قرار صادم قبل عيد الأضحى.. النيجر توقف تصدير المواشي والمربّون غاضبون

أعلنت النيجر حظر تصدير الماشية، إذ أصدرت وزارة التجارة، مرسومًا بهذا الشأن، وذلك قبل أسابيع قليلة من عيد الأضحى، المعروف محليًا باسم "تاباسكي".
السياق الأمني وراء القرار
ورغم أن الوزارة لم تصدر أي توضيحات رسمية تشرح أسباب اتخاذ هذا القرار، فإن المعطيات على أرض الواقع توحي بأن السلطات تسعى إلى ضبط السوق المحلية قبل عيد الأضحى، خاصة في ظل الظروف الأمنية المتدهورة التي تشهدها بعض المناطق، حيث تنشط الجماعات الإرهابية المسلحة التي لا تتورع عن سرقة الماشية، ما يصعّب على المربّين نقل مواشيهم إلى العاصمة والمدن الكبرى.
تشير تقارير محلية إلى أن المربّين يواجهون صعوبات كبيرة في إيصال ماشيتهم إلى الأسواق المركزية، وخصوصًا في العاصمة نيامي، نظرًا لانتشار التهديدات الأمنية في العديد من مناطق الرعي.
- إجازات عيد الأضحى 2025 في مصر.. جدول الأيام الرسمية وعدد أيام الراحة
- أسعار اللحوم في مصر قبل عيد الأضحى.. ارتفاع المستورد وثبات البلدي
وقد أدى ذلك إلى تراجع المعروض من الماشية في السوق المحلية، الأمر الذي يرفع الأسعار بشكل ملحوظ مع اقتراب عيد الأضحى، وهو ما قد يُرهق القدرة الشرائية للمواطنين.
وبناءً على هذه المعطيات، يُفهم أن السلطات تسعى من خلال هذا الحظر إلى تأمين الحاجيات المحلية من الأضاحي بأسعار معقولة، عبر تقليص عدد رؤوس الماشية المصدّرة إلى الخارج.
وقد اتخذت نيامي قرارًا مشابهًا في نفس الفترة من العام الماضي، كما أن انعدام الأمن وانتشار سرقة الماشية من قبل الجماعات الإرهابية، جعلا من الصعب على المربّين إيصال ماشيتهم إلى العاصمة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مع اقتراب عيد الأضحى، مما دفع الحكومة إلى التفكير في إغلاق باب التصدير، بحسب إذاعة "إر إف.إي" الفرنسية.
غضب المربّين وخسائر اقتصادية محتملة
إلا أن هذا القرار قوبل برفض واسع في صفوف المربّين والفاعلين في قطاع تربية الماشية. فقد أعربت "فيدرالية معًا من أجل تربية الماشية"، وهي هيئة تضم أكثر من خمسين جمعية عاملة في القطاع على المستوى الوطني، عن قلقها الشديد من التداعيات الاقتصادية لهذا القرار، مؤكدة أنه قد يحرم المربّين من مورد دخل رئيسي، خصوصًا أن التصدير يمثل شريانًا اقتصاديًا أساسياً للكثيرين.
وطالبت الفيدرالية السلطات بمراجعة القرار أو على الأقل تعديله، واقترحت أن يقتصر الحظر على الخراف فقط حتى نهاية عيد الأضحى، دون أن يشمل الماعز، والأبقار، والجِمال، وهي أنواع من الماشية لا تُستخدم بنفس القدر كأضاحٍ، ويمكن الاستفادة من تصديرها دون الإضرار بالسوق المحلية.
يعرب المربّون عن قلقهم من الخسائر المالية التي قد تلحق بهم جراء هذا القرار، خاصة أن النيجر تعتبر تقليديًا من أكبر مصدّري الماشية في المنطقة، خصوصًا إلى نيجيريا وساحل العاج.
من جانبها، لم توضح السلطات النيجرية الأسباب المباشرة وراء قرار الحظر. إلا أن الواقع الأمني الصعب في البلاد، وتحديدًا هجمات الجماعات الإرهابية المسلحة التي تنتشر في عدة مناطق، يجعل من الصعب على المربّين إيصال الماشية إلى المدن الكبرى.
وفي ظل انخفاض العرض في الأسواق، تميل الأسعار إلى الارتفاع، ما دفع السلطات إلى اتخاذ قرار منع تصدير الماشية إلى الخارج.
علاوة على ذلك، وبما أن النيجر تُعد مصدرًا رئيسيًا للماشية في المنطقة، فقد يكون للقرار، الذي اتُّخذ يوم الجمعة، تأثيرات كبيرة على دول الجوار، وخاصة نيجيريا وساحل العاج، وهما بلدان تعتمد بشكل كبير على الماشية المستوردة، لا سيما من النيجر، لتلبية حاجيات عيد الأضحى.
أهمية صادرات النيجر في السوق الإقليمية
تكتسي صادرات الماشية النيجيرية أهمية كبيرة على مستوى غرب إفريقيا. فالنيجر تُعتبر تقليديًا من أكبر مصدّري الماشية في المنطقة، إذ تُصدر أعدادًا كبيرة من الأغنام والماعز والأبقار إلى دول الجوار مثل نيجيريا وساحل العاج، خاصة خلال المواسم الدينية مثل عيد الأضحى.
وتعتمد دول عديدة، وخصوصًا نيجيريا المجاورة وساحل العاج، على الماشية القادمة من النيجر لتلبية الطلب المرتفع على الأضاحي، إذ إن جزءًا كبيرًا من الحيوانات المذبوحة في عيد الأضحى في هذه الدول يكون مصدره النيجر.
لذلك فإن قرار الحظر من شأنه أن يتسبب في نقص حاد في المعروض من الماشية في هذه الدول، مما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار ويُثقل كاهل المواطنين في تلك البلدان أيضًا.
خلفيات اقتصادية وأمنية معقدة
يبدو أن القرار الحكومي جاء نتيجة خليط من العوامل الأمنية والاقتصادية. فمن جهة، هناك حاجة إلى الحفاظ على الاستقرار داخل السوق المحلية وضمان توفر الأضاحي بأسعار مقبولة. ومن جهة أخرى، تسعى السلطات إلى مواجهة تهديد الجماعات المسلحة التي تستهدف القوافل والمربين وتسطو على ممتلكاتهم في مناطق متعددة من البلاد.
إلا أن التضحية بعائدات التصدير – التي تمثل دخلًا كبيرًا للمربين والدولة على حد سواء – يمكن أن تكون مجازفة اقتصادية، ما لم تُواكب هذه الخطوة بتعويضات أو آليات دعم فعالة لهؤلاء العاملين في القطاع.
aXA6IDE4LjE5MS4xNTAuMjE0IA==
جزيرة ام اند امز