خط بايدن «الأحمر».. ماذا تخبرنا كوريا وسوريا عن مصير رفح؟
خط أحمر رسمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، لحرب إسرائيل في غزة، يتعلق بالأساس بتوسيع العملية لتطول رفح، لكنه يذكر بـ"ماضٍ سيئ" بأمريكا.
في نهاية الأسبوع الماضي، عندما أعلن الرئيس بايدن رسم "خط أحمر" للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، بدا أنه يحاول رفع التكلفة المحتملة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حيث تصل علاقتهما إلى مستويات متدنية جديدة، وفق نيويورك تايمز الأمريكية.
ولكنه لم يقل مطلقًا ماذا سيحدث بالضبط إذا تجاهله نتنياهو واستمر في العملية العسكرية الإسرائيلية بغزو مدينة رفح الجنوبية، وهي خطوة قال عنها بايدن - مرارًا وتكرارًا - إنها ستكون خطأً فادحًا.
حالات سابقة
نيويورك تايمز حاولت تفسير ذلك بأن الرئيس لم يرد كشف كل أوراقه، أو ربما، بالنظر إلى خبرته الطويلة في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، تذكر أن رسم "خطوط حمراء" أسفر عن نتائج سيئة بالنسبة إلى باراك أوباما عندما يتعلق الأمر بسوريا، وجورج بوش الابن عندما تعلق الأمر بكوريا الشمالية وإيران.
وفي الحالات السابقة، صُدم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من تراجع أوباما عن خطه الأحمر في سوريا. وهاجم بوش لاحقًا دولة ليس لديها أسلحة نووية - العراق - بينما أجرت كوريا الشمالية أول تجربة نووية لها خلال فترة رئاسته.
وفي حالة بايدن، تجاهل رد نتنياهو قائلاً: "كما تعلم، لدي خط أحمر. هل تعرف ما هو الخط الأحمر؟ ألا يتكرر ما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) مرة أخرى".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، يشير، بالطبع، إلى هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل، وأخذ عدداً أكبر كرهائن وأدى إلى حرب تطوي الآن شهرها السادس.
وفي تقرير نيويورك تايمز، قال الكاتب ديفيد ساغنر، إن "مثل هذا الحديث عن الخطوط الحمراء ليس جديدا: فالزعماء من جميع المشارب، من قادة الديمقراطيات إلى المستبدين، غالبا ما يستشهدون بهذه العبارة لوصف التحركات التي لا ينبغي لدولة أخرى حتى أن تفكر فيها، لأن العواقب ستكون أكثر إيلاما مما يتصورون".
وتابع "الأمر الغريب في هذه الحالة، هو أن الحدود يتم رسمها من قبل حليفين يحتفلان بانتظام بمدى قربهما، ولكن حوارهما بدأ يتحول إلى الفتور إلى حد ما".
خط بايدن الأحمر كان واضحا: "إذا مضى الإسرائيليون قدماً في خططهم وقاموا بعملية عسكرية أخرى أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين في رفح، فإنه سيضع للمرة الأولى قيوداً على كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية الصنع".
وحتى الآن، رفض بايدن أي خطوة من هذا القبيل، على الرغم من أن واشنطن تضع شروطًا على كل مبيعات أسلحة تقريبًا، بما في ذلك مطالبة أوكرانيا بعدم إطلاق صواريخ أو مدفعية أو طائرات بدون طيار أمريكية على روسيا.
لكن يبدو أن بايدن يعيد النظر ببطء في نفوره من فرض قيود على كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة التي تشتريها من الولايات المتحدة، كما يقول بعض المسؤولين الأمريكيين لـ"نيويورك تايمز".
ولم يتخذ أي قرار حاسم في هذا الصدد بعد، ويبدو أنه لا يزال يناقش الأمر في ذهنه، وفقًا للمسؤولين الذين تحدثوا معه.
ولن يناقش البيت الأبيض هذا الموضوع علناً. وفي مؤتمر صحفي على متن طائرة الرئاسة أمس الإثنين، وبينما كان بايدن متوجهاً إلى نيو هامبشاير لحضور حدث انتخابي، رفض متحدث باسم البيت الأبيض تحديد الثمن الذي ستدفعه إسرائيل إذا تجاوزت الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس.
واستبعد بايدن نفسه قطع أي أسلحة دفاعية، مثل القبة الحديدية؛ مشروع الدفاع الصاروخي الأمريكي الإسرائيلي الذي اعترض الصواريخ قصيرة المدى التي أطلقتها حماس على إسرائيل.
وقال في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، “إنه خط أحمر، لكنني لن أتخلى عن إسرائيل أبدًا”، مضيفا “الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمرا بالغ الأهمية".
وأضاف: “لكن هناك خطوطاً حمراء إذا تجاوزها”، لكنه لم يكمل الجزء الثاني من الجملة وما تحويه من تهديد أو تحديد للتبعات. وقال عوضا عن ذلك "لا يمكن أن يكون هناك 30 ألف قتيل فلسطيني آخر”.
ووفق نيويورك تايمز، فإن بايدن، عبر استخدام لغة الخط الأحمر، يخوض أيضًا في منطقة خطرة بالنسبة للرؤساء الأمريكيين السابقين. ومرارا وتكرارا في العقود القليلة الماضية، وصف أسلاف بايدن حدودا لا يستطيع خصوم أمريكا أو حلفائها تجاوزها دون التعرض لأشد العواقب، لكنهم ندموا كثيرا على ذلك.
لنأخذ على سبيل المثال إعلان أوباما في أغسطس/آب 2012 عندما أشارت تقارير استخباراتية إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد ربما يستعد لاستخدام الأسلحة الكيميائية، أنه إذا قام الأسد بنقل أو استخدام كميات كبيرة من الأسلحة الكيميائية، سيتجاوز "الخط الأحمر" و"يغير حساباتي".
لكن أوباما تراجع عن خطه الأحمر فيما بعد، ولم ينفذ أي ضربات ضد سوريا، خوفا من جر الولايات المتحدة إلى صراع جديد بمنطقة الشرق الأوسط، وفق نيويورك تايمز.
وقبل ذلك بـ٩ سنوات، وجد بوش الابن نفسه في موقف مماثل عام 2003 عندما أعلن أنه لن "يتسامح" مع امتلاك كوريا الشمالية أسلحة نووية.
وفي صيف نفس العام، استخدم نفس الكلمة ليقول إنه لن يقبل حصول إيران على القدرة على صنع سلاح نووي.
وخلال فترة رئاسته، قام الكوريون الشماليون باختبار سلاح نووي، وأحرز الإيرانيون تقدما نحو تلك القدرة، ولم يفعل بوش شيئا قويا حيال ذلك، بخلاف العقوبات التي لم تردع كوريا الشمالية على سبيل المثال من تنفيذ تجارب نووية أخرى لاحقا.
aXA6IDMuMTcuMTgxLjEyMiA= جزيرة ام اند امز