بـ5 فضائح.. "يونيو الأسود" يهدد استضافة قطر لمونديال 2022
الفضائح التي تم الكشف عنها في شهر يونيو الجاري تهدد استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022.. تعرف على التفاصيل.
مثل شهر يونيو/حزيران الجاري شهرا أسودا للنظام القطري، بات مهددا له بالفشل في استضافة بطولة كأس العالم 2022، التي تنطلق بعد عامين من الآن.
ومنذ بداية الشهر الحالي، خرجت العديد من التقارير الصحفية التي تكشف عن تفاصيل جديدة في عمليات الفساد التي طالت حصول قطر على حق استضافة البطولة، وسط مطالبات عديدة بنقلها خارجها لتصحيح تلك الأخطاء.
صفقة سان جيرمان
البداية كانت من الوثائق التي نشرها موقع "ميديا بارت" الفرنسي بوجود مصالح خاصة يشوبها الفساد بين قطر والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، لعبت دورا كبيرا في فوزها بشرف تنظيم النسخة المقبلة من المونديال.
وكان اسم ساركوزي ارتبط بملف منح قطر تنظيم مونديال 2022 بحكم علاقاته مع ميشيل بلاتيني، الذي كان في تلك الفترة يشغل منصبي رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ونائب رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا).
تحقيق "ميديا بارت" تحدث عن ضغوط قوية تعرض لها الرئيس الفرنسي الأسبق دفعته إلى الانحياز لملف قطر، في خطوة ضربت مصداقية الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وكشف الموقع الفرنسي أن سيباستيان بازان، أحد المقربين من السياسي الفرنسي، قام بإدارة عملية بيع نادي باريس سان جيرمان لقطر، بعد 6 أشهر فقط من منحها شرف تنظيم المونديال، في خطوة أكدت الشكوك حول تواجد صفقة سرية بين الطرفين، وفقا للوثائق.
"بي إن سبورتس"
الموقع نفسه نشر تحقيقا استقصائيا، أكد فيه أن من عمليات التعاون بين قطر والمسؤولين الفرنسيين شملت أيضا إنشاء شبكة قنوات "بي إن سبورتس" في فرنسا عام 2012.
الإنشاء جاء بعد عامين فقط من موافقة المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على منح قطر حق تنظيم كأس العالم 2022.
التحقيق الاستقصائي لموقع "ميديا بارت" كشف أن أطرافا سياسية فرنسية اشترطت على قطر في إطار "صفقة المونديال الفاسد" إنشاء شبكة رياضية قادرة على ضخ أموال طائلة لشراء حقوق بث مباريات الدوري الفرنسي، وذلك بهدف مساعدة الأندية المحلية على الهروب من شبح الإفلاس الذي كان يلاحقها.
وفي هذا الإطار، أنشئت في سنة 2012 شبكة قنوات "بي إن سبورتس" فرنسا، التي قامت بشراء حقوق بث الدوري الفرنسي بعد تلقيها مساعدة "خفية" من قبل فريدريك تيرييز، الذي كان في تلك الفترة يرأس الرابطة الفرنسية لكرة القدم.
ووفقا لـ"ميديا بارت"، فإن هذه الصفقة المشبوهة أسهمت في إنقاذ كرة القدم الفرنسية، بسبب المشاكل الكبيرة التي كانت تعاني منها الأندية المحلية في تلك الفترة بسبب تراجع مداخيلها، وأسهمت كذلك في إنقاذ ملف تنظيم المونديال من الذهاب لأحد منافسي قطر.
شركة لاجاردير
العلاقة المشبوهة وصلت إلى شركة لاجاردير التي كان يشغل الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي فيها منصب المستشار القانوني قبل دخوله عالم السياسة وبعد خروجه منها.
التدخلات السياسية الفرنسية في ملف تنظيم قطر لمونديال 2022 كان ثمنها الاستثمار في شركة لاجاردير، حيث قام النظام القطري بشراء أسهم فيها بهدف مساعدة مالكها على الاحتفاظ بسلطة القرار هناك.
يذكر أن المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" قد أقر رسميا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بفسخ التعاقد الذي كان يربطه بمجموعة لاجاردير، بخصوص تسويق حقوق بث بطولاته.
واستند الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في قرار إنهاء تعاونه التسويقي مع الشركة الفرنسية، على أحكام القضاء المصري باعتبار أن مصر هي بلد المقر الرئيسي للكاف.
يذكر أن محكمة القاهرة الاقتصادية قضت في وقت سابق، بتغريم الكاميروني عيسى حياتو رئيس الكاف سابقا، وهشام العمراني سكرتير عام الاتحاد السابق، بسبب مخالفة قوانين المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر عبر التعاقد مع شركة لاجاردير لتسويق حقوق بطولاته.
وكان العقد السابق بين الكاف ومجموعة لاجاردير الفرنسية، يمتد حتى عام 2028 بقيمة مليار دولار أمريكى، قبل فسخ التعاقد من جانب الاتحاد الأفريقي.
رسائل الخليفي
الموقع نفسه كشف عن فضيحة رشوى جديدة في هذا الملف، كان طرفها الفرنسي جيروم فالكه، الأمين العام الأسبق للفيفا.
وأوضح الموقع أن الفضيحة الجديدة ظهرت من خلال رسائل نصية عبر هاتف فالكه، كشفت عن تلقيه رشوة من القطري ناصر الخليفي، مالك نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، تمثلت في ساعة ثمينة ثمنها 40 ألف يورو.
كشف التقرير أن فالكه أرسل عبر الهاتف النقال رسالة للخليفي يوم 24 فبراير/ شباط 2015، جاء فيها: "أشكرك يا ناصر، لو احتجت أي شيء فيمكنك الاعتماد علي كما تعلم، أنت الأفضل".
وأوضح الموقع أنه أثناء التحقيق بشأن ما جاء في محتوى تلك الرسائل، شدد فالكه والخليفي على أنها لم تكن أكثر من رسائل بين أصدقاء لا تحمل أي معان أخرى مرتبطة بالفساد.
لكن هناك رسالة ثانية كانت أكثر فضحاً، إذ كشفت عن تقديم الخليفي رشوة لفالكه، عبارة عن ساعة تبلغ قيمتها 40 ألف يورو في حجرته، قام الأمين العام الأسبق للفيفا بمنحها لزوجته.
وكتب المسؤول الفرنسي، الذي أقيل من منصبه عام 2016، أولاً لزوجته: "هدية من ناصر"، في إشارة للساعة، ثم قام بتوجيه الشكر لصاحب الهدية، رئيس باريس سان جيرمان، بالقول: "شكراً يا ناصر على هديتك، هدية جميلة".
آلاف القتلى
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث شنت صحيفتا "ديلي ميل" و"الجارديان" البريطانيتان حملة قوية على استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022، باعتبار أنها بنت تلك الاستادات التابعة لها على جثث الآلاف من العاملين والمهاجرين.
الكاتب الصحفي الشهير مارتن صامويل نشر مقالا في صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، اتهم فيه قطر بممارسة "عبودية حديثة" بحق العمال في منشآت كأس العالم.
صامويل استغرب صمت الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على كم الانتهاكات ضد العمال الذي يحدث في قطر، وقال أنه من الغريب استمرار احتفاظ "الدوحة" بحق تنظيم كأس العالم، رغم أن كبرى المنظمات الحقوقية أدانت قطر في ملف حقوق الإنسان، وبشكل خاص ما يتعلق بأوضاع العمالة الوافدة من نيبال والهند والفلبين للعمل في ملاعب ومنشآت كأس العالم.
وكشف صامويل عن معلومات تخص بناء ملعب "البيت" الذي ستقام عليه بعض مباريات كأس العالم، حيث قال: "هناك شركة مقاولات تدعى (قطر ميتا كوتس) تعمل في بناء استاد البيت الذي يتسع لـ60 ألف شخص، ويبعد 28 ميلا من الدوحة، وقد علمت أن هذا المشروع حدثت به مشاكل كبيرة تتعلق بحقوق العمال سواء المالية أو ظروفهم المعيشية".
وأشار الكاتب البريطاني الشهير إلى إحصائية للاتحاد الدولي للنقابات بالعام 2015، جاء فيها أنه توفي 1200 عامل في مشاريع تتعلق بكأس العالم 2022، كما كشف أيضا عما حددته حكومة نيبال عام 2019 من حيث عدد الوفيات لعمال البلاد المشاركين في مشروعات البنية التحتية للدوحة، والذي بلغ 1426 شخصا، وذلك منذ بدء مشاركتهم في تلك المشاريع بالعام 2010.
الأمر نفسه أيده بارني روناي كبير محرري الرياضة في صحيفة "الجارديان" البريطانية، الذي نشر مقالا تساءل فيه عن سبب إصرار الاتحاد الدولي لكرة القدم على منح حق تنظيم كأس العالم 2022 إلى قطر، رغم جميع المخالفات التي ثبتت ضدها خلال الفترة الماضية.
وكتب روناي متسائلا: "في الوقت الذي تناشدنا فيه كل قوة تنفيذية في كرة القدم بالاعتبار بعدم المساواة في المجتمع، فكيف يبدو كأس العالم 2022 بقطر في هذه الأيام؟".
وأتم: "الأرقام الرسمية تشير إلى خلاف ذلك، أولئك الذين يراقبون الوضع يشيرون إلى وقوع آلاف القتلى على طول الطريق، هل يجب أن نجلس في هذه الساحات لمشاهدة كرة القدم؟".