الناقد أحمد أبوالعلا: عرض مكتبة صافي ناز كاظم للبيع يكشف عن مأساة
أصداء واسعة تركتها الأديبة المصرية صافي ناز كاظم بعرض مكتبتها الخاصة للبيع مقابل مليون جنيه، قبل أن تتراجع نزولًا عند رغبة ابنتها.
وأثار قرار الكاتبة المصرية البالغة من العمر 86 عامًا ردود فعل واسعة في الوسط الثقافي المصري، وسط دعوات للجهات المسؤولة ووزارة الثقافة بحفظ هذا الإرث النفيس.
ويرى الكاتب والناقد المصري أحمد عبدالرازق أبوالعلا، عضو لجنة القراءة بالمسرح القومي التابع لوزارة الثقافة، أن قرار "كاظم" جريء وشجاع، ويكشف عن مأساة ذات وجهين. وإلى نص الحوار:
ما رأيك في قرار الكاتبة صافي ناز كاظم؟
هذا أمر يخصها، لأنها صاحبة المكتبة، وهي التي تدرك قيمتها، وأعتقد أن الدافع وراء قرارها هو رغبتها في الحفاظ على مكتبتها بعد وفاتها، وربما داخَلها هاجس بأن ورثتها سيتصرفون بطريقة هوجاء مع المكتبة بالبيع الرخيص، وهذا التصرف وإن بدا غريبًا في البداية إلا أنه تصرف طبيعي، لأنها ربما أرادت أن تحوّل ما تملكه إلى مال حتى تهبه إلى ابنتها أو لكي تستمتع بهذا المال، وهذا حقها.
ما دلالة هذا القرار؟
هذا التصرف الجريء من صافي ناز يكشف عن مأساة، الشق الأول منها يخص المكتبات التي تضيع بعد وفاة أصحابها، والشق الثاني يكشف عن تقاعس الجهات المسؤولة.
الحقيقة، أنا لست مندهشًا من قرار صافي ناز، فهو طبيعي جدًا، ويتوافق مع مخاوفها من سوء التصرف في مكتبتها بعد الوفاة، وأرى أنها ذكية جدًا، لأن عملية بيع وشراء المكتبة ستضمن لها حسن التصرف مع المكتبة، وسواء كان المشتري فردًا أو جهة فالمؤكد أن المكتبة ستحظى بالعناية التي تتمناها صافي ناز.
برأيك.. مَن المسؤول عن الحفاظ على هذه المكتبات؟
ليست مسؤولية وزارة الثقافة وحدها، فوزارة الشباب والرياضة مسؤولة لأن لديها مكتبات بمراكز الشباب، ووزارة التربية والتعليم لأن لديها مكتبات مدرسية، ووزارة التعليم العالي لأن لديها مكتبات بالجامعات والكليات، وهذه الوزارات مطالبة بترقية أوضاع مكتباتها.
مع أم ضد عرض مكتبات الأدباء للبيع؟
قديمًا، كان المتعارف عليه أن يوصي الكتاب والأدباء ورثتهم بالتبرع بمكتباتهم إلى جهات بعينها، مثل الكاتب أسامة أنور عكاشة والدكتور فوزي فهمي، فقد أوصيا بأن تذهب مكتبتيهما إلى المكتبة المركزية بأكاديمية الفنون، ولكن الآن معظم الكتاب لا يتركون مثل هذه الوصايا.
وما السبب في ذلك؟
لأننا ليس لدينا أماكن تجيد استلام المكتبات، ووزارة الثقافة على سبيل المثال أخذت مكتبة الناقد الراحل فاروق عبدالقادر، ووضعتها في مكتبة روض الفرج، والموظفون هناك تعاملوا معها بالروتين المعتاد، وعملوا لها جرد وتخلصوا من معظم الكتب. أنا شخصيًا لا أطمئن لمسألة التبرع لوزارة الثقافة إذا لم يكن التبرع لمكتبات متخصصة للوزارة مثل المكتبة المركزية بأكاديمية الفنون.
ورثة الكتاب عادة ما يتخلصون من مكتباتهم في "الروبابيكيا"، أنا شخصيا وجدت مكتبة يوسف الشاروني على رصيف محطة الإسعاف بالقاهرة بعد وفاته بـ15 يوما، كما أنني اشتريت كتاب الممثلة الراحلة دولت الأبيض عن زوجها جورج الأبيض من محطة الزقازيق، ووجدت عليه إهداء إلى الصحفي الراحل عبدالستار الطويلة، وهذا معناه أن الورثة تصرفوا في مكتبات ذويهم بطريقة البيع الأهوج، وبائع الروبابيكيا يعرض سعرا بخسًا ويحصل على الكتب دون معرفة قيمتها الحقيقية.
أخيرًا.. كيف يمكن احتواء هذا الموقف؟
يجب على الجهات المسؤولة ووزارة الثقافة أن تسأل عن الأسباب وتقابل صافي ناز، وقد تساعدها في عملية الشراء، وبإمكان الوزارة شراء المكتبة ووضعها في أي مكان. صافي ناز بعرض المكتبة للبيع أعلنت موقفًا، وأنا شخصيًا أحييها على ذلك.