الحدود الشرقية.. تقاطعات الإرهاب والدم في دفاتر إخوان تونس
مراقبون تونسيون يطرحون أكثر من سؤال حول التمادي "المليشياوي" الليبي والمخاطر التي تهدد الشريط الحدودي على يد "عصابات" التهريب.
لا تفصل العاصمة الليبية، طرابلس، عن أول نقطة تونسية سوى أقل من 100كلم، وهو خط يصفه متابعون بـ"مربع النار" الحاضن للجماعات الإرهابية تحت تنسيق ثنائي يجمع على حد السواء إخوان ليبيا وتونس.
وفي تونس تعد حركة النهضة وذراعها ائتلاف الكرامة في البرلمان الممثل الرئيسي للجماعة الإرهابية.
ويؤكد مراقبون أن هذا الامتداد الجغرافي استغلته اليد الإخوانية بشكل لافت منذ سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011، وذلك من أجل بسط نفوذها في منطقة شمال أفريقيا عبر جماعات يشرف عليها الإرهابي المعروف عبد الحكيم بلحاج.
وبلحاج تزعم الجماعة الليبية المقاتلة في عام 1994 بعد عودته من أفغانستان حيث شارك في القتال هناك، وألقي القبض عليه بتعاون استخباراتي بين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي أيه) والسلطات الماليزية عام 2004 قبل تسليمه إلى ليبيا في العام نفسه، وعقب أحداث "الربيع العربي" قاد فصيلا مسلحا ولعب بدعم قطري دورا بارزا في صياغة المشهد الليبي بعد القذافي، وبناء شبكات الإرهاب التي هيمنت على طرابلس لاحقا.
ويطرح العديد من المتابعين في تونس اليوم أكثر من سؤال حول هذا التمادي "المليشياوي" الليبي والمخاطر التي تهدد الشريط الحدودي التونسي على يد "عصابات" التهريب.
وتكشف العديد من التقارير عن تقاطعات موضوعية بين التهريب في الشريط الحدودي التونسي بمصالح الإرهابيين.
وتؤكد في هذا الصدد بدرة قعلول رئيسة المركز الاستراتيجي للدراسات الأمنية والعسكرية أن مخططات الإخوان في الجنوب التونسي تنطلق من رغبة في السيطرة على منافذ تهريب الأسلحة.
وأوضحت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تنظيم الإخوان في تونس منذ عام 2011 عمل على جعل الجنوب والمناطق الحدودية مع ليبيا مناطق نفوذ إخواني، ومساحات تابعة للأيادي المشتركة بين حركة النهضة وفجر ليبيا (الميليشيا الإخوانية في ليبيا).
وتفيد مصادر أمنية مطلعة بأنه خلال شهر سبتمبر/أيلول 2020، استطاعت قوات الأمن تفكيك أكثر من 20 خلية إرهابية تنشط في المنطقة الواقعة بين المعابر الحدودية (الذهيبة وبن قردان) ومحافظتي "مدنين" و"تطاوين" (تبعد قرابة 600 كلم عن العاصمة تونس).
وأكدت ذات المصادر الأمنية ذات الطابع الميداني لـ"العين الإخبارية" أن هذه الخلايا الإرهابية تعمل على ترويع المواطنين واستقطاب الشباب الجنوبي في تونس وإنشاء خلايا متشابكة للجماعات المسلحة.
وأوضحت أن "وزارة الداخلية والجيش في تونس يعملان على تفكيك كل نشاط تهريبي وإرهابي، ومحاولة القبض على العناصر التي تورطت في عملية مهاجمة مدينة "بن قردان " في 7مارس/آذار 2016.
عملية بن قردان.. أصابع الإخوان الدموية
ولا تزال الذاكرة التونسية تذكر أكبر مواجهة بين الجيش التونسي وعناصر تنظيم داعش في مدينة بن قردان الواقعة على الحدود الشرقية لتونس مع ليبيا، حيث سجلت تفاصيلها ذات فجر في مارس/آذار 2016 عندما هاجمت مجموعات مسلحة الثكنة العسكرية على الحدود التونسية في محاولة لاحتلال المدينة وجعلها قاعدة انطلاق لغزو بقية المدن التونسية.
وأسفرت العملية التي دامت قرابة 7 ساعات من المواجهة المباشرة عن 55 قتيلا، منهم 36 إرهابيا، و12 من عناصر الجيش والقوات الأمنية التونسية، و7 مدنيين، وبلغ عدد الجرحى 27 شخصا، إضافة إلى اعتقال 7 مسلحين.
الترهيب الإخواني
ويؤكد العديد من النشطاء السياسيين وشخصيات نقابية أن حركة تدفق الأسلحة تحت الغطاء الإخواني بالجنوب التونسي أصبح جليا ولا يخفى على أي متابع للمشهد هناك.
وبين طالب العزابي الناشط في المجتمع المدني بمحافظة تطاوين في حديث لـ"العين الإخبارية" أن مناطق مثل "لزرط" و"المرطبة" (على الحدود قرب معبر الذهيبة/وازن) أصبحت تحت عنف الجماعات المتسللة من ليبيا، والتهديدات اليومية بالاعتداء على مقدراتهم الحياتية من ماشية ودواب.
ويسكن هذه القرى (على الحدود التونسية الليبية) عدد من البدو الذين يتخذون من تربية الماشية والصيد مصدرا لرزقهم وقوت يومهم.
وتابع العزابي قائلا إن "حركة التهريب الممزوجة بالإرهاب أصبحت ترعب الحياة اليومية لأكثر من مليون تونسي يسكن الجنوب".
ويقدر عدد سكان تونس حسب إحصائيات عام 2014 أكثر من 11 مليون نسمة.
وفي عام 2015 اختطف مسلحون 10 دبلوماسيين في القنصلية التونسية بطرابلس، من أجل مقايضتهم بسجين "فجر ليبيا" الإرهابي في تونس وليد القليب.
ويرى متابعون أن المقايضة الإخوانية كانت بتنسيق بين الوجه الإخواني بلحاج ورفيقه في ملفات الدم والعنف راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان) من تونس.
aXA6IDE4LjE4OC4yMTkuMTMxIA== جزيرة ام اند امز