حلّ قداسة البابا فرنسيس في البحرين، وهي أول زيارة له للمملكة، ليشارك في ملتقى البحرين "حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني".
هذا الملتقى، الذي شارك فيه أيضا فضيلة شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، في مشهد تابعه العالم بأسره، لما لقداسة البابا وشيخ الأزهر من مكانة عالمية، فبابا الكنيسة الكاثوليكية هو الزعيم الروحي لنحو 1.3 مليار كاثوليكي في العالم.
وتتكرر هذه الزيارات في منطقتنا بعد أن وفد قداسته إلى دولة الإمارات في عام 2019 ووقع وثيقة "الأخوة الإنسانية" في العاصمة الإماراتية أبوظبي، خلال فعاليات لقاء "الأخوة الإنسانية"، ما يرسخ مكانة منطقة الخليج العربي كمحطة للتسامح الحقيقي بين جميع الأديان، وهي مكانة اكتسبتها منذ القدم، حيث عاشت المذاهب والملل جنبا إلى جنب، بل واحتضنت المنطقة القادمين إليها بغض النظر عن معتقداتهم وأفكارهم وأعراقهم.
والمتابع لزيارات قداسة بابا الفاتيكان يجد أن لها إيجابيات جمة، فهو يلتقي أتباع الكنيسة الكاثوليكية المتعطشين لسماع مواعظه، ويشارك في المؤتمرات التي تدعو للتسامح والحوار بين الأديان، ويبيّن الحقيقة المتمثلة في أن الصراع لا يمكن أن يكون بين المتحاورين الذين يُعمِلون العقل والمنطق، ويرسم صورة للعالم حول منطقة الخليج العربي، التي تُعرف بالتعايش والتسامح والألفة، ويسهم في تبرئة ساحة ديننا الحنيف من الاتهامات التي يكيلها الإعلام المُضلل شرقًا وغربًا، والتي لا تُرد إلا بفكر التسامح.
لا تبغي دول الخليج العربي سوى العودة إلى الأصل والحقيقة الأولى في التعامل مع الآخر، حيث تبين زيارة البابا أن التسامح ديدن أهل الخليج، يؤمنون بأهميته ويسعون في ترسيخه، فالأخوة الإنسانية والحوار بين الأديان يستمران انطلاقا من دولة الإمارات مرورًا بمملكة البحرين، وصولا إلى دول أخرى قريبًا، والتعايش حقيقة لا تتعلق بمرحلة زمنية معينة، لكنه امتداد لنظرة وإيمان دول الخليج العربي بفكر التسامح، بعد أن شهد العالم حروبا بسبب الكراهية الدينية كان يمكن تجنبها بالحوار والانفتاح على الآخر بالمحبة.
لا شك أن التاريخ مليء باستقبال الشخصيات الدينية من الأديان كافة في منطقتنا، ابتداءً بعصر النبوة حتى يومنا هذا، والتاريخ مليء أيضا بقصص التسامح الرائعة، لكن هناك مَن يسعى إلى طمسها عمدًا، عبر انتقادهم الزيارة التاريخية، وذلك بفعل غلَبَة الكراهية والحقد على قلوبهم، لذا يجدونها فرصة لهجوم بغيض على فكر المحبة والوئام والسلام، الذي لا يستقيم مع نفوسهم.
لم يشهد بابا الكنيسة الكاثوليكية شعبية من قبل كما حظي بها قداسة البابا فرنسيس، الذي يُكنُّ له المسلمون تقديرًا بالغًا، بسبب دوره الذي يتجاوز محيط أتباعه ليصل إلى العالم الإسلامي، وليعمل إلى جانب أخيه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في نزع فتيل أسباب الحروب والعنف والتطرف التي تنطلق من أيديولوجيات متطرفة لا تعنى بالسلم والتعايش.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة