البصرة تستعد لفصل جديد من المظاهرات ضد النفوذ الإيراني في العراق
المتظاهرون بالبصرة يتجهون لتكثيف احتجاجاتهم المناهضة لنظام طهران، موجهين رسالة مغزاها أن وجود إيران ومليشياتها بالعراق غير مرغوب فيه
مظاهرات واحتجاجات شبه يومية ينظمها محتجون غالبيتهم من الشباب المطالبين بإنهاء سيطرة المليشيا الإيرانية على المحافظة التي أفقرتها وتسببت في ارتفاع البطالة، هذا هو المشهد في محافظة البصرة منذ الصيف الماضي.
- رئيس وزراء العراق يسعى لاحتواء "غضب البصرة" بزيارة مشاريع قيد الإنشاء
- مظاهرات البصرة في 2018.. بداية النهاية للنفوذ الإيراني بالعراق
ولم تقف إيران عند نهب خيرات البصرة، بل تواصل عبر مليشيات الحشد الشعبي التابعة لها قتل البصريين عبر طرق مختلفة، أبرزها تلويث مياه شط العرب.
ويتجه المتظاهرون لتكثيف احتجاجاتهم المناهضة للنظام الإيراني، موجهين رسالة مغزاها أن وجود إيران ومليشياتها في العراق غير مرغوب فيه.
احتجاجات لا تتوقف
ولا يتوقف الشارع في البصرة عن الغليان منذ يوليو/تموز الماضي، فالاحتجاجات التي وصلت ذروتها في سبتمبر/أيلول الماضي بعد أن أحرق المحتجون مقر القنصلية الإيرانية ومقرات المليشيات والأحزاب التابعة لإيران في البصرة لم تتوقف خلال الأشهر الماضية، رغم القمع والضغوط التي تمارسها المليشيات والحكومة العراقية ضد المحتجين.
ونظم المحتجون في البصرة، الخميس الماضي، مظاهرة كبيرة شارك فيها المئات من أبناء المدينة الذين رفعوا شعارات تندد بنفوذ الإرهاب الإيراني في العراق، وموقف الحكومة العراقية والأحزاب الضعيف من ممارسات إيران القمعية ضد العراقيين.
وطالب المحتجون بإقالة محافظ البصرة وحكومتها المحلية والقادة الأمنيين في المحافظة، وشددوا على تمسكهم بتوفير الخدمات وفرص العمل للمدينة، لكن مسلحي المليشيات وقوات الأمن العراقية استقبلوا المتظاهرين بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع وفرقوا المظاهرة.
وعود حكومية لا تنفذ
وأعلنت الحكومة العراقية السابقة برئاسة حيدر العبادي في سبتمبر الماضي عن تخصيص 10 آلاف فرصة عمل لسكان البصرة، وشكل مجلس الوزراء وفداً حكومياً برئاسة وزير النفط، للبحث عن حلول عاجلة للمشكلات التي تعانيها المدينة.
وأصدرت الحكومة كذلك أوامر بتخصيص أموال لتنفيذ مشاريع تحسين خدمات المياه والكهرباء والصحة والخدمات العامة والأمن، لكنها لم تفِ بوعودها.
وبعد تشكيل الحكومة العراقية الحالية في ٢٤ أكتوبر/تشرين الأول الماضي اجتمع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي مع ناشطين ووجهاء من البصرة ووعدهم بحل مشاكل المدينة، لكن الأهالي لم يشهدوا حتى الآن تنفيذ أي وعود منها.
فرق الموت الإيرانية تغتال المعارضين
وحسب إحصائيات رسمية صادرة من مجلس محافظة البصرة، قتل خلال الأشهر الماضية من المتظاهرين في البصرة أكثر من ٢٢ متظاهراً وأصيب أكثر من ٦٠٠ آخرين بجروح، فضلا عن حملة اعتقالات واسعة ما زال المتظاهرون يتعرضون لها من قبل مسلحي المليشيات.
واغتالت فرق الموت التابعة لهذه المليشيات منذ يوليو الماضي وحتى الآن ٤ ناشطين بارزين، هم محامي الدفاع عن المتظاهرين جبار عبدالكريم، والناشطة سعاد العلي، والمعاون الطبي حيدر شاكر، ورجل الدين وسام الغراوي.
وما زالت مفاصل الملف الأمني تخضع للمليشيات الإيرانية، خصوصا مليشيات بدر التي يترأسها الإرهابي هادي العامري، وحزب الله برئاسة الإرهابي أبومهدي المهندس، والعصائب برئاسة الإرهابي قيس الخزعلي، إضافة إلى حركة النجباء بزعامة الإرهابي أكرم الكعبي والجناح العسكري لحزب الدعوة.
وتتلقى هذه المليشيات دعمها من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بقيادة الإرهابي قاسم سليماني.
سيطرة إيرانية قطرية على اقتصاد البصرة
وتسيطر المليشيات الإيرانية على الاقتصاد البصري، ولا سيما عمليات استخراج النفط وتهريبه عبر طهران بالتنسيق مع تنظيم الحمدين الحاكم في قطر، وتأتي مليشيات العصائب التي يترأسها قيس الخزعلي في مقدمة المسيطرين على عمليات التهريب بالتنسيق مع الحرس الثوري.
وتنقل المليشيات أموال النفط المهرب إلى بنوك طهران والدوحة لتمويل عمليات الحرس الثوري والمليشيات الإرهابية حول العالم، رغم استمرار العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني.
ولم تتورط المليشيات بعمليات تهريب النفط فقط، فهي وحسب معلومات خاصة تواصل تهريب الأموال الصعبة إلى إيران، إلى جانب تجارة المخدرات التي يشرف عليها الحرس الثوري عبر جناحه الخارجي فيلق القدس الذي يقوده سليماني، وتجارة البشر ونقل السلاح عبر الأراضي العراقية إلى سوريا واليمن ولبنان.
وشكل فيلق القدس والمليشيات الإيرانية عصابات مسلحة من المهربين في البصرة لتنفيذ عمليات التخريب والتهريب ونشر المخدرات بين شباب البصرة، إلى جانب بث الفتنة بين العشائر لإشغالها بالمعارك الداخلية عن المظاهرات، وتفكيك النسيج المجتمعي في المحافظة لتسهيل مهمة المليشيات في السيطرة الكاملة على البصرة والعراق.
وتواصل إيران عبر مليشيات الحشد الشعبي التابعة لها قتل البصريين عبر طرق مختلفة، أبرزها تلويث مياه شط العرب (نهر شط العرب يمر وسط البصرة ويقسمها إلى قسمين) بمخلفات مصانعها الكيماوية ومياه مبازلها المالحة التي تسببت في ارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب إلى مستوى خطر، أسفر عن نفوق الأسماك والكائنات البحرية، وتدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وإصابة مئات من سكان محافظة البصرة بالتسمم الصيف الماضي.
اتجاه لتصعيد الاحتجاجات المناهضة للنظام الإيراني
وتزامنا مع الزيارة المرتقبة لرئيس النظام الإيراني حسن روحاني إلى العراق غدا الإثنين كثف البصريون من احتجاجاتهم المناهضة للنظام الإيراني، موجهين رسالة إلى أن وجود إيران ومليشياتها في العراق غير مرغوب فيه، مؤكدين أن نظام طهران ومن يتبعه في العراق هم المسؤولون عن الدمار الذي يحل بالعراق وأهله.
وبدأت علامات النضج تظهر بشكل أكثر لدى المتظاهرين في البصرة خلال الأشهر الماضية، فقد أصبحت المظاهرات موحدة مجددا بعد أن كانت متفرقة، لأن توالي الأزمات أدى إلى توحيد خطاب المتظاهرين ورسالتهم للحكومة العراقية ومطالبتها بالوقوف إلى جانب العراقيين ولعب دورها الوطني في إنقاذ العراق من مستنقع نظام ولي الفقيه الإيراني.
البصرة.. ثروة منهوبة
وتعتبر البصرة ثالث أكبر مدن العراق من حيث عدد السكان بعد مدينتي بغداد والموصل، وتقع في أقصى جنوب العراق، وتطل على الخليج العربي عبر ميناء أم قصر ومدينة الفاو، وتحدها من الجنوب دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ومن الشرق إيران.
وتمتلك البصرة حسب إحصائيات الحكومة العراقية أكبر ثروة نفطية في العراق، بنحو ١٥ حقلاً نفطياً من مجموع ٧٧ حقلاً، وتشكل ٥٩% من إجمالي الاحتياطي النفطي العراقي.
ووصلت إيرادات البصرة النفطية وغير النفطية في موازنة ٢٠١٨ الماضي إلى ٨٦ تريليون دينار من إجمالي الموازنة التي بلغت ١٠٤ تريليون دينار، ورغم ما تمتلكه هذه المحافظة من ثروات إلا أن سكانها يعانون من الفقر والبطالة ونقص حاد في الخدمات الرئيسية، خصوصا مياه الشرب والكهرباء والخدمات الصحية.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xMDAg جزيرة ام اند امز