"وثيقة الإخوان".. عزف على وتر ناشز وشعارات فضفاضة لتوحيد "إرهابييها"
بعد إغلاق خطوط العودة مجددًا أمامهم وسط إصرار القيادة السياسية في مصر على تنحية كل من تلوثت يداه بدماء المصريين، حاول تنظيم الإخوان العودة بلباسه القديم.
فالجماعة التي أسست بنيانها على العنف سبيلا لتحقيق مآربها التوسعية دون الاعتداد بالحدود وطنًا يعيشون داخل جدرانه، عادت مجددًا بعد أن لفظها الشعب المصري في 2013، بثورة اقتلعتها من جذورها.
وأمام الفكر العقيم للإخوان، لم تجد الجماعة أفكارًا جديدة لتعود بها إلى الساحة، فاختارت من شعارات فضفاضة سبيلا للإطلال برأسها مجددًا، بعد أن أنهت مرحلة البيات الصيفي، التي مكثت فيها طويلا.
اعتراف بالأخطاء
وأطلقت جماعة الإخوان "الإرهابية"، مساء السبت، ما يعرف بـ"الوثيقة الأولى الإصدار السياسي لتيار التغيير بالجماعة"، حاولت فيها الاعتراف بالوقوع وحلفائها في أخطاء، أملا في جذب مؤيدين لها.
وفيما اتخذت "الوثيقة" من الشعارات الزائفة مدخلا لها، حاولت استثمار اجتماع "الكماليون الجدد" في فندق "وندهام جراند جونشلي" في إسطنبول، للعزف على أوتار قضايا عدة، لـ"توحيد" صفوفها التي تشرذمت بفعل الانقسام الذي ضرب رأس التنظيم.
ورغم أن جماعة الإخوان حاولت مرارًا فتح قنوات حوار مع السلطات المصرية، إلا أن القيادة السياسية أكدت أنها لن تضع يدها في يد من أشهروا السلاح في وجه الدولة، ما دفع تيار التغيير، لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تركة الإخوان التي "نهشها الانقسام".
شعارات فضفاضة
ومع تعثر ملف الإرهابيين المعتقلين في السجون المصرية، في قضايا "إرهابية"، رفعت الوثيقة من هذا الملف شعارًا لها، بهدف إعادة توحيد صفوف الجماعة التي تشرذمت، بعد تجاهل قيادات التنظيم هذا الملف، وهروبهم إلى الخارج، تاركين شباب التنظيم كبش فداء لتخطيطهم الإرهابي.
ولم يكن شعار المعتقلين الفضفاض من أخذته الوثيقة على عاتقها، بل إن القضية الفلسطينية التي تعد مركزية عند العرب، لعب مؤتمر الإخوان مساء السبت على أوتارها، التي يجيد ألوانها جيدًا.
وفيما فشلت جماعة الإخوان في فترة حكمها التي لم تدم سوى عام في مصر، في تقديم أي دعم للقضية الفلسطينية، بل إنها "أججت" علاقات البلد الأفريقي بجيرانه العرب، حاولت مجددًا العزف على وتر القضية الفلسطينية، بكلام فضفاض من قبيل أنها "قضية الأمة المركزية، وأنها قضية جهاد ونضال".
ونسيت أو تناست أنها لم تقدم يد العون للشعب الفلسطيني، الذي كانت قضيته محورية لدى جميع الدول العربية، والتي لم تأل جهدًا في الدفاع عنها في المحافل الدولية، إلا أن الجماعة حاولت من خلال إثارتها للقضية رسم مكانة لها مجددًا في العالم العربي الذي رفع شعار "لا للإخوان".
مبدأ السمع والطاعة
ومن القضية الفلسطينية إلى شعار "الإسلام هو الحل"، كانت الجماعة التي أسست بنيانها على ركيزة عقائدية ومبدأ السمع والطاعة، حاضرة مجددًا بشعاراتها الزائفة، التي لم يكن إلا الشعارات سبيلها الوحيد للنفاذ إلى قلوب وسمع وبصر عناصرها.
ففي أي محفل للتنظيم، تدعي الجماعة أن جوهر الشريعة الإسلامية -حسب رؤيتها- هو الحل، إلا أن تطبيقها لهذا المفهوم لم يكن سوى شعارات فضفاضة؛ وخاصة وأن أدبياتها التي "تحرم" الخروج على الحاكم خالفتها، بالخروج المسلح ليس في وجه القيادة السياسية في مصر فقط، بل في وجه ملايين المصريين الذين انتفضوا في 2013، في وجه التنظيم.
شعار جديد حملته الوثيقة الإخوانية، مدعية أنها تؤمن بأهمية الاختلاف في الرؤى والتصورات بين الأيديولوجيات المختلفة في محيط واحد؛ متجاهلة أن مبدأها الذي ترتكز عليه وهو السمع والطاعة، لا يعرف إلى الاختلاف سبيلا.
كما تجاهلت الوثيقة التي زعمت أنها تؤمن بالاختلاف، الانشقاق الذي شطر الجماعة نصفين؛ فقادتها لم يستطيعوا حسم "خلافة" التنظيم، وشطروا الجماعة لنصفين، (جبهة لندن وجبهة إسطنبول).
أسئلة حائرة
فهل يستطيع التنظيم الذي لم يتحمل اختلاف قادته وتناحره، أن يحمل هموم أمة أو دولة، ترتكز على التنوع في الأيديولوجيات، وفي السياسات، وهو اختبار فشلت فيه الجماعة قبل ذلك في مصر (2013) وفي العشرية السوداء في تونس؟
سؤال يطرح تساؤلا آخر: ما الذي سيعول الإخوان على تقديمه بعد الفشل المتكرر؟ وما سر توقيت طرح تلك الوثيقة؟ وأليس من باب أولى إعادة تنظيم صفوفهم وحل خلافاتهم الداخلية أولا؟
إلا أن الإجابة التي أشار إليها المراقبون، تحمل الكثير من السيناريوهات "الدموية" التي يجيد تنظيم الإخوان رسم ملامحها، عبر أذرعته المسلحة.
وبحسب مراقبين، فإن تنظيم الإخوان بعد أن فشل في العودة مجددًا إلى الساحة السياسية في مصر والعالم العربي عبر الدعوات السرية التي أطلقها للحوار، أظهر "وجهه القبيح" مجددًا، والمتمثل في "إشهار السلاح" في وجه الدولة الوطنية، أملا في دفعها إلى طاولة المفاوضات.
وأكد المراقبون، أن القيادة السياسية وما ينتج عنها من تدافع يؤدي بدوره إلى تطوير وازدهار للأمة والإنسانية، طالما كان التدافع في إطار التنافس الإيجابي والتعايش المشترك، والقبول بقواعد العمل الجماعي وتبادل الأدوار وفقًا لرأي الجمهور.
هدف الإخوان
ولم تخف الوثيقة بين سطورها هدف الإخوان من هذا الحراك الأخير، فقالت الوثيقة الإخوانية: "نسمح لأعضاء الإخوان المسلمين والمتخصصين والعلماء من أبنائها بالانخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع معنا في رؤيتنا لنهضة هذه الأمة".
الإفصاح عن هذا الهدف وهو الانخراط مجددًا في العمل السياسي هو أمل الجماعة المنشود التي ستبذل الغالي والنفيس في الوصول إليه، كمحاولة لإعادة "بعثها" من جديد في مصر، ذلك البلد الذي تدرك أهميته جيدًا، وأن موتها سريريًا وإكلينيكيًا فيه، يعني اندثارها إلى الأبد.
ذراع جديدة
ولوصولها إلى ذلك الهدف، كشفت مصادر متطابقة عن أن ما تعرف بجمعية "ميدان" التي أسسها القيادي الإخواني الهارب رضا فهمي، تمثل الذراع الجديدة للتنظيم؛ لتنفيذ عملياته "الإرهابية"، التي اتخذت من مصر ودولا عربية أخرى هدفًا لها خلال الفترة المقبلة.
وبحسب المصادر، التي تحدثت لـ"سكاي نيوز عربية" فإن الجمعية بدأت خلال الفترة الماضية بتجميع شباب التنظيم لتبني استراتيجية جديدة، بهدف تنفيذ سلسلة من التظاهرات بغرض إثارة الفوضى، بالتزامن مع مخططات للعنف وعمليات إرهابية للعودة إلى المشهد السياسي في مصر.
aXA6IDMuMTIuMzYuNDUg جزيرة ام اند امز