تحذير أوروبي: تسونامي صناعي صيني يهدد مستقبل الشركات في القارة العجوز
كشف الخبير الاقتصادي دوفورك عن مخاطر جسيمة تواجه الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة، في حال استمرار الانفتاح الاقتصادي دون إعادة ترتيب أولويات الصناعة الوطنية والإقليمية.
ووصف دوفورك الوضع الراهن بأنه أشبه بـ"تسونامي صناعي" قد يقضي على الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة على امتداد القارة، من بولندا شرقًا إلى بريتاني غربًا، بحسب صحيفة ليزيكو الفرنسية.
وأوضح أن أوروبا تقف على مشارف هيمنة مزدوجة: حيث يتحكم الأمريكيون بالقطاع الرقمي، بينما تهيمن الصين على القطاع الصناعي، ما يضع القارة في موقف هش للغاية، إذ تُعامل كـ"غذاء" على مائدة الدول الكبرى، دون أن يكون لها تأثير فعلي على طاولة التفاوض.
وحذر دوفورك من أن سياسات الانفتاح الكامل جعلت أوروبا ضحية لنموذج استغلالي، يتمثل في استغلال الشركات الأجنبية للموارد والأسواق الأوروبية دون مراعاة مصالح الاقتصاد المحلي.
واستشهد بمعرض Equip Auto لقطع غيار السيارات في باريس، حيث لاحظ تفوقًا هائلًا للأجنحة الصينية، التي تمثل شركات صغيرة ومتوسطة من بكين وقوانغتشو ومنشوريا، متسائلًا عن مدى استدامة المعرض مالياً لولا هذه الشركات.
وأشار إلى أن الصين تهدف إلى السيطرة على 40% من حصة السوق في جميع القطاعات الصناعية، وفقًا للبيانات الرسمية المنشورة على أراضيها، مؤكدًا أن هذه الاستراتيجية جزء من خطة ممنهجة لبسط النفوذ وتحويل الأسواق الأوروبية إلى قاعدة صناعية صينية خارجية.
كما انتقد دوفورك سياسات الانفتاح الأوروبية، مشيرًا إلى أن المفوضية الأوروبية تسمح بدخول جميع الشركات الأجنبية لكنها تفرض في الوقت ذاته قواعد بيروقراطية تعرقل قدرة أوروبا على حماية صناعتها المحلية، وفق موقع أنسوليتي الفرنسي. وأضاف أن هذه السياسات تجعل أوروبا عاجزة عن الدفاع عن الصناعات الحيوية مثل السيارات، التكنولوجيا الدقيقة، شبه المواصلات، وقطاع الطاقة الخضراء.
ولم يقتصر التحذير على القطاع الصناعي، بل امتد إلى سوق العمل الأوروبي، حيث نبه دوفورك إلى تأثير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة على الوظائف التقليدية، محذرًا من أن دمج التكنولوجيا دون حماية الصناعات الوطنية سيؤدي إلى فقدان واسع للوظائف، لا سيما في الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي.
واقترح دوفورك أن تتبنى أوروبا سياسات حماية مؤقتة، تشمل فرض قيود على الاستيراد من الصين لبعض القطاعات الاستراتيجية، وتحفيز الاستثمارات الداخلية لإعادة بناء القدرات الصناعية، بهدف تجنب ما وصفه بـ"السياسة الاقتصادية الانتحارية الجماعية".
وشدد على أن الهدف ليس الانعزالية، بل تحقيق توازن مؤقت يمكّن أوروبا من المنافسة في بيئة عادلة ومستدامة، مع الحفاظ على الوظائف وتقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين.
وأكد أن أوروبا لم تعد تمتلك القدرة على الاعتماد على السياسات التقليدية المفتوحة بالكامل، وأن استمرار الوضع الحالي سيزيد من الفجوة بين القوى الاقتصادية الكبرى والصناعات الأوروبية، ويهدد استقلالية القارة.
وفي مواجهة الهيمنة الصينية والأمريكية، رأى دوفورك أن الإغلاق المؤقت وإعادة التسلح الصناعي أمر حتمي للحفاظ على القدرة التنافسية لسوق العمل الأوروبي ولمنع أوروبا من الانزلاق تحت نموذج استغلالي يهيمن عليه الآخرون.
واختتم دوفورك بالقول إن ما يحدث على أرض الواقع لا يقتصر على الخسائر الاقتصادية، بل يمثل "انتحارًا جماعيًا" محتملًا، ما لم تتخذ أوروبا خطوات عاجلة وحازمة لإعادة تنظيم صناعتها وحماية شركاتها الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد المحلي والابتكار المستقبلي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز