الأزمة الليبية أعطت صورة متفائلة للموقف العربي هذه المرة، عكس ما حدث مع سوريا التي كانت تركيا أحد اللاعبين الرئيسيين فيها
إذاً توقف القطار مؤقتاً عند محطة "الحل السياسي للصراع وحظر تصدير السلاح "في ليبيا، وفق ما نتج عن مؤتمر برلين الذي أكدت فيه خمسة من القوى الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التزامها بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة في هذه الجمهورية ذات الجغرافية الواسعة والدهاليز المؤججة والسكان الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة والأيديولوجيا والتشريد الذي طال ١٧٠ ألف شخص، مما يعقّد من عملية ضمان السيطرة الدائمة ووقف إطلاق النار.
تغيب قطر عن هذا التجمع الدولي القوي الذي شهدته دول عربية قوية كمصر والإمارات، في خطوة تجاهل واضحة اتجاه من لا مكان له بين العمالقة
هل حان الوقت لهذا البلد أن يمضي قدماً بعد حروب أهلية طويلة تشابكت عُقدها أكثر منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي،أم أن القوى المتدافعة بصراعها على المنصب قد اختارت المسايرة حتى يحين الوقت لضربات مباغتة يسقط فيها أحد المتخاصمين كما هو قانون البقاء للأقوى أم هو صراع إقليمي متستر بقناعين بين الدول الداعمة لطرفي النزاع؟!
ولعل الفجوة الواسعة بين الوجهين الغائبين عن مؤتمر برلين خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق تثير هكذا نوعا من التساؤلات بعد خلفية أحداث تجعل الصورة القريبة ضبابية لا عمياء، لوجود عدة عقبات سبقت الحل الذي جاء به المؤتمر كانخراط أنقرة العسكري في ليبيا والذي كان السبب في فشل المحادثات بموسكو، إلى جانب سيطرة المليشيات على عملية صناعة القرار السياسي في طرابلس وتهميش حكومة السراج، مدعوماً ذلك بتجهيز تركي لنحو ألفيّ مسلح سوري بهدف القتال مع الوفاق، وذلك كله من أجل انتزاع لقب قائد القوات المسلحة من يد المشير حفتر الذي يعد قائد الجيش النظامي الوحيد في البلاد، ويدعمه مجلس النواب الليبي، فالانتصار الذي حققه عند تحرير مدينة سرت من أيدي المليشات كان كفيلاً بقلب موازين المتعنتين.
ووسط بصيص الأمل الذي سبقت الحذر بعد مخرجات مؤتمر برلين تركت الصفعة التي تلقاها أردوغان أثراً واضحاً مع تأكيد قادة الدول المعنية التزامهم باحترام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا والكف عن جلب المرتزقة السوريين، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية لتجري الرياح الأوروبية بما لا تشتهيه السفن العثمانية التي ترسم أحلاماً لنهب ثروات قاع البحار ومغازلة خيرات أفريقيا.
ولا شك أن الأزمة الليبية أعطت صورة متفائلة للموقف العربي هذه المرة عكس ما حدث مع سوريا، التي كانت تركيا أحد اللاعبين الرئيسيين فيها مع تهميشها للدور العربي، فهي كانت تحلم بفرض وصايتها على ليبيا بتدخلها العسكري إلا أن التاريخ لا يكرر نفسه دوماً .
وبين كل ذلك تغيب قطر عن هذا التجمع الدولي القوي الذي شهدته دول عربية قوية كمصر والإمارات، في خطوة تجاهل واضحة اتجاه من لا مكان له بين العمالقة.. نعم، فقد تكاثرت الظباء على خراش.. فلا يدري خراش ما يصيد!!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة