الشعراء يرفعون راية الصمود لمواجهة "زمن السرد"
الشاعر والروائي المصري محمد أبوزيد يرى أننا نعيش أزمة قراء، لكن هناك شعر وهناك شعراء، رافضا ما يعتبره البعض حربا بين الشعر والرواية
كان الشعر العربي وما زال ميداناً رحباً من ميادين الإبداع فهو ديوان العرب، وله دوره الفاعل في الحياة الثقافية المعاصرة.
ورغم انحسار حضور الشعر، فإن الشعراء يؤكدون لـ"العين الإخبارية" صمودهم في مواجهة المقولات التي تؤكد أننا في زمن السرد.
ويقول الشاعر المصري أحمد سويلم إن "الشعر لم يتراجع، ولكن جمهوره لم يعد موجوداً بنفس الكثافة، لأن الاهتمام الإعلامي ليس بالشكل المطلوب".
وأشار "سويلم" الحائز على جائزة الدولة التقديرية في مصر، إلى أن ما يحدث حالياً يتعلق بانحسار اهتمام الناس بالثقافة إجمالاً، وليس الشعر فقط، فعندما تعقد ندوة عن أي فن من الفنون لا نرى حضوراً جماهيرياً، ربما بسبب تراجع نسب القراءة لدى الشباب.
ويرى الشاعر والروائي المصري محمد أبوزيد أننا نعيش أزمة قراء، لكن هناك شعر وهناك شعراء، وقال: "المجتمع لم يعد يهتم بتعليم اللغة العربية من الأصل، والمناهج الدراسية تحقّر من شأن أي نوع شعري بخلاف القصيدة العمودية، ويبحث الناشرون عن المكسب السريع عبر نشر كتب رديئة".
ولا يرى "أبوزيد" أن هناك حرباً بين الشعر والرواية، أو مباراة سيكسبها أحدهما في النهاية، هما نوعان من الفن قد يلتقيان أحياناً في نص مشترك وقد يفترقان.
وأكد: "لكل نوع قراؤه ومحبوه، وهناك مستفيدون من مقولة (زمن الرواية) سعوا للترويج لها، بداية من الناشرين إلى المؤسسات المانحة للجوائز، في حين يغيب الشعر عن كل هذا، وعموماً الشعر في غنى عن كل هذا، الشعر فخور بكونه غريباً".
وقال الشاعر والروائي العراقي، حسن النواب، إن كل الأجناس الأدبية مصيرها الاندثار إلا الشعر، فهو الصوت الذي سيبقى يتردد ما بقيت هذه الحياة.
وأشار إلى أن سبب جفاء القارئ وتجاهله لما يكتب من شعر، يعود إلى وتيرة الحياة الشائكة في الوقت الحاضر، ولا يزدهر الشعر إلا إذا ازدهرت القلوب بالحب، وقلوب الناس منشغلة بغير ذلك الآن.
وأبدى الروائي والشاعر اللبناني شربل داغر، عدم قلقه لتراجع الشعر عن حضوره في المشهد، مؤكداً أن ما يقلقه أكثر هو تراجع الكتاب، وتراجع القراءة.
وأضاف: "ما يقلقني هو قلة الدراسات التي تُعنى بدرس الشعر، إذ إن العناية الفضلى بالشعر تبقى في ظني العناية بدرسه".
ويتجه الشاعر المصري أحمد فضل شبلول إلى الرأي الذي يقول إننا "نعيش زمن الرواية"، مشيراً إلى أن الشعر يتوارى الآن لصالح الرواية.
وأوضح "شبلول" أن الكثير من دور النشر تمتنع عن نشر الشعر وتحتفي بنشر الرواية، والقراء يريدون أن يعرفوا عن طريق الحكاية والسرد والحوار، وليس عن طريق الشعر الذي تحول معظمه إلى جمالية مغلقة على نفسها.
وتابع: "لقد أسهم شاعر مثل أدونيس وحوارييه في الرواج للرواية دون أن يقصدوا ذلك، عن طريق تعاليهم على الواقع ودخولهم في معترك فكري قد لا يهم القارئ العادي الذي انصرف إلى الروايات لأنه وجد فيها نفسه".
أما الشاعرة الأردنية مها العتوم فقالت: "هناك دائما شعراء كثر وشعر قليل، لأن مهمة الشاعر أصعب من مهمة الناثر إذا جاز التعبير، على الصعيدين اللغوي والفني، وثمة فجوة بين الشعر والمتلقي العربي غير موجودة في النثر".
وتساءل الشاعر البحريني حسين السماهيجي: "متى فقد الشعر عرشه حتى نكون بحاجة إلى نقاش مثل هذه المقولة؟"، مؤكدا: "أرى أن ذلك مجرد افتعال لا معنى له. الرواية فن له حضوره، وكذلك الشعر".
وأضاف "السماهيجي": "هناك قبح يسود العالم، والحياة التي نتعاطاها صرنا نقبلها باعتبارها سبيلاً من سبل الشعر وسبيلاً إليه".