الدوري الإيطالي على خطى الألماني.. هل تنهار بي إن سبورتس؟
في إشارات على بدء انهيار الحلم القطري بالاستحواذ على حقوق بث كل البطولات الكبرى، يسير الدوري الإيطالي على خطى الألماني.. فما التفاصيل؟
الحلم القطري بالاستحواذ على حقوق بث كل البطولات الكبرى يتبدد، ومجموعة قنوات "بي إن سبورتس"، مشروع الدوحة التي دفعت في سبيله النفيس والغالي وتورطت لأجله في العديد من قضايا الفساد، بات على منحنى الانحدار والانهيار.
فبعد فشلها في الحصول على حقوق بث الدروي الألماني، وتقلص صلاحيتها في بث الدوري الفرنسي، باتت قنوات بي إن سبورتس، قريبة للغاية من فقدان حقوق بث الدوري الإيطالي خلال المواسم المقبلة.
كل شيء يحدث داخل أروقة القناة القطرية يؤكد اقتراب المشروع من الانهيار التام مع نهاية كأس العالم 2022، وأن الأمور ستتغير بعدها، خاصةً أن الترتيب لاستضافة المونديال استنزف الكثير من الأموال بالتزامن مع التراجع الاقتصادي الكبير في ظل المقاطعة العربية والأزمات التي خلفتها جائحة كورونا المستجد.
القناة التي يرأسها القطري ناصر الخليفي المتهم جنائيا بالفساد والرشى أمام المحكمة الفيدرالية السويسرية، فشلت في وقت سابق في الحصول على حقوق بث الدوري الألماني، الذي انطلق قبل أسبوع، بينما تقلصت حقوقها لبث الدوري الفرنسي، واقترب الدوري الإيطالي من اللحاق بالبوندسليجا.
مصادر بالقناة، قالت لـ"العين الرياضية" إن الإدارة قد لا تتمكن من الاحتفاظ بالدوري الإيطالي نظرا للأعباء المالية الكبيرة التي لا تستطيع الوفاء بها، اعتبارا من بداية الموسم المقبل، فضلا عن تغير تفكير الإدارة بخصوص التخطيط على المدى البعيد.
وكانت القناة تعثرت الموسم الماضي في سداد الجزء الثالث من قيمة حقوق بث الدوري الايطالي إلى الوكالة الرياضية العالمية "آي إم جي"، لتقوم الأخيرة بمنع "بي إن سبورتس" من بث 4 مباريات من الجولة 25، ثم منعها من بث مباريات الجولة 27 كاملة.
وخلال تلك الفترة أعلنت القناة في بيان رسمي عبر حسابها الخاص بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" اعتذارها لجمهورها عن عدم قدرتها على الوفاء بنقل ما تبقى من مباريات الدوري الإيطالي، قبل أن تنقل باقي المباريات بعد اتفاق على جدولة المبالغ المتبقية.
وحسب المصادر فإن القناة القطرية، لم تسدد سوى جزء واحد من قيمة حقوق بث مباريات الدوري الإيطالي عن الموسم الحالي 2021-2020، وهو الموسم الأخير في عقد القناة مع الشركة المالكة لحقوق توزيع مباريات المسابقة خارج إيطاليا.
وأضافت المصادر، أن القناة كانت تسارع في دفع أقساط الموسم الأخير، لتسهيل مفاوضات الحصول على الحقوق لفترة تالية، لكنها هذه المرة تبدو غير مهتمة بتقديم عرض جديد للحصول على الحقوق، خاصة بعد الأزمة المالية التي تعاني منها، بالإضافة للخسائر الكبيرة التي ضربتها، وتراجعها شعبيا في الوطن العربي.
نسبة انتهاء احتكار بي إن سبورتس لبث الدوري الإيطالي وعدم إكماله لسنوات قادمة تزايدت بعد رحيل المحلل الرئيسي أليساندرو ألتوبيلي، والمحلل التونسي حسام حاج علي.
وتؤكد المصادر أن القناة عجلت برحيل الإعلامي المغربي خالد ياسين من ديسمبر/كانون الثاني المقبل إلى منتصف سبتمبر/أيلول الحالي، مع العلم بأن التونسي المعز بولحية المقدم الرئيسي لاستوديوهات الدوري الفرنسي رحل بالفعل في شهر مايو/أيار الماضي
ضياع الدوري الألماني
مصدر داخل "بي إن سبورتس" قال لمراسل "العين الرياضية" في وقت سابق إن السبب وراء عدم الحصول على حقوق بث الدوري الألماني يكمن في فشل القناة في الارتقاء بشعبية البطولة خلال السنوات الـ6 السابقة.
القناة حصلت على حقوق البث في 2014 لـ3 سنوات مقابل 120 مليون يورو، وهي نفس القيمة التي حصلت بها على نفس الحقوق في 2017، وفي أغسطس/آب الماضي، قدمت القناة عرضا جديدا بقيمة 180 مليون يورو، ولكنها فوجئت بعدم قدرتها على تلبية متطلبات رابطة الدوري الألماني.
وقال المصدر إن السبب في ذلك قيام الرابطة بوضع متطلبات معينة لنقل المسابقة خلال السنوات الماضية، فشلت القناة القطرية في تلبيتها، من بينها عدم رفع شعبية المسابقة في الوطن العربي، بسبب تعاملها السيئ مع المنتج، والاكتفاء بإذاعته دون تخصيص برامج خاصة به، مع تكليف المعلقين والمحللين الأقل كفاءة بالتعامل مع المباريات.
الدوري الفرنسي خرج أيضا من سيطرة القناة التي كانت حصلت في وقت سابق على حقوق تسويقه في كل أنحاء العالم، ضمن صفقة الفساد لكبرى للحصول على حقوق تنظيم كأس العالم 2022، وكان في طريقه للضياع بشكل كامل، لولا تمسك الخليفي رئيس القناة بإذاعة مباريات باريس سان جيرمان النادي الذي يرأسه أيضا.
وأشارت المصادر إلى أن حقوق توزيع مباريات البطولة على مستوى العالم، لم تَعد من حق إدارة قنوات بي إن سبورتس، وإنه اعتبارا من الموسم الحالي 2021-2020، ستكتفي القناة بإذاعة مباريات البطولة دون استوديوهات تحليلية خاصة.
ويجب التذكير لنتائج التحقيق الاستقصائي الذي قام به موقع ميديا بارت الفرنسي المتخصص، في يونيو/حزيران الماضي، وكشف فيه عن اشتراط أطراف سياسية فرنسية على قطر في إطار "صفقة المونديال الفاسد" إنشاء شبكة رياضية قادرة على ضخ أموال طائلة لشراء حقوق بث مباريات الدوري الفرنسي، وذلك بهدف مساعدة الأندية المحلية على الهروب من شبح الإفلاس الذي كان يلاحقها.
وفي هذا الإطار، أنشئت في سنة 2012 شبكة قنوات "بي إن سبورتس" فرنسا، التي قامت بشراء حقوق بث الدوري الفرنسي بعد تلقيها مساعدة "خفية" من قبل فريدريك تيرييز، الذي كان في تلك الفترة يرأس الرابطة الفرنسية لكرة القدم.
ووفقا لـ"ميديا بارت"، فإن هذه الصفقة المشبوهة أسهمت في إنقاذ كرة القدم الفرنسية، بسبب المشاكل الكبيرة التي كانت تعاني منها الأندية المحلية في تلك الفترة بسبب تراجع مداخيلها، وأسهمت كذلك في إنقاذ ملف تنظيم المونديال من الذهاب لأحد منافسي قطر.
إقالات بالجملة
الأزمة المادية التي تعاني منها القناة القطرية بسبب تقليص الدعم الحكومي، تسببت في إقصاء العديد من العناصر داخل القناة خلال الفترة الماضية، سواء على مستوى المحللين أو مقدمي البرامج أو الفنيين والإداريين.
وقررت الشبكة القطرية في وقت سابق تسريح 126 موظفاً من موظفيها من بينهم أسماء بارزة، سواء من الموظفين في الإعداد أو التعليق أو التحليل.
كما قررت القناة الإطاحة بعدد من الموظفين بفرعها المهم في باريس.
وتسبب رحيل هذا الكم الهائل من المحللين ومقدمي البرامج في تقليص الاستوديوهات التحليلية للمباريات، والاكتفاء باستوديو وحيد لتقديم كل المباريات في مختلف الدوريات، وهو ما لم يكن يحدث من قبل.
الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، حيث أطاحت القناة بعدد من الفنيين القائمين على هندسة الصوت من مصر والمغرب وتونس، والاكتفاء ببعض الفنيين متوسطي المستوى من داخل قطر.
وأثرت الإقالات المتتالية على صوت المعلقين خلال المباريات، حيث ظهر بشكل سيء للغاية، وهو ما تم تبريره في البداية بعدم حضور الجماهير، إلا أن الأمر لم يتغير كثيرا مع تقديم الدوريات المختلفة لتقنية أصوات الجماهير داخل الملاعب.