أدبيات الإخوان.. الرحم والمنبع للتنظيمات الإرهابية
كتابات حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان وسيد قطب منظّرها الأبرز شكّلت حاضنة للتنظيمات الإرهابية من جماعت "التكفير" وحتى "داعش".
يتفق طيف واسع من الخبراء في شؤون التنظيمات الإرهابية على الدور المحوري لكتابات حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان الإرهابي، وسيد قطب منظّرها الأبرز، في تشكيل الأدبيات الأكثر تطرفاً التي فرّخت لاحقاً التنظيمات الإرهابية من جماعات "التكفير" وحتى "داعش".
وتبدو أدبيات جماعة الإخوان الإرهابية كرصاصة لم تغادر بعد بندقيتها.. تهديد ماثل ينتظر ظرفاً مواتياً ليصير جريمة.. أو كعبوة ناسفة تتحين لحظة الانفجار. وقد جاءت تلك اللحظة مراراً منذ أن تم تأسيس هذا التنظيم الإرهابي أواخر عشرينيات القرن المنصرم.
- العداء للعرب والولاء للولي الفقيه.. مفتاح تحالف إيران-الإخوان
- "هؤلاء هم الإخوان".. بقلم طه حسين عام 1954
وخلال السنوات التي تلت مقتل البنا كان فكر مؤسس الجماعة مصدر إلهام للتنظيمات الإرهابية بنسخها المتلاحقة منذ زمن شكري مصطفى مؤسس جماعة "التكفير والهجرة" الإرهابية وحتى أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي.
وفي الطريق كان أتباع البنا يشحذون أفكاره المتطرفة حتى غدت كتابات سيد قطب نصالاً جاهزة لسفك الدماء.. خلاصةٌ كان المفكر المصري رفعت السعيد قد بلورها بكلمات أخرى متسائلاً: "هل تلد الثعابين إلا مثلها؟".
"الجهاد عن طريق طليعة مؤمنة، وجيل قرآني، هو الحل لتخليص المجتمع من حكم الطاغوت"؛ مبدأ كان سيد قطب قد بلوره في معالمه على طريق سار فيه من بعده قتلة الرئيس الراحل أنور السادات، وإرهابيو سيناء في تطوراتهم المتعاقبة، وأيمن الظواهري ورفاقه في تنظيم القاعدة.
العبارات التي صاغها سيد قطب في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ترددت لاحقاً في ساحات القضاء المصري في الثمانينيات والتسعينيات، خلال محاكمات قادة الإرهاب في القاهرة، واستخدمها رفاق الإرهابي خالد الإسلامبولي قاتل السادات، لتبرير جريمتهم في عام 1981.
التنظيم الخاص.. برجماتية صارت عقيدة
حينما أسند حسن البنا مهمة تأسيس الجهاز الخاص في جماعة الإخوان إلى عبدالرحمن السندي كان يسير على درب برجماتي، لتهديد الخصوم في زمن شاع فيه استخدام الكتائب المسلحة في بيئة سياسية مضطربة، لكن كلمات البنا وتأصيلات قطب قادت إلى أن يتحول هذا النهج من أداة في لعبة النفوذ إلى عقيدة ترسخ جاهلية المجتمع واستباحة الدماء.
كانت أفكار قطب تختمر في عقول جيل جديد سيؤسس بناء عليها القضية المركزية في فكر التنظيمات الإرهابية التي تدور حول "المجتمع (الكافر) الذي لا بد من هجره، وأما مَن لا يستطيع الهجرة بعيداً عن أرض (الكفر)، وجب عليه أن يهاجر بنفسه عن المجتمع (الكافر)، فيترك مدرسته وعمله وأسرته ويهاجر إلى الجماعة، ليقيم مع مجموعة من أعضائها، ولينشئوا مجتمعاً خاصاً بهم".
الأفكار التي صاغها شكري مصطفى، أحد تلاميذ سيد قطب وصاحب رؤية التكفير والهجرة، كثّفها القيادي الإرهابي محمد عبدالسلام في كتابه "الفريضة الغائبة"، وهو الكتاب الذي سيصبح الأساس الفكري لتنظيم الجهاد في مصر. ومن تنظيم الجهاد سيخرج أيمن الظواهري الذي يتربع اليوم على قمة تنظيم القاعدة.
واليوم يرصد المتابعون ضمن إصدارات تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإرهابي في سيناء، وهو النسخة المحلية لـ"داعش"، خطاب تكفير المجتمع، الذي تترجمه عمليات التنظيم لإشاعة الفوضى في سيناء، واستهداف قوات الجيش والشرطة، في محاولة بائسة لإعادة حكم الإخوان مجدداً.
"أستاذية العالم" ولعبة الإرهاب العابر للحدود
من أستاذية العالم التي نادى بها حسن البنا تشكلت اللبنات الأولى للإرهاب العابر للحدود، وقد صادف أن كان أول مطبقيه عبدالله عزام، أحد القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي انخرط في صفوف الجماعة الإرهابية منذ 1970، ليقود في وقت لاحق الإشراف على تأسيس مكتب مهمته استجلاب الشباب العربي لقتال السوفيات عقب غزو أفغانستان.
وكان عبدالله عزام ابن قرية سيلة الحارثية في جنين، أول السائرين على الدرب الذي سينتهي بأحد أسوأ وأبشع جرائم الإرهاب في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من عام 2001.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA= جزيرة ام اند امز