مبادرات الإخوان للصلح بمصر.. محاولات مستميتة لتحقيق أهداف خبيثة
الجماعة الإرهابية تسعى للعودة إلى المشهد بكل السبل
المجتمع الدولي أدرك أن جماعة "الإخوان" الإرهابية ما هي إلا تنظيم من القتلة يدعي رغبته في حقن للدماء
لم يتوقف ممثلو جماعة الإخوان الإرهابية عن طرح مبادرات "وهمية" للصلح مع الدولة المصرية، منذ ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، لتحقيق أهدافهم الخبيثة.
أحدث المحاولات ما طرحه القيادي في التيار الشعبي معصوم مرزوق مقرونا بتظاهرات في 31 أغسطس/آب الماضي، إلا أن الأمر بعد كل هذه المحاولات بدا بعيدا عن المعنى الحقيقي لطرح المبادرات، وأن الصلح ليس هو الهدف بالأساس.
ورأى خبراء أن محاولات الإخوان ما هي إلا امتدام لطابعهم الاحتيالي، ومحاولات لإحراج الدولة المصرية وإظهارها بصورة الرافض لمحاولات الصلح، غير أن المجتمع الدولي أدرك أن الجماعة الإرهابية تنظيم من القتلة يدعي رغبته في حقن للدماء.
- مصر.. ثالث حكم نهائي بالمؤبد على مرشد جماعة الإخوان الإرهابية
- لماذا يرفض المصريون المصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية؟
الكاتب الصحفي المصري ياسر رزق
استعرض في مقال له هذه المحاولات، التي طالما حاولت الجماعة الإرهابية أن تعيد نفسها بها إلى المشهد السياسي في مصر، وتعيد الدولة إلى شبح الموت الذي سيطر عليها قبل 5 سنوات، عندما كانت تحكمها جماعة إرهابية.
مبادرات الصلح المستميتة
رزق يرى أن أولى المبادرات للصلح كانت بعد ثورة ٣٠ يونيو/ حزيران 2013 وعقب بيان ٣ يوليو/ تموز 2013، حيث خرجت أول مبادرة تحت عنوان "عفا الله عما سلف".. وكان الفشل مصير المبادرة التي فحواها الإفراج عن السجناء الإخوان، وإعادة المعزول محمد مرسي إلى الرئاسة على أن يجرى استفتاء عليه بعد عودته، وعودة مجلس الشورى الذي تقرر حله في بيان ٣ يوليو.
أما المبادرة الثانية للصلح كانت عشية فض اعتصامي "رابعة والنهضة" الذي تم في ١٤ أغسطس/آب ٢٠١٣، وتراجعوا عنها قبل فجر يوم الفض، والمبادرة الثالثة كانت بالتزامن مع أحداث جامعة الأزهر، عندما حول أعضاء الجماعة الجامعة والشوارع المحيطة بها في مدينة نصر إلى ساحة قتال.
تقدم بالمبادرة أستاذ جامعي من أعضاء الجماعة، تحمل بنودها المطالب نفسها (الإفراج عن السجناء - إعادة مرسي - عودة مجلس الشورى)، لم يقبل القائمون على أمر الدولة آنذاك أن تتصور الجماعة عودتها بالضغط في الشارع ورفضوا المصالحة.
ووفقا لرزق، فإن طوال فترة الرئاسة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي توارى الحديث عن المصالحة، إلا من بعض مقالات في صحف أو كتابات على مواقع التواصل لشخصيات غابت عن المشهد، وكلما ترددت كلمة "مصالحة" كان الرأي العام يتساءل "بين من ومن؟ وكيف نضع جماعة إرهابية على قدم المساواة مع الدولة في مقايضة سياسية؟!"، وصارت تلك الكلمة سيئة السمعة جماهيرياً لا سيما مع اشتداد العمليات الإرهابية التي تشنها مجموعات تابعة للإخوان في الوادي أو جماعات ترعرعت في كنف الجماعة بسيناء.
غير أنه في أوقات مختارة بعناية.. كان هدف الإخوان طوال فترة الرئاسة الأولى للسيسي ألا ينجح هذا الرئيس، وأن يفشل نظامه في تحقيق وعوده للشعب لتتبخر شعبيته وتخرج عليه الجماهير مثلما خرجت ضد مرسى وتنتهي رئاسته قبل موعدها، وعندما فشلوا في بلوغ هذا الهدف تحول مسعاهم إلى عدم تمكين الرئيس من خوض الانتخابات لفترة ثانية.
كانت المبادرات الأخيرة حتى اللحظة، بعد نجاح السيسي في انتخابات الرئاسة لفترة ثانية، فقبل مُضي أسبوع على إعلان النتيجة أطلق كمال الهلباوي، القيادي الإخواني السابق، ما أسماه مبادرة للمصالحة، تبناها إبراهيم منير القيادي الدولي، بتشكيل مجلس حكماء، اختار الهلباوي أعضاءه من شخصيات عربية ومصرية لـ"إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، وكأن مصر دولة على شفا الانهيار، لن ينقذها إلا عودة الإخوان للحياة السياسية وربما السلطة!
وفي مطلع أغسطس المنقضي خرج القيادي بالتيار الشعبي معصوم مرزوق بمبادرة أخرى تدعو إلى إجراء استفتاء على السيسي، الذي ما لبثت الجماهير أن اختارته في انتخابات حرة بأغلبية 97% من الأصوات، واقترنت مبادرته بدعوة الجماهير للتظاهر يوم 31 أغسطس/آب المنقضي.
وفي الذكرى الـ5 لفض اعتصامي رابعة والنهضة صدر بيان عن جماعة الإخوان يتضمن ما وصفته بأنه مبادرة لـ"الخروج من النفق المظلم"، تدعو إلى عودة مرسي إلى سدة الحكم وإجراء حوار وطني، ولم يعلق ذلك البيان في أذهان أحد.
حقيقة المبادرات الوهمية
توحيد مجدي، الكاتب المتخصص في شؤون جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتطرفة، يقول إنه بشكل عام من غير المنطقي أن تطرح الجماعة الإرهابية بين الحين والآخر مبادرة للصلح بينما تعمل بشكل حثيث على قصف الدولة المصرية ونظامها وسياساتها ونجاحاتها وإنجازاتها باستمرار من الخارج، وهذه المؤامرات تعكس الوجه الحقيقي لمبادراتهم، وتؤكد أنها تطرح لأسباب سياسية بحتة.ويوضح مجدي، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن طرح المبادرات من جانب الجماعة الإرهابية في حقيقة الأمر هدفه التأثير على المجتمع الدولي، وإظهار مصر بصورة الرافضة للمصالحة والرافضة لقبول الآخر والماضية في مهاجمة ورفض الآخر والأقليات التي لها توجهات مختلفة، والأمر لا علاقة له بكلمة "مصالحة" بمعناها العلمي والأكاديمي.
ويشير إلى أن المنتمين للجماعة الإرهابية بجميع درجاتهم يجيدون تماما التعامل مع الإعلام الغربي، لا سيما أن كثيرا منهم يعيش في هذا المجتمع، ويجيدون التعامل مع المنظمات الدولية، ويختارون الأوقات التي يكون لدى الغرب موقف من مصر فيها لأي سبب من الأسباب ويطلقون مثل هذه المبادرات، لتنفيذ أغراضهم الخبيثة في إقناع العالم أن مصر تقبلهم كأقلية وترفض الحوار معهم.
مؤامرة الانتقام في المستقبل
وعن المرحلة التالية للمبادرات الوهمية وما الذي ستفعله الجماعة الإرهابية لإقحام نفسها مجددا في الشارع المصري؟ يقول توحيد مجدي إن الجماعة سقطت من التاريخ الاجتماعي المصري، ولن تقبلها الأمة المصرية مجددا كطرف سياسي.
وأكد أن كل مخططات الجماعة وأعمالها السرية الحالية يعدونها للتنفيذ في المستقبل، فهم يعدون خطة انتقامية فقط، فأعدوا قوائم سياسية وإعلامية واجتماعية للانتقام منها مستقبلًا، ويستهدفون الشعب المصري بأكمله.
ويضيف: الجيل الثاني والثالث وربما الرابع من الجماعة هربوا إلى الخارج ويعيشون ويخططون لمؤامرة انتقامية من هناك لضرب مصر، والمجتمع الدولي مطالب بوقف هذه المخططات والتشكيلات الإرهابية التي تعتزم الانتقام من مصر، طالما تربطهم مصالح مشتركة مع مصر وقيادتها وشعبها.
المصالحات الفردية
سامح عيد، المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، يؤكد أن ما يطلقه التنظيم بين الحين والآخر من مبادرات صلح لا تعدو كونها بالونات اختبار يطلقها عبر أطراف خارجية ثم يخرج لينفها لاحقا لسببين، الأول أن هذه المبادرات تقابل من جانب شباب التنظيم برفض واسع عبر منصات السوشيال ميديا، والثاني أنها تقابل بالرفض أيضا من جانب الدولة المصرية شعبا ونظاما، حيث الدولة لن تتهاون في حق شهدائها وما ألحقته بها الجماعة من خراب وإرهاب على مدار الأعوام السابقة، التي أعقبت عزل نظام الإخوان عن المشهد المصري.
ويؤكد عيد، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن الجماعة لديها أزمة في تسويق مبادراتها، وتتكرر المحاولات بلا فائدة.
ويشير إلى أنه على أرض الواقع فإن المصالحات التي تقبلها الدولة تكون "مصالحات فردية"، يتم فيها تسوية أوضاع من يعلن توبته ويتعهد بعدم العودة إلى العنف وأوله الانضمام والعمل لصالح تنظيم الإخوان الإرهابي، هؤلاء يعاقبون بالسجن لفترة ويعودون للحياة الطبيعية مقابل الشروط المذكورة، والبعض قد يعلن استعداده للخضوع إلى مراجعات ومن ثم الإقلاع تماما عن ممارسة العنف والتوبة عن التنظيم الإرهابي، بينما تظل المصالحة مع التنظيم الإرهابي نفسه مستحيلة.
ويقول عيد إن الحل الوحيد أمام التنظيم اليوم أن يحل نفسه بشكل طوعي، وسيكون هذا الحل حكيما، حيث سيحل أزمة الانضمام لتنظيم إرهابي وجماعة محظورة.
aXA6IDE4LjIxNy4yMjQuMTY1IA==
جزيرة ام اند امز