القبض على البروتونات بأسرع كاميرا إلكترونية في العالم.. ما فائدة ذلك؟ (خاص)
بينما تم تكريم العلماء الذي أسسوا لعلم "الأتوثانية"، وهو مدى زمني أقل من "الفيمتوثانية"، وذلك بمنحهم جائزة نوبل في الفيزياء هذا العام، ذهب فريق بحثي أمريكي، إلى أن منهجية هذا الزمن، لم تكن لتصلح مع التجربة التي نجحوا خلالها في تتبع حركة ال
وتم نشر نتائج الفريق البحثي الأمريكي في دراسة نشرتها دورية "فيزيكال ريفيو ليترز".
والبروتون، هو جسيم دون ذري يوجد في نواة كل ذرة، وتؤدي عمليات نقله من جزىء إلى آخر، إلى تفاعلات لا تعد ولا تحصى في علم الأحياء والكيمياء، مثل الإنزيمات، التي تساعد على تحفيز التفاعلات الكيميائية الحيوية، كما أن حركته، ضرورية للميتوكوندريا، وهي مراكز الطاقة في الخلايا.
ويقول توماس وولف، رئيس قسم العلوم الكيميائية بمختبر المسرع الوطن بستانفور، التابع لوزارة الطاقة الأمريكية (سلاك) في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، إن " زمن الأتوثانية (مليار من مليار جزء من الثانية) قد لا يكون مفيدا في متابعة حركة البروتون، بينما نجحنا في توظيف كاميرا حيود الإلكترون فائق السرعة، الموجودة في المختبر لهذه المهمة، وهو ما حاولت فرق بحثية سابقه تنفيذه، لكنها لم تنجح في ذلك".
وتحدث عمليات نقل البروتون بسرعة فائقة، في غضون بضعة فمتوثانية، أي (جزء من مليون من مليار من الثانية)، ومن الصعب القبض عليها أثناء العمل، لكن رغم ذلك لم يكن من المفيد استخدام منهجية الأتو ثانية في تجربتنا، كما يؤكد وولف.
ماذا فعل وولف وفريقه؟
وفي تجارب سابقة، سعت فرق بحثية للتبع حركة البروتون، فأطلقت أشعة سينية على الجزيء، ثم تم استخدام الأشعة السينية المتناثرة للتعرف على بنية الجزيء أثناء تطوره، ولكن للأسف كانت الأشعة السينية تتفاعل فقط مع الإلكترونات، وليس مع النوى الذرية، لذلك لم تكن هذه الطريقة هي الأكثر حساسية لتتبع حركة البروتونات الموجودة في نواة كل ذرة.
ولحل تلك المشكلة، قام وولف وفريقه البحثي بتشغيل كاميرا حيود الإلكترون فائقة السرعة الموجودة في (سلاك)، واستخدموا الأمونيا في الطور الغازي، والتي تحتوي على ثلاث ذرات هيدروجين مرتبطة بذرة نيتروجين، وضرب الفريق البحثي الأمونيا بالأشعة فوق البنفسجية، مما أدى إلى تفكيك أو كسر إحدى روابط الهيدروجين والنيتروجين، ثم أطلقوا شعاعا من الإلكترونات من خلالها لالتقاط الإلكترونات المنحرفة.
ولم يلتقطوا إشارات من الهيدروجين المنفصل عن نواة النيتروجين فحسب، بل التقطوا أيضا التغيير المرتبط في بنية الجزيء، والأكثر من ذلك، أن الإلكترونات المتناثرة انطلقت بزوايا مختلفة، حتى تتمكن من فصل الإشارتين.
ويقول وولف إن: " وجود شيء حساس للإلكترونات وشيء حساس للنواة في نفس التجربة أمر مفيد للغاية، وإذا تمكنا من رؤية ما يحدث أولاً عندما تنفصل الذرة ، سواء كانت النوى أو الإلكترونات تقوم بالخطوة الأولى للانفصال، فيمكننا الإجابة على أسئلة حول كيفية حدوث تفاعلات التفكك."
وبهذه المعلومات، يمكن للعلماء أن يقتربوا من آلية نقل البروتون المراوغة، والتي يمكن أن تساعد في الإجابة على عدد لا يحصى من الأسئلة في الكيمياء والبيولوجيا.
لماذا لا تصلح منهجية "الأتو ثانية"؟
والتجربة بهذا التفصيل لا يصلح معها منهجية زمن الأتوثانية، كما يوضح وولف.
ويقول: "نحن نقوم بإثارة الجزيء بنبضة ليزر الفيمتو ثانية فوق البنفسجية ورصد استجابة الجزيء للإثارة بتأخير محدد عن طريق تشتيت نبضة إلكترون الفيمتو ثانية خارج الجزيء، ولتحريك هذه التجربة إلى دقة زمنية للأتو ثانية، يجب نقل هذين النوعين من النبضات من مدة الفيمتو ثانية إلى الأتو ثانية، وهذا غير ممكن".
وتابع: "كما أنه عادةً ما يكون لنبضات مضخة ليزر الأتو ثانية أطوال موجية مركزية في نظام الأشعة فوق البنفسجية القصوى إلى نظام الأشعة السينية الناعمة، ويؤدي امتصاص هذه الأطوال الموجية إلى حالات نشطة للغاية في جزيء مثل الأمونيا، وفي تجربتنا، أردنا التحقق من الحالات الأقل نشاطًا في الأمونيا، نظرا لأنها أكثر صلة بالمسائل المتعلقة بديناميكيات البروتون، لذا، فإن استخدام نبضة الأتوثانية كان من شأنه أن يجعل نتائج تجربتنا أقل أهمية بكثير في الكيمياء والبيولوجيا، كما أنه بسبب التنافر المتبادل بين الإلكترونات، من الصعب جدا جعل مسبار إلكترون الأتو ثانية ينبض".
دقة أقل من (البيكو ثانية)
ومن جانبه، يؤكد زينغو تشانغ، الباحث في مجال الليزر بقسم الفيزياء بجامعة سنترال فلوريدا، والذي لم يكن مشاركا بالدراسة، على أن نبضات الأتو ثانية هي نبضات فوتون، وليست نبضات إلكترون، كالتي تم استخدامها في العمل الجديد.
ويقول في تصريحات لـ "العين الإخبارية" إنه "من الصعب إنتاج نبضات إلكترون الأتوثانية، وفي هذه التجربة تم التوصل إلى دقة أقل من البيكو ثانية (وحدة للوقت تعادل جزء من تريليون جزء من الثانية أو واحدا على المليون من المليون من الثانية)، وهو النطاق الزمني للديناميكيات التي كانوا مهتمين بها".
ويشيد تشانغ بما نجحوا في التوصل إليه، بإستخدام كاميرا حيود الإلكترون عالية السرعة بمختبر التسريع الوطني، واصفا هذا المختبر بأنه أحد أفضل المختبرات بالعالم.
ويشير مارك فراكينغ، مدير معهد ماكس بورن للبصريات بألمانيا، هو الآخر بالقدرات الفائقة لهذا المختبر، قائلا في تصريحات عبر البريد الإلكتروني لـ "العين الإخبارية" إن"التجارب التي يمكنها تسجيل حيود الإلكترون فائق السرعة موجودة في العديد من المختبرات حول العالم، فعلى سبيل المثال، في قسم الأبحاث الخاص بي في معهد ماكس بورن، لدينا تجربة واحدة من هذا القبيل، لكن مع تم إنجازه في مختبر المسرع الوطني بستانفورد (سلاك) هو الأفضل حتى الآن، لأنه يعمل بأعلى طاقة لتسارع الإلكترون، فكلما زادت طاقة الإلكترونات، قلّت معاناة النبضات من الاتساع الزمني بسبب التنافر بين الإلكترونات".
وعن الجانب التطبيقي في هذا العمل، نعود إلى وولف، الذي أكد على أنه تطبيقاته تحتاج إلى "كاميرا إلكترونية" جديدة تتمتع بحساسية أفضل ودقة زمنية، مشيرا إلى أن فترات النبض الإلكتروني التي تقل عن 50 فيمتو ثانية، قد تكون كافية لقيام هذه الكاميرا بعملها.
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuMTY5IA== جزيرة ام اند امز