بوتفليقة يرفض "الصلح المشروط" للمعارضة
الرئيس الجزائري يستغل مناسبة عيد النصر للرد على دعوات المعارضة الأخيرة للصلح مع السلطة
بمناسبة الذكرى الـ 56 لعيد النصر الذي يوافق 19 مارس/أذار من كل عام، توجه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة برسالة لشعبه في "ظاهرها"، وللمعارضة في "مضمونها"، كما يرى كثير من المراقبين.
- الأخضر الإبراهيمي يحدد موقفه من مطالبات بترشحه لخلافة بوتفليقة
- خبراء: مبادرة المعارضة الجزائرية للصلح مع السلطة" إفلاس"
بوتفليقة استغل المناسبة ليرد على "المجادلين والمناقشين" في مسألة الرئاسيات القادمة أو كما تُجمع بعض أطياف المعارضة على تسميتها "بالانسداد السياسي وفكه بخلافة بوتفليقة"، ليضع "نقاط الجزاء على العقاب".
ودعا الرئيس الجزائري "الجميع إلى المساهمة في الحركة الديمقراطية التعددية في البلاد"، لكنه حدد شروطا مقابل ذلك، بأن "تجعل الجزائر والمصالح العليا لشعبها فوق الجميع".
وأضاف بوتفليقة مخاطبا المعارضة: "يحق للساحة السياسية الوطنية أن تعرف صراعا في البرامج، وسعي الجميع للوصول إلى الحكم، غير أنه من واجب الجميع المساهمة في هذه الحركة الديمقراطية التعددية، مع جعل الجزائر والمصالح العليا لشعبها فوق الجميع".
وتابع قائلاً: "على المجتمع أن يستمر في ترقية ثقافة الحقوق والحريات، مع الحفاظ على المصالح الجماعية والعليا لمجتمعنا".
كما عاد بوتفليقة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد للعام الرابع على التوالي، "مناشدا" الجزائريين "بالتمعن في مختلف الأحداث التي واجهتها البلاد بنجاح منذ استعادة استقلالنا وسيادتنا الوطنية"، مضيفا بأنه على "قناعة باستطاعة البلاد أن تجتاز بسلامة وانتصار مصاعبها المالية الحالية والظرفية".
وحدد بوتفليقة كيفية تجاوز المصاعب المالية بالقول "إن الجزائر تعاني جراء تقلبات السوق العالمية التي أدت إلى فقدان نصف مداخيلها الخارجية، لكنها تصمد مرة أخرى، وتسهر في كنف السيادة على تعبئة قدراتها لاجتياز هذا المنعرج الصعب والإقبال على اقتصاد متحرر من التبعية المفرطة للمحروقات".
رسالة رفض وفضح
وأجمع كثير من المتابعين لرسالة بوتفليقة على أنها بمثابة "رجع الصدى" على دعوات بعض أحزاب المعارضة "لصلح مشروط" مع السلطة، وأن "التغذية العكسية" للسلطة الجزائرية لم تحمل فقط "رفضا غير مشروط" لتلك المبادرات، بل وضعت "حدوداً" للمعارضة لا يمكن لها أن تتخطاها.
- الجزائر.. "التأديب" بحق برلماني مساند لبوتفليقة
- 2018 بالجزائر.. عام الحسم في ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة
وفيما يشبه الاتهام كما يرى كثير من المراقبين في حديث بوتفليقة بأن "تجعل التشكيلات السياسية الجزائر والمصالح العليا لشعبها فوق الجميع"، فإن بوتفليقة يرى بحسبهم أن مبادرات بعض أحزاب المعارضة الأخيرة "لا تخلو من هدف المصلحة الشخصية أو الحزبية الضيقة"، وهي رسالة "مشفرة" في الوقت ذاته للجزائريين بأن الهدف "الوحيد" منها هو "الوصول إلى الحكم".
في حين، اعتبرت بعض الشخصيات المعارضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن رسالة الرئاسة "تكريس متوقع لحالة الانسداد السياسي"، وبأن السلطة تستثمر في ضعف المعارضة وتشتتها، وحتى في ظاهرة "خيانة المعارضة للمعارضة" كما سبق لرئيس حزب جيل جديد، سفيان جيلالي وأن كشف عن حيثياتها.
تعدد المبادرات لكرسي واحد
وفي النصف الثاني من شهر فبراير الماضي، عادت في الجزائر "موضة المبادرات السياسية الحزبية"، التي تقاطرت من أحزاب وشخصيات معارضة، بدأت من الغريم التقليدي لبوتفليقة ورئيس حزب طلائع الحريات المعارض، علي بن فليس، إلى زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، ورئيس حركة مجتمع السلم الإخونجية، إلى الرئيس السابق للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، سعيد سعدي.
- الجزائر 2017.. عزوف سياسي وزخم انتخابي وتعدد حكومي
- الجزائر.. المعارضة تكشف عن مرشحها "التوافقي" لرئاسيات 2019
وجاءت غالبية المبادرات بصيغة وصياغة "موحدين" بأن دعت إلى مصالحة مع السلطة، واختلفت في آليات الصلح.
هذه المبادرات التي فسرها عدد من المختصين في الشأن الجزائري، بأنها لا تعدو أن تكون "ركوبا لموجة الإضرابات الأخيرة التي عرفتها قطاعات الصحة والتربية والتعليم العالي"، وبأنها "تترجم حالة الإفلاس السياسي" لمعارضة يفترض أن "تكون البديل المقنع لأي سلطة قائمة"، لكنها بحسبهم أرادت من خلال خرجاتها الأخيرة " إقناع السلطة لا الشعب، بتقديمها صكوك غفران مليئة بالشعارات المكررة".
لكن البعض يرى، أن توجه المعارضة للسلطة مباشرة له ما يبرره ويؤكده، وهو "استقالة جزء كبير من الجزائريين من متابعة وممارسة السياسة"، التي تجلت في الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت العام الماضي.
فمن جهة، وجدت أحزاب الموالاة والمعارضة نفسها "تكلم نفسها" في حملاتها الانتخابية كما ذكر عدد من المتابعين للشأن الجزائري لـ "العين الإخبارية" أو من خلال نسب الاقبال "الضعيفة" على صناديق الاقتراع.
وهي المعطيات التي فسرها كثيرون على أنها "رفض شعبي" أو "ملل شعبي" من مشهد سياسي مكرر في وجوهه وخطاباته، مفتوح لشهر قبل الانتخابات، ومغلق لخمس سنوات بعدها.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg جزيرة ام اند امز