«حزام الدم والولاء» ببوركينا فاسو.. تراوري يتحصن من «داء أفريقيا»
حين وصل إبراهيم تراوري إلى حكم بوركينا فاسو اعتقد كثيرون أن ذلك الضابط الذي سيطر على السلطة بدبابة لن يلبث أن يتركها بقوة أكبر.
لكن تراوري كان يدرك جيدا أن كاريزمته وحتى شعبيته لن يؤمنا له تحقيق هدفه المتمثل في أن يشكل طفرة حقيقية في الحكم بأفريقيا وأن يخيب آمال من يعتقدون أن سقوطه ليس سوى مسألة وقت، لذلك كان عليه السير على خطى أسلافه.
- بوركينا فاسو.. تراوري ينجو من فخ الانقلاب على الانقلاب
- إحباط محاولة انقلاب في بوركينا فاسو.. المؤامرات تتربص بالكابتن تراوري
ولتحصين دائرته، لم يشذ تراوري عن القاعدة التي يطبقها كل من يصل للحكم في القارة السمراء عبر انقلاب، ألا وهي تعيين أفراد من عائلته وأصدقائه المقربين وثلة ممن يثق فيهم بالمناصب السامية للدولة.
قد يعتقد البعض أن في ذلك محاصصة وفسادا، لكن بعين الانقلابيين في القارة السمراء ومؤيديهم، يعتبر هذا الإجراء بمثابة الحزام الذي يحيط به القائد نفسه لمنع الخيانات والانقلاب عليه.
وفيما يلي، تستعرض "العين الإخبارية" أبرز عناصر هذا الحزام الذي يحيط به تراوري نفسه، والذي يتكون من 4 شبكات: الأولى تضم الأقارب، والثانية الأصدقاء المخلصين لرئيس الفترة الانتقالية ممن عرفوا كيف يجدون مكانا لهم في قلب السلطة.
أما الشبكة الثالثة فتضم إعادة تعيين الوزراء المقربين من عشيرة تراوري، فيما تشمل الرابعة شخصيات من المجتمع المدني داخل الحكومة الانتقالية.
الشبكة العائلية:
يتصدرها قاسوم كوليبالي، وهو عم إبراهيم تراوري، ويتقلد منصب وزير الدفاع، وهذا التعيين لا يعتبر أيضا غريبا، فالضابط يخشى حدوث نفس السيناريو بانقلاب الجيش عليه، لذا يحاول تأمين نفسه بتعيين عمه وزيرا للدفاع.
أما رشيد كوليبالي، فهو ابن عم الرئيس الانتقالي، وقد عينه مديرا للإدارة العامة لمراسم الدولة.
ومن عائلته الصغيرة، يتخذ تراوري حاشيته ومستشاريه، من ذلك إخوته إنوسا وعمر وقاسوم، فيما تتقلد أخت زوجته آن مري جوزيف تراوري عضوية مكتب المجلس الانتقالي المسؤولة عن الشؤون الإدارية والمالية.
وفي الدائرة العائلية نفسها، عين تراوري ابن عمه كريم تراوري مديرا عاما لوكالة تعزيز ريادة الأعمال المجتمعية.
"الأصدقاء المخلصون":
ويتصدر هذه القائمة الكابتن مارثا سيليست أندرسون ميداح، وهو صديق طفولة إبراهيم تراوري، ولذلك عينه مدير مكتبه.
كما لم يغب صديقه عمرو يابري عن المناصب السامية للدولة، حيث يتقلد منصب مدير لوكالة الاستخبارات البوركينية.
أيضا يتقلد فاروق أزاريا سورغو منصب المتحدث باسم "الحركة الوطنية للحماية والاستعادة"، وهي النخبة أو المجلس العسكري الحاكم منذ انقلاب تراوري على الحكم، وترشح الرجل لهذا المنصب باعتباره من الأصدقاء المقربين للرئيس الانتقالي.
أما هرمان ياكوبا ناكامبو، فيقود الصندوق البوركيني للضمان الاجتماعي، في منصب تقلده أيضا نظرا لورود اسمه ضمن قائمة الموالين للرئيس الانتقالي.
إعادة تعيين وزراء:
استطاعت أميناتا زيبرو سابانيه أن تعود للحكومة البوركينية الانتقالية بمنصب وزيرة للتحول الرقمي، وهي المهام التي كانت تتقلدها سابقا، وذلك بفضل علاقتها الوثيقة بالرئيس الانتقالي.
شخصيات من المجتمع المدني:
أبرز الأسماء، أبولينار جواشيم كيلام دي تومبيلا، والذي عينه تراوري رئيسا للوزراء، إضافة إلى جون إيمانويل أويدراوغو، والذي يتقلد منصب وزير للإعلام، متحدث باسم الحكومة الانتقالية.
وبالقائمة أيضا وزير الوظيفة العمومية باسولما بازييه.
تحصين
وفي حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، رأى الجنرال الفرنسي دومينيك ترينكواند، أن التعيينات لأفراد الأسرة الحاكمة (المجلس العسكري) والأصدقاء المقربين في مناصب حكومية رئيسية تثير مخاوف.
ويقول ترينكواند إن المخاطر تتفاقم في ظل السياق الإقليمي الراهن الذي يتسم بالانقلابات المتعاقبة والتوترات المناهضة لفرنسا في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، فضلاً عن الوضع الأمني غير المستقر في منطقة الساحل..
وأضاف ترينكواند، الجنرال في الجيش الميداني الفرنسي الثاني التابع للأمم المتحدة، أن “هذه المحسوبية هي نتيجة لفشل الأنظمة السياسية السابقة في بوركينا فاسو“.
وأوضح أن “تلك التعيينات المبنية على صلات القرابة مع المجلس العسكري خلقت خيبات الأمل المرتبطة بهذه الأنظمة ومهدت الطريق أمام هذه المجالس العسكرية“، مشيراً إلى أنه هناك اعتقاد اليوم بأنهم أهون شرا مقارنة بأسلافهم".
وبحسب الخبير، فإنه على مستوى أكثر عملية، تسعى السلطة في بوركينا فاسو إلى تعزيز نفسها من خلال هذه الممارسات المحسوبية.
وقال إنه في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني، و الوضع الذي يتدهور يوما بعد يوم، فإن "الأشخاص الوحيدين الذين يمكن لهذه القوة أن تثق بهم هم العائلة والأصدقاء".