لطالما كانت العلاقات بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي هشة رغم تناغمها الاضطراري لكن صدعا مفاجئا ينذر بإنهاء «شهر العسل».
فبعد عدة أسابيع من التناغم غير المسبوق بين جو بايدن وبنيامين نتنياهو، تحدث الرئيس الأمريكي عن خلافات.
ولم تكن العلاقات بين سيد البيت الأبيض ونتنياهو جيدة قط، ولكن الحرب على غزة أبرزت تناغما غير مسبوق تمثل في الاتصالات الهاتفية بينهما منذ بداية الحرب.
وفور اندلاع الحرب، وصل بايدن إلى إسرائيل وأعطى دعمه اللامحدود لتل أبيب وهو ما تمثل أيضا بمنع تبني مجلس الأمن الدولي لقرارات بوقف إطلاق النار والحفاظ على الخط الجوي المفتوح للأسلحة إلى إسرائيل.
صدع
ولكن بمرور شهرين على الحرب، فإن علامات تصدع بين نتنياهو وبايدن بدأت تظهر إلى العلن.
فخلال إضاءة شمعة الحانوكا في البيت الأبيض، مساء الإثنين، قال بايدن: "لدي خلافات مع بعض القادة الإسرائيليين".
وأضاف: "أنا أعرف بيبي (نتنياهو) منذ 51 عاما، وهناك صورة على مكتبه عندما كان شابا في الخدمة الخارجية وكنت سيناتور بعمر 35 عاما، وكتبت عليها: بيبي، أنا أحبك ولكني لا أتفق مع أي شيء لعين تعيّن عليك قوله".
وأضاف مفجرا مفاجأة: "الأمر نفسه تقريبا اليوم".
ولم يوضح الرئيس الأمريكي الخلافات التي برزت حديثا بينه وبين نتنياهو، ولكن تصريحه هذا جاء قبل وصول مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى إسرائيل، الخميس، والذي سيعقبه وصول وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل الإثنين المقبل.
وتقول تقارير إسرائيلية وأمريكية إن واشنطن تريد من إسرائيل إنهاء القصف المكثف في غزة حتى نهاية الشهر الجاري، فيما تتحدث إسرائيل عن نهاية شهر يناير/كانون الثاني المقبل.
كما تشير التقارير إلى عدم رضا الولايات المتحدة الأمريكية عن استمرار القتل المرتفع للمدنيين الفلسطينيين في غزة وتقييد دخول المساعدات الإنسانية.
خلافات
فضلا عن ذلك، يواصل نتنياهو الحديث عن سيطرة أمنية إسرائيلية على قطاع غزة ما بعد الحرب وإقامة منطقة عازلة على حدود غزة وهو ما ترفضه واشنطن.
كما أن ثمة الخلافات حول النهج الذي قرره نتنياهو إزاء السلطة الفلسطينية برفضه عودتها إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب والخضوع لرفاقه بالحكومة برفض تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية ورفض إدخال عمال فلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وتقول واشنطن إن السياسات الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية من شأنها أن تفجر الأوضاع في الضفة الغربية رغم جهود السلطة الفلسطينية للحفاظ على الهدوء فيها.
وعلاوة على ذلك، ثمة خلافات بين بايدن ونتنياهو بشأن حل الدولتين ما بعد الحرب، حيث باتت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم صراحة قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما يرفضه نتنياهو.
ماذا قال نتنياهو عن السلطة الفلسطينية؟
جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي بعد وقت قصير من إيجاز قدمه نتنياهو أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية مساء الإثنين.
وفي إحاطته، أعلن نتنياهو تمسكه بجميع المواقف التي تعارضها واشنطن، ملوح بالحرب على السلطة الفلسطينية، بحسب ما تابعته «العين الإخبارية».
ونقلت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي عن نتنياهو قوله لأعضاء اللجنة إن حكومته تستعد لاحتمال المواجهة مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.
وكان نتنياهو يرد على أسئلة أعضاء اللجنة حول سيناريو قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتوجيه أسلحتها تجاه إسرائيل في سياق تعاون بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية.
وقال نتنياهو إن “سيناريو كهذا معروف لنا وهو مطروح على الطاولة، ونحن نناقشه، ونريد الوصول لنقطة أنه حال حصل سيناريو كهذا، فإنه خلال دقائق ستكون المروحيات في الجو وستقدم الرد على حدث مماثل".
وهاجم نتنياهو السلطة الفلسطينية باعتبارها "عدوا"، وقال: "حماس تريد إبادتنا حالا أما السلطة الفلسطينية تخطط لتنفيذ ذلك على مراحل".
وأضاف: "الطرفان الفلسطينيان يريدان القضاء على دولة إسرائيل، طرف يقول ذلك بشكل صريح وعلني، والطرف الآخر يقوم بذلك عن طريق التعليم ومحكمة الجنايات الدولية"، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.
وهاجم اتفاق أوسلو الذي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل ضمن حل الدولتين التي تقول واشنطن إنه الطريق الوحيد لحل الصراع.
وقال نتنياهو: "اتفاق أوسلو كارثة قادت لذات العدد من الخسائر في السابع من أكتوبر (تشرين الأول الماضي) خلال فترة زمنية أطول، اتفاق أوسلو هو الغلطة الأساسية، جاء إلى هنا بأكثر الجهات المعادية للصهيونية والمعادية لليهود" في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.
كما جاهر نتنياهو بطلب واشنطن إنهاء إسرائيل سيطرتها على غزة بعد الحرب وعدم إقامة منطقة عازلة على حدوده، بل أعلن إقامة إدارة مدنية في غزة ما يعني إعادة احتلال القطاع.
وقال نتنياهو: "بعد الحرب سيبقى قطاع غزة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وستكون في غزة إدارة مدنية، وإعادة إعمار غزة سيكون عن طريق دول الخليج، ولن نخضع للضغوطات الدولية".
وأضاف نتنياهو: "الخطة الإسرائيلية لليوم الذي سيلي الحرب، تشمل إقامة منطقة عازلة بين غلاف غزة والقطاع، وسيطرة إسرائيلية على محور فيلادلفيا بين القطاع ومصر".
وكانت مصادر إسرائيلية قالت إن نتنياهو يريد بمواقفه المتشددة أن يرضي حزبه "الليكود" لعدم عزله من رئاسة الحزب بعد انتهاء الحرب.