اللاعبين الأجانب في صفوفه في الدوري الإسباني (18)، وأنفق في السنوات الأخيرة ثروة حقيقية لتعزيز تشكيلته، بلغت نحو 800 مليون يورو منذ ترأس جوزيب ماريا بارتوميو النادي عام 2014، استعاد منها 400 مليون، أكثر من نصفها بدل انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان.
يربط كثيرون برشلونة بمركز الإعداد لاماسيا وبأسلوب التمريرات القصيرة.. لكن بعضهم فاته أن النادي نأى منذ سنوات عن هذا الأسلوب، وأنه تخلّى عن "أيديولوجية" اللعب المسماة "تيكي تاكا" لمصلحة أسلوب أكثر براجماتية
اعتبر برشلونة ضمه نيمار عام 2013 "هندسة تفاوضية" ناجحة، علماً بأن أحداً لا يعلم القيمة الحقيقية للصفقة. كما أن بارتوميو وسلفه ساندرو روسيل ينتظران، مع والد اللاعب البرازيلي، محاكمتهم لشبهات بمخالفات في هذا الملف.
وتثير الإدارة المالية للنادي مخاوف، إذ إنه يواجه خطراً جدياً قد يقوده إلى هاوية، ذلك أن رواتب لاعبيه تقضم 84% من مجمل إيراداته، وهذا معدل مرتفع جداً.
ولا يحجب إعلان برشلونة إيرادات تبلغ 914 مليون يورو أن الرقم ليس دقيقاً، إذ يتضمّن ما جناه من بيع لاعبين، بينهم نيمار (222 مليون يورو)، ولا يعكس عائداته الصافية.. ومع ارتفاع المصاريف إلى 882 مليوناً يُرجَّح أن تبلغ ديون النادي 300 مليون يورو، علماً بأن تقارير إعلامية أفادت بأنه طلب قرضاً مصرفياً قيمته 100 مليون يورو، لدفع رواتب لاعبيه.
ويبقى الفريق "رهينة" لنجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، إذ يدين له غالباً بنجاحاته. ويطرح ذلك مسألة شائكة، إذ إن ميسي (31 سنة)، وهو لاعب أسطوري، على بعد سنوات قليلة من الاعتزال، مما سيثير فراغاً لا يُعوَّض في برشلونة.
وفي موازاة المشكلات الكروية، يواجه النادي ريبة متفاقمة، نتيجة جنوحه الانفصالي، تبعده عن فرق أخرى، وعن جزء من مشجعيه والرأي العام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة