القاهرة تواجه "الزحام" بالتكنولوجيا.. هل تنجح في وقف إهدار المليارات؟
تحاول شركات ناشئة مواجهة التكدس المروري المزمنة بالعاصمة المصرية باستخدام التكنولوجيا، لوقف إهدار مليارات الدولارات سنويا.
وتعاني القاهرة، التي يبلغ عدد سكانها والمترددين عليها أكثر من 20 مليون نسمة من اختناقات حركة السير وتلوث المناخ بشكل مزمن، ما يهدر أكثر من 8 مليارات دولار سنويا بسبب التأخير وكلفة الوقود، بحسب البنك الدولي.
الحلول العادية لا تجدي
وحسب وكالة فرانس برس، تبدو المواصلات العامة بالعاصمة المصرية، التي تتكون من حافلات ملوثة للبيئة وفي حالة سيئة، و3 خطوط فقط للمترو، غير قادرة على حل هذه الفوضى المزمنة.
كما أن المشكلة المزمنة لا يستطيع معالجتها نظام المواصلات غير الرسمي مثل الميكروباصات والتوك التوك والتاكسي وأوبر أو حتى السيارات الشخصية التي تجوب العاصمة المصرية والتي لا يوجد إحصاء ذو مصداقية لعددها.
8 مليار دولار
لتوضيح حجم المشكلة، وآثارها الاقتصادية الكبيرة، نلقي الضوء علي بيانات النقل الدولي عن هذه الآثار.
وأفادت مذكرة للبنك الدولي، عام 2014، بأن 8 مليار دولار يتم إهدارها كل عام بسبب التأخير وتكلفة الوقود.
وبحسب البنك الدولي، كانت كلفة تلوث الهواء تمثل 1% من إجمالي الناتج القومي عام 2013 وتشكل "الاختناقات المرورية السبب الرئيسي للتلوث الناتج عن النقل".
يوم كامل
وقال الدكتور أسامة عقيل، المتخصص في نظم السير بجامعة القاهرة، إن " أزمة الحركة المرورية في القاهرة الكبرى تنعكس في متوسط السرعة في شوارعها الذي لا يزيد عن 10 كيلومترات في الساعة".
ويشير عقيل الى أن زمن الرحلة من مكان لآخر في العاصمة المصرية يمكن أن يتجاوز 90 دقيقة، أي أكثر من يوم كامل إذا أخذنا في الاعتبار أن أسبوع العمل خمسة أيام فقط.
ومن الرحلات المشتركة في السيارات الشخصية الى أوبر مرورا بالمعلومات المتعلقة بحالة حركة السير، توجد العديد من التطبيقات لمساعدة القاهريين على التنقل.
ولكن إزاء الوضع الفوضوي، فإن أي تجديد تكنولوجي محل ترحيب.
خريطة لوسائل المواصلات
ومن بين الشركات الناشئة الأكثر طموحا تلك التي ابتكرت تطبيقا يحمل اسم "مواصلات للقاهرة" بدأ مصمموه في رسم خريطة معمقة لخطوط سير وسائل المواصلات في المدينة.
وقال محمد حجازي مدير الشركة وأحد مؤسسيها لوكالة فرانس برس "برسم خريطة لحركة وسائل المواصلات في المدن الكبرى، وباستخدام هذه المعطيات للتخطيط مستقبلا نأمل أن يتم حسم الوضع".
وعلى الأرض، تقوم فرق تابعة للمشروع بحصر كل الرحلات الممكنة بين كل المناطق.
وأضاف حجازي "نعمل مع السلطات من أجل ادخال تغيير على نظام التنقل".
ويدعم البنك الدولي ووزارة النقل المصرية هذا المشروع الذي يهدف الى تخطيط خطوط سير وسائل المواصلات في القاهرة خلال "السنوات العشر أو العشرين المقبلة".
وأوضح حجازي، إن مشروعه يستهدف في مرحلة لاحقة ترقيم وتحليل المعطيات لخدمة "الهدف النهائي وهو تحويل كل المواصلات الى الطاقة النظيفة لتعمل كلها بالكهرباء".
"محفظة أجرة"
أما شركة "محفظة أجرة" فتركز على جانب آخر من مشكلة المواصلات، يتمثل في أن قرابة 500 مليون جنيه مصري (نحو 31 مليون دولار) يتم تداولها يوميا من خلال عملات صغيرة.
ويأمل خالد خليل، مؤسس هذه الشركة الناشئة البالغ من العمر ثلاثين عاما، في أن تساهم"محفظة أجرة" في إنجاز التحول الرقمي والاستغناء عن العملات الصغيرة "بحلول العام 2030".
وأضاف:" نعمل على أن يكون سداد تعريفة المواصلات أسهل".
وأوضح، أن الأموال السائلة باتت مصدر "خطر" لأنها يمكن أن تنقل الفيروسات مثل كورونا.
وتضع الشركة اعلانات على حافلات شركات النقل الجماعي وتستخدم حصيلة هذه الدعايات في خفض قيمة التعريفة التي يسددها الركاب إلكترونيا.
لمسة تجديد
وتؤكد شركة "تنك" الناشئة أنها أضافت لمسة تجديد في مجال الرحلات المشتركة في السيارات الشخصية.
وقال أحد مؤسسي "تنك" عادل المحروقي (38 سنة) "لقد حولنا الرحلات المشتركة الى مقابلات اجتماعية".
وتحاول الشركة الشابة المساعدة في الحد من عدد السيارات في الشوارع من خلال نظام تجميع نقاط، واستبدال نقود، أو وقود، بها من أجل تحفيز أصحاب السيارات على عدم القيام بالرحلة بمفردهم.
عاصمة جديدة
ومن أجل الحد من الاختناقات، قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي انشاء عاصمة ادارية جديدة شرق القاهرة.
وتنشئ السلطات جسوراً في مناطق عدة في القاهرة تهدد في بعض الأحيان بالتأثير سلبا على تراث المدينة المعماري.
ولكن عقبل يرى أن "الحل يكمن في تحسين وسائل المواصلات العامة".