وثائق بن لادن: قطر بوابة القاعدة لإشعال فوضى الربيع العربي
المخابرات الأمريكية تكشف عن وثائق مهمة لـ"بن لادن" حول استعمال قطر كبوابة لنشر الفوضى في المنطقة، وطريقة عمل تنظيم القاعدة.
كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عن عدد من الوثائق الخاصة بزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن، والتي تم التحصل عليها خلال الغارة التي قامت بها القوات الخاصة الأمريكية ليلة 2 مايو 2011 على مخبئه في باكستان.
وأظهرت الوثائق التي كانت محفوظة على جهاز الكمبيوتر الخاص بـ"بن لادن" عددا من المفاجآت حول زعيم تنظيم القاعدة في سنواته الأخيرة.
- المخابرات الأمريكية تنشر 470 ألف ملف جديد من جهاز كمبيوتر بن لادن
- وثائق من مخبأ ابن لادن تفضح علاقة إيران بالقاعدة
شملت الوثائق عددا كبيرا من الرسائل الموجهة لأشخاص في التنظيم، ورسائل عامة لأتباع القاعدة في البقاع المختلفة التي يوجد أتباعه بها، بالإضافة إلى سيناريوهات ومقترحات لأفلام فيديو خاصة ببروباجاندا القاعدة.
ومن أبرز المفاجآت التي كشفتها الوثائق كانت توجه بن لادن لاستغلال ما أطلق عليه "ثورات الربيع العربي" التي قامت في عدة مناطق بالشرق الأوسط لإشعال حالة من عدم الاستقرار، وفتح مجال لتنظيمه الإرهابي للتغلغل في البلاد التي شهدت تلك "الثورات"، بالإضافة لاستعمال الجزيرة مرجعا إعلاميا لتنظيم القاعدة الإرهابي لمتابعة أخبار فروع التنظيم.
"الحدث العظيم"
أشارت إحدى الوثائق التي تم الكشف عنها من قبل الاستخبارات الأمريكية عن دعم بن لادن لما كان يحدث من تحركات في عدة دول عربية بينها مصر وتونس وليبيا وسوريا، والتي وصفها "بالحدث العظيم"، وقال عنها إنها حركة لم تشهدها المنطقة منذ قرون.
ووجه بن لادن أمرا واضحا بعدم دخول عملاء القاعدة في اقتتال مع التيارات المتشددة التي ظهرت في الساحة بعد تلك الثورات لضمان وصولها إلى السلطة.
وظهر من الوثائق أن وعي الشعوب العربية، ورغبتها في حل الأوضاع السلبية التي حلت بها سلميا ومنع الاقتتال الداخلي كما حدث في كل من مصر وتونس، أغضب بن لادن.
ورأى زعيم القاعدة أنها كانت "فرصة لا تعوض" فيما يخص وضع قدم التنظيم الإرهابي بأحد أهم المواقع الاستراتيجية والحيوية للأمن القومي العربي في المنطقة.
في ليبيا تحديدا أمر بن لادن أحد أتباعه، ويدعى عطية الله الليبي (اسمه الحقيقي هو إبراهيم شتيوي المصراتي) الذي عمل قائد عمليات ومنسق القاعدة في ليبيا، أن يستغل انفلات الأوضاع الأمنية في ليبيا لرفع علم التنظيم الإرهابي، والمساهمة في تأسيس ما يدعى "بمجلس شورى الأمة" بسبب تأخر من وصفهم "بالعلماء الصادقين والحكماء" في تأسيسه، وأمر بن لادن تابعه بسرعة العمل عليه.
القاعدة وقطر
وفيما يخص قطر، اعتمد بن لادن على الجزيرة بشكل أساسي في متابعة الأخبار الخاصة بأفرع التنظيم الأخرى في البؤر المختلفة حول العالم، وكان ينتهج منهج القناة القطرية الإعلامي في الهجوم الشرس على دول الخليج خاصة، والدول العربية بشكل عام.
وكشفت بعض الوثائق عن قيام بن لادن شخصيا بالعمل على فيديوهات خاصة لنشر الفوضى باستخدام تأويلات وأحاديث محرفة.
وكان بن لادن شخصيا يستعمل التكفير والمنطق المتشدد في تفسير نظم عيش المجتمعات العربية، والتي دائما ما كان يحاول أن يظهرها بشكل مقاطع فيديو على طريقة قناة الجزيرة.
النظام المالي لتنظيم القاعدة
كشفت الوثائق أحد أهم التفاصيل في العمليات اليومية للتنظيم، حيث كان بن لادن يتلقى تقارير حول الأوضاع المالية للتنظيم بمختلف أفرعه، وكان أساس الإنفاق على الأسلحة، تليها المركبات، ثم الوقود والطعام، بالإضافة إلى مصروفات السفر الخاصة بأعضاء التنظيم بين الأفرع وإلى مناطق كان يستهدفها التنظيم.
وكشفت المعاملات المالية التي كان يحتفظ بها بن لادن على جهازه عن استعماله للروبية الباكستانية كعملة للتعامل، بالإضافة إلى منح قروض و"كفالات" لأسر أعضاء التنظيم، وإنفاق كبير على إطارات السيارات بشكل كبير.
مبيعات الأسلحة تصدرت جزءا كبيرا من النفقات، حيث كان يتم شراء مدافع الصواريخ المحمولة على الكتف "أر بي جي" للعديد من أعضاء التنظيم بشكل كثيف.
اتفاقات مع إيران
إحدى الوثائق تضمنت 19 صفحة تم التحصل عليها في 2 مايو/أيار 2011 من مقر بن لادن في باكستان، بعد الهجوم الذي قامت به القوات الأمريكية على مجمعه السكني وأدت إلى مقتله، والتي كُتبت بعنوان "مسودة الكلمة عن إيران وأمريكا".
وكشفت الوثيقة، التي كتبها أحد القادة الكبار في التنظيم الإرهابي، عن اتفاق بين إيران وعدد من أعضاء القاعدة لاستهداف وضرب "المصالح الأمريكية في المملكة العربية السعودية والخليج العربي"، مقابل أن تمدهم إيران بالمال والسلاح و"فرص تدريب مليشيات حزب الله في معسكراتها بلبنان".
اختراق القاعدة لإفريقيا
وثائق بن لادن كشفت عن العديد من المراسلات التي تمت بين بن لادن شخصيا وعدد من عملاء القاعدة في دول مثل نيجيريا والصومال، والتي تحث على محاربة الحكومات عن طريق نشر الذعر بين العامة، بالإضافة إلى جذب المجتمعات الفقيرة في إفريقيا لصالح التنظيم عن طريق مساومتها على الدواء والغذاء مقابل دعم التنظيم.
وكان بن لادن، حسب الوثائق، يشرف شخصيا على العديد من علميات التسليح الخاصة بأعضاء القاعدة في إفريقيا والتنظيمات الموالية له.
فكشفت إحدى الوثائق عن سؤال بن لادن لأعوانه ما إذا تم منح تنظيم "بوكو حرام" الإرهابي الأسلحة اللازمة للقيام بهجمات ضد الحكومة النيجيرية.
مراسلات خاصة
لم تخل الوثائق المكشوفة عن العديد من المراسلات الخاصة، والتي كان بن لادن يرسلها لأعوانه للاطمئنان عليهم أو إبلاغ ذويهم بمقتلهم في المعارك والهجمات الإرهابية التي خاضها التنظيم في البؤر المختلفة.
وكشفت الوثائق أيضا رسائل شخصية لبن لادن إلى والدته وأخرى لأبنائه، حيث كتب لأمه عن مرض زوجته التي تدعى خديجة بالملاريا، وكان يكتب لأبنائه عن صعوبة لقائهم بسبب "الظروف الأمنية السيئة" على حسب وصفه.
وكان بن لادن يعطي تعليمات معقدة لزوجته وأبنائه عن كيفية لقائه معهم، وكذلك ترتيب مكان آمن لهم بعد أن استهدفتهم الحرب على الإرهاب بشكل شخصي، مما دفعه إلى جلبهم من أفغانستان إلى باكستان في محاولة لإخفائهم عن أعين القوات الدولية لمكافحة الإرهاب.
جدير بالذكر أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نشرت نحو 470 ألف ملف وجُدت في جهاز الكمبيوتر الخاص بزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن الذي تمت مصادرته خلال مداهمة مخبئه في 2011.
وقال مايك بومبيو، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إن "نشر رسائل القاعدة وفيديوهاتها وملفاتها الصوتية ومواد أخرى اليوم، يعطي فرصة للشعب الأمريكي كي يفهم بشكل أكبر خطط وأعمال هذه المنظمة الإرهابية".
وأضاف بومبيدو أنه من بين ما نُشر اليوم، الجريدة الشخصية لبن لادن و18 ألف ملف وثائقي ونحو 79 ألف ملف صوتي ومصور وأكثر من 10 آلاف ملف يتضمن أفلاما مصورة.
وأوضح أن هذه المواد، مثل المواد التي نُشرت في الماضي، تعطي رؤية لأصل الخلافات بين القاعدة وتنظيم داعش الإرهابي والخلافات داخل القاعدة وحلفائها، والمشكلات التي واجهت القاعدة وقت موت بن لادن.